jo24_banner
jo24_banner

حروب لن تنتهي

صلاح ابو هنود
جو 24 :
لا يحتاج الأمر الى عبقرية لاكتشاف هذه الحقيقة ولكن لا بد من التأكيد عليها مرة تلو الأخرى لأنها ما زالت تملك في ثناياها بذورا لن تموت ولها امتداد تاريخي عجزت الأطراف المتصارعة عن وضع حد نهائي له.

واول هذه الحروب هي الحرب الكنعانية العربية مع بني اسرائيل ، ورغم مرور آلاف السنين على انطلاق شرارتها الى أنها كالجمرة تحت الرماد ما أن تنفخ عليها حتى تُزهر من جديد، وسمة هذه الحرب رغم كل المحاولات أن أطرافها يؤمنون بدواخلهم بالرغبة والإمكانية للقضاء على الآخر ماديا ومعنويا وثقافيا ولن تنتهي بغير نتيجة واحدة هي الفناء للطرف المهزوم، ولكل طرف من المسوغات العقائدية الدينية ما يبرر ويؤكد ذلك ففي العقيدة القتالية الأسرائيلية التي وضعها يوشع جملة تلخص العلاقة مع العدو وهي (ولا تترك منهم شاردا) اي قتل حتى من يفكر بالنجاة من الموت عبر الهروب.

وفي الطرف الآخر مقولة " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِيُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ، فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" وقياسا لا الهارب ولا المختبئ سينجو من الموت فكيف لمثل هكذا حرب أن تنتهي !!!

الحرب الثانية وهي حروب السنة والشيعة وتشعباتهم وفرقهم المتعددة وهي حرب لا تقبل بالآخر فهي مبنية على ثأر تاريخي بابعاد مختلفة منه القومي والقبلي والفقهي، ولها تراث تحتويه كتبهم الأرضية ما يكفي وزيادة ليبقي على جمرة هذه النار الى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا، وهذه الحروب ذات طبيعة متوحشة بطريقة قتل احفاد الرسول وإهانة وتشريد آل بيته مما اعطى اتباع الشيعة مبررا ودافعا ثأريا لا يزول ، فمثلا مع سقوط دولة بني أمية قام بنو العباس بنبش قبور بني أمية وحرق عظامهم فحتى انهيار حكمهم وموتهه لم يغفر لهم وما يحدث في العراق واليمن وسوريا الآن يذكرنا بوحشية هذا الصراع الذي عجزالزمن عن طمسه والغائه وهذه الجولة لن تنتهي الا كسابقاتها في التاريخ بالغلبة والقتل حد الفناء ولم تنجح عبر التاريخ كل محاولات التصالح فكيف ايضا لمثل هذه الحرب أن تنتهي !!!

أما الحرب الثالثة والتي انطلقت شرارتها فهي خلاصة كل حروب التاريخ سابقا ولاحقا من كافة النواحي الدينية والعسكرية والسياسية والثقافية وهذه الحرب هي التي ستضع حدا لكل الحروب في التاريخ البشري لسبب بسيط هو أنه لن يكون هناك بشر بعدها ، مع امتلاك البشرية لهذه الترسانة الهائلة من أسلحة الدمار الشامل وكثرة التعليقات والتهديدات كما نقرأ ونسمع" ان دولة تريد محو دولة من الوجود عسكريا".

ما يدفعني للإعتقاد بذلك هوسلوك داعش بنقل المعركة على مساحة الكرة الأرضية دون ضوابط من اي نوع وعجز العالم بكل تحالفته عن القضاء على هذه الظاهرة كما عجز عن القضاء على والدتها القاعدة سابقا ، وهي تتبع عقيدة عسكرية مخالفة لكل العقائد العسكرية التاريخية السابقة وهي التفجيرات الانتحارية التي يقوم بها أفراد رفضوا الحياة الحالية في سبيل حياة موعودة في عالم الغيب وهذا فكر يستحيل هزيمته ويلاقي رواجا في شباب أمة هي ثلث العالم.

داعش في مرحلة الان لا يهمهم خسارة موقع هنا او مدينة هناك وهي الان تتنقل عبر العالم ولا يهمها الارض التي تنفجر فيها احزمتها ما دامت ترى فيها أرضا لا تستحق الا الدمار والموت لكل من عليها.

داعش الحالية ستنتهي عاجلا او آجلا ولكنها نجحت في زرع الرعب في هذا العالم وأنجبت عقيدة عسكرية فريدة هي الانتحار وهذه العقيدة ستدفع العالم نفسه الى الانتحار فكيف لمثل هذه الحرب أن تنتهي !!!

الامل الوحيد هو في عودة العالم الى صوابه وأول ذلك هو في حل الصراع الذي ذكرته في بداية المقال ولا أظن أن العالم بقادر على فرض شيء على بني اسرائيل وأختم هذا المقال بتقرير ان العالم سيغرق في فوضى لا نهاية لها الا بإقامة العدل في كل الأرض وهذا هو آخر المستحيلات.
 
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير