jo24_banner
jo24_banner

الإنقسام الأسود

صلاح ابو هنود
جو 24 : لم أكن أريد أن أكتب في مسألة الإنقسام الفلسطيني قبل هذه المرة، فأنا أعرف أن الإنقسام والتضداد من طبيعة الخلق ولهذا تكتسب فكرة التوحيد أهميتها، وعبر العصور في الزمان والمكان والإرث الثقافي للبشرية لا توجد شواهد تدل على وحدة مطلقة حدثت في حياة الخلق منذ خلق آدم في الجنة وحتى الخلود الأخير.

لكنني لا استطيع تقبل حالة الإنقسام الفلسطيني منذ وعد بلفور وحتى الآن فبعد بروز فكرة تقسيم الأرض بدأ العمل على تقسيم السكان فظهرت في حياتهم ظواهر غريبة مثل فلاح ومدني، تلته انقسامات في البندقية بين الفصائل التي ظهرت للدفاع عن فلسطين، ومع تطور الصراع برزت الإنقسامات السياسية الفلسطينية وانقسام الناس (حسيني ونشاشيبي) وبدأ الشتات الفكري الذي انتهى بظهور دولة اسرائيل وتقطيع أوصال فلسطين.

تقسيم فلسطين أرضا وشعبا كانت نتائجه وخيمة عبر كل مراحل الصراع ولم نشهد حالة اجماع واحدة بين قيادات وزعامات فلسطين على أمر جامع في الداخل والشتات، ورغم نشوء منظمة التحرير الفلسطينية لتوحيد جهود الفلسطيني من أجل تحرير فلسطين إلا أن ظاهرة الإنقسام بقيت على حالها باستثناء توحيد الإنقسامات ضمن إطار واحد وعنوان متوحد شكلا لا مضمونا وساهم هذا في خسارات تاريخية مع اسرائيل أولا والدول الحاضنة لفصائل منظمة التحرير.

منذ اتفاق اوسلوا وما تلاه من ملحقات وعودة بعض الفلسطينين الى الأراضي المحتلة برزت ظاهرة انقسام قادها المعارضون لهذا الإتفاق وعلى راسهم جماعة الإخوان المسلمين التي أنشأت لنفسها ميلشيا خاصة واسم خاص وبدأ الصراع يأخذ منحى مختلفا بين الفصائل على الحكم وكيفية إدارة الصراع مع اسرائيل سياسيا وعسكريا، وتغير المصطلح بين المخرّب سابقا والإرهابي لاحقا وسال الدم بين أهل المأساة مما أدى الى المزيد من الخسائر والضحايا في كل الجوانب دون حسم الأمور لصالح طرف دون آخر واصبحت حياة الفلسطيني على أرضه بين جحيم العدو وعداء الأخوة.

الآن وقد أوشكت اسرائيل على ابتلاع فلسطين بأكملها للإنطلاق الى مرحلة لاحقة بعدها ارى من الضرورة القصوى أن تنهي الفصائل الفلسطينية انقسامها وتتوحد لتقف سدّا منيعا في وجه هبوب رياح السموم الصهيونية وهم بوحدتهم الآن "إن خلُصت النوايا" قادرون على حفظ بلادهم وتقديم خدمة جليلة للشعوب العربية التي حلمت بالوحدة من أجل فلسطين وفشلت، فعلى الفلسطينين أن يتوحدوا في مواجهة اسرائيل لعل وعسى أن يمنع ذلك تقسيم جسد الأمة وتسترجع الشعوب العربية قدرتها على تقرير مصيرها وتتوحد في كيان سياسي ولو على طريقة الإتحاد الأوروبي وتمنع عن نفسها خطر الوقوع في هاوية التاريخ.

لا يوجد مبرر مقنع لعدم تحقيق المصالحة سوى خضوع قيادات الأجنحة المتصارعة لقوى اقليمية وعالمية وأجندتها والإدعاء بانها وطنية أو دينية وكلاهما من ذلك براء.

مطلوب من قيادة فتح وحماس تخصيصا وباقي الفصائل أن تعلن توبتها أمام الشعب الفلسطيني عما فعلت به بشرا وأرضا وتحقيق وحدته الوطنية على قاعدة الحرية والديمقراطية وبذل كل الجهود من أجل استعادة حقوقه المسلوبة.

التاريخ في الحياة الدنيا لن يرحمكم إن بقيتم على هذا العناد والإسكتبار وسيكون دين عذابات الشعب الفلسطيني وشهدائه وأسراه دينا في أعناقكم يوم الحساب وسيعرف الشعب أن من ساهم في ضياع بلاده وحقوق اهلها هم قادته الذين كان من المفترض أن يكونوا أشد الناس حرصا عليها.

إن قضية سرقة فلسطين قضية حق عالمية بامتياز ولا يكون معها الا من كان من الشرفاء الأوفياء، ومن يفرط في هذا الحق ولو مثقال ذرة هو في الخسران المبين.
اللهم اشهد أني قد بلّغت
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير