jo24_banner
jo24_banner

اسرائيل وداعش وايران

صلاح ابو هنود
جو 24 : قبل الدخول في هذا المقال أود أن أتذكر فيلما شاهدته، ونحن في مرحلة الدراسة الجامعية، بشغف كبير ولعدة مرات وما زالت معظم مشاهده وموسيقاه عالقة في الذهن منذ ذلك الوقت، والفيلم هو "الطيب والشرس والقبيح" وهو فيلم سباغيتي وسترن إيطالي صدر في 1966 من إخراج سرجيو ليون وبطولة كلينت إيستوود، ‌لي فان كليف، ‌إيلاي والاك بدور الطيب والشرس والقبيح على التوالي.
وسأدخل في صلب الفكرة وهو تهديد واخافة الأردن الرسمي والشعبي بمعنى تهديد الكيان الأردني من كل طرف من الأسماء المذكورة في العنوان الرئيس للمقال .
كلنا نعرف أن الأردن هو الثمرة الوحيدة الباقية من الثورة أو النهضة العربية الكبرى التي رفضت منح فلسطين للوطن القومي اليهودي وقد دفع الهاشميون مقابل ذلك ثمنا كبيرا بدءً من نفي الشريف حسين وصولا الى ما حدث في الشام وإخراج الملك الأول صانع دستورها منها وبداية سلسلة الإنقلابات إلى انقلاب حافظ الآسد وخروج سوريا من الحكم النيابي الديمقراطي الى الحكم العسكري، ثم تلا ذلك الكارثة التراجيدية الرهيبة التي حدثت بمملكة العراق وسحل الهاشميين بطريقة ابشع مما فعل يزيد بن معاوية في أسلافهم، ولم يبق من إرث الثورة الكبرى سوى الكيان الأردني الذي لولا حكمة الملك المؤسس ومن ورثوا الحكم من بعده والتفاف الناس حولهم لما بقي على قيد الحياة بعد فشل كل محاولات الإنقلابات في فترة حكم الملك الراحل الحسين بن طلال.
ظلت الأطماع الصهيونية في الأردن مثل جمرة تحت الرماد، تنتظر من يملك القدرة على النفخ لتزهر وتحرق، ورغم توقيع معاهدة السلام مع اسرائيل فلم تتوقف هذه الأطماع بل وتزداد الآن حدتها في ظل سيطرة اليمين المتطرف وما رقصة المطار الأخيرة بدلالتها واشكال راقصيها سوى تعبير دقيق عن عقلية التطرف الإسرائيلي واحلامه في الضفة الثانية للنهر الذي نتكنّى به.
الخطر الثاني الذي يهدد ويتوعد الأردن هو تنظيم داعش والذي لا يقل خطورة عن التهديد الإسرائيلي، والإثنان يشتركان في العقلية المجرمة نفسها التي لا تتورع عن ارتكاب أي شيء، وما حرق الشهيد الطيار معاذ الكساسبة الا تعبير رمزي عن نيتهم تجاه الأردن بمعنى حرق الأردن ثم الإستيلاء عليه.
المفاجأة الكبيرة جاءت قبل أيام من قاسم سليماني، وإن لم تأت بقوة حجم تصريحات اليمين الإسرائيلي وداعش، وتم نفيها بالطريقة نفسها التي نفت فيها اسرائيل تصريحات قائد المنطقة العسكرية الوسطى حين صرح أن (الملك عبد الله الثاني هو آخر ملوك الأردن) وهي أن هناك قوى مؤيدة لها في الأردن تستطيع بواسطتها التحكم به على طريقة لبنان وسوريا والعراق واليمن وفلسطين.
ايران تستخدم فيلق القدس الذي يرأسه سليماني في كل منطقة تنوي التدخل بها وهو مؤيد من المرجعية الدينية العليا، وتدخله لا يثير ساسة العالم ودولها باعتباره ليس جيشا نظاميا يتعامل معه العالم على أنه قوة احتلال تحتاج الى قرارات من مجلس الأمن، وإن كان عمليا يقوم بالفعل نفسه ويمد السياسة الإيرانية بورقة قوية للتدخل والسيطرة في الدول العربية التي تمنحها أجزاء من شعوبها موطئ قدم.
إن تصريحات قاسم سليماني يجب أن تؤخذ على مأخذ الجد لسبب بسيط هو ان ايران بما تملك من قوة في كافة المجالات قادرة على تحقيق أهدافها كما حدث في العراق وسوريا ولبنان واليمن وهي من دفع بالسعودية للدخول في عمل عسكري مباشر في اليمن الذي يهدد وضعه الحالي الأمن والاستقرار الخليجي، وهو صراع بات مفتوحا على كل الإحتمالات اقليميا ودوليا.
وغم اختلاف الأطراف الثلاث المذكورة بالعنوان عقائديا، وتفاوت قواهم العسكرية، إلا أنهم متفقون على هدف واحد هو النيل من الأردن كلّ بطريقته.
صحيح أن الأردن بلد صغيرمحاط بالمصاعب من كافة الأنحاء، ولكنه عصي على الشطب، لا بما يملك من مال وقوة اقتصادية، ولكن بالتحام شعبه وجيشه وهذا ما اثبتت صحته تجارب الأردن السابقة سياسيا وعسكريا.
الذي يجب أخذه بعين الإعتبار وبشكل جدي، أن الشعب في الأردن منهك بأعباء الحياة ومتطلباتها، ولا أمل عنده في تغير مستوى حياته في المنظور القريب حسب السياسات الحكومية وثقل المديونية وقضايا اجتماعية معقدة أدت الى ظهور عصابات اجرامية في الأردن تعتدي على الناس وممتلكاتهم بطرق مافيوية هدفها جمع المال وهي مستعدة لتأجير نفسها لمن يدفع اكثر، وقادرة على تخريب الأمن والسلم الأهلي، ويضاف الى ذلك اصحاب الأجندات الخارجية بين ظهرانينا الذين يحملون الورود في انتظار وصول العدو القادم والطامع بتقرير مصيرنا على طريقته.
والنقطة الثانية والأخطر هي جشع التجار المبالغ فيه، وارتفاع الأسعار الجنوني، وارهاق المواطن في لقمة عيشه، وهنا أناشد هيئاتهم وتنظيماتهم المتعددة ، بالمبادرة باتخاذ موقف وطني سيذكره التاريخ لهم بالقبول بالحد الأدنى من الربح الذي يضمن بقاءهم ويخفف أعباء الحياة على الناس، مما سيعطي الأردنيين صلابة مقترنة مع نخوتهم ومروءتهم المعتادة ، وأن يكون الجميع مع الوطن والجيش سدا منيعا في وجه الريح الخبيثة التي خططت ومستعدة لتفيذ مخططها في الإنقضاض على الثمرة الوحيدة الباقية من جهد أحرار العرب قبل قرن من الزمن، ويكون هذا القطاع هو الطيب ويترك للجيش والشعب مهمة التصدي للشرس والقبيح، فالأردن جدير بالتضحية من أجله وهو سوار الأقصى الذي تستعد اسرائيل بحكومتها الجديدة لتنفيذ مخططاتها فيه، والشرارة على وشك الإنطلاق.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير