jo24_banner
jo24_banner

طوفان لبنان

صلاح ابو هنود
جو 24 :

منذ انطلقت شرارة الحرب الأهلية اللبنانية في السبعينات من القرن الماضي أصبح لبنان بلا أبواب تصد عنه الرياح العاتية وتخلّى عن دوره الذي أداه بمهارة في ان يكون منارة الشرق فكرا وثقافة وفنا وحريه سياسيه تحميها روح التعايش السلمي بين مكونّاته وتتشكل ادوار اللاعبين فيه عبر ديقراطية متفق على جوهرها وإن اختلف اللاعبون.


فتحت الحرب الأهلية وتعقيدات الوجود المسلح الفلسطيني الأبواب في لبنان على كل الاحتمالات والتدخلات العربية والغير عربية حتى توقيع اتفاق الطائف والذي اعطى سوريا دورا كبيرا في لبنان برضى من كل الأطراف تقريبا باستثناء ياسر عرفات الذي أحس بأنه سيدفع ثمنا باهظا مقابل الوجود السوري وقد حصل ذلك وخرجت المقاومة الفلسطينية من لبنان بحرب كارثية بكل المقاييس ، وهنا بدأ السوري بتغيير الواقع اللبناني الى وجود على مقاسه وضمن شروطه ومواصفاته من أصغر شأن لبناني الى تهريب المخدرات ، الذي راح ضحيتها الأبن الأكبر لحافظ الأسد والذي كان يعده اعدادا سياسيا وعسكريا واجتماعيا لخلافته ،.ولم يكن ابنه بشار في حساباته آنذاك فمات باسل وبدأ الأب يعاني المرض والكآبة الى ان توفي محاولا قدر الإمكان كسب رضى أركان الحكم وتصفية من قد يرفض لعدم الإعتراض على بشار، ولسوء حظه لم يتسنى له إعداد بشار اعدادا مناسبا لخلافته ولكن طبيعة القوى المتحالفة مع الأسد الأب والمؤسسات العسكريه والأمنية التي بناها بحيث تكون كل مؤسسة كيانا قائما بذاته له مصالحه وارتباطاته وجنده بشكل منفصل عن اي جهاز آخر وبدون تنسيق معه جعلت الأسد الأب يثق أن بشار سيكون قادرا على أداء المهة حتى ينضج العسكري العنيف ماهر وحليفه آصف شوكت ليتسلم مهام حكم سوريا الى الأبد لصالح عائلة الأسد،
هذا ما ورث الأبن دولة استبداية محكومة بعدد من المصالح المتشعبة بين أركانها والفساد المالي وإلإداري ، في هذه المرحلة بدأ التململ اللبناني للخروج من السيطرة السورية عبر قوى سياسية ساءها التصرفات السورية المتحكمة بكل شأن لبناني من قرار من هو رئيس جمهورية لبنان او ريئس وزرائه الى موظف مياومة في احدى المصالح اللبناينة كل ذلك عبر حاكم عسكري سوري وأزلامه في لبنان.


كان على بشار ان يجد له قوة بديلة في لبنان تكون قادرة على حفظ مصلحة سورية، فإن كان الأب وجد في ايران مصلحة كبيرة له وخرج على اهداف حزب البعث القومي الذي أوصله لسدة الحكم وتحالف معها ضد الجناح الآخر للحزب بقيادة صدام حسين فإن بشار وأركان حكمه رأوا في حزب الله اللبناني ما يشكل امتدادا موثوقا لإيران وقوة رئيسة داخل لبنان اكثر أهمية من التواجد العسكري السوري ، وتم تزويده بكل الأسباب المادية والسياسية والعسكرية والدعائية بحجة المقاومة والممانعة ليقوم بدوره حين الطلب وكما أوكل للقائد المعمعم مهة تشييع ما استطاع من الطائفة العلوية في سوريا وبذلك تنسجم المعادلة الإيرانية السورية اللبنانية بكل جوانبها.


كان ما كان بعد مقتل الحريري وانقلاب المعادلة لصالح المعادين للوجود السوري في لبنان ولم يعجب ذلك سوريا فكان لا بد لحزب الله ان يتدخل بعد هذا الاستعراض الكبير لقوته وقدراته القتالية ويعيد الأ مور الى نصابها فكان ان نجح في ذلك وصار يتحكم بالقرار تعطيلا او تمريرا وصار لبنان اسير مصالح حزب الله وأمل وهي بالتأكيد ليست لبنانية الا في الجغرافيا.


أما وقد بلغ الأمر مداه في سوريا وأوشك نظام بشار بعد كل هذه المجازر والعنف على الإنهيار فلا بد من إغراق المنطقة بطوفان كبير من لبنان باقتتال ظاهره الموقف مما يحدث في سوريا وباطنه فتنة طائفية بغيضة ستأكل الأخضر واليابس في لبنان والمنطقة وتشعل فتيل حرب كبيرة ستطال الجميع ، فسيتدخل العالم لحماية المسيحين في لبنان وخطر استعمال السلاح الكيماوي بضربة عنيفة عبر الأطلسي مما يدفع حزب الله للرد داخل اسرائيل والرد الإسرائيلي على ذلك والى أي مدى يمكن ان يصل، وهكذا سيتطاير الشرر في كل الإتجاهات وتشتعل الحرائق.


حين اعلن حسن نصر الله في خطابه الأخير ان تصرفات آل مقداد وحلفائهم في لبنان ستخرج عن نطاق سيطرة حزب الله وأمل متناسيا أن هذه العائلات هي مكونات رئيسية في حزب الله وقيادتها تخوض الإنتخابات على قوائمه وتتبوأ مناصب قيادية فيه فإنما أراد التنصل سياسيا من تبعات الموقف لكنه في الواقع متورط حتى أذنيه.


ان استعمال ابناء الطائفة العلوية الذين جاء بهم الأب الى لبنان وحزب الله الذي مدّه بشار مع ايران بكل اسباب القوة والمنعة سيكونان الموجة الأولى في الطوفان الذي سيغرق المنطقة من أجل ابقاء نظام قاتل ويسفك الدماء لا فرق في ذلك بين كبير وصغير أو ذكر وانثى 
إن لعبة النظام في سوريا مصممة على اغراق المنطقة في وحل يصعب الخروج منه دون كلفة باهظة من جميع الأطراف ويهمنا في هذا الأمر كيف ستتصرف عمّان للخروج من الدائرة المغلقة بدون خسائر.


صلاح أبو هنّود

تابعو الأردن 24 على google news