jo24_banner
jo24_banner

الاختراق الإسرائيلي..

د. احمد نوفل
جو 24 : نقلت «السبيل» والصحف الأردنية عن صحيفة هآرتس (أي الأرض) عن المحلل السياسي الإسرائيلي «تسفي برئيل» قوله: «تل أبيب تعتبر قرار مرسي بإقالة طنطاوي أخطر من النووي الإيراني»، «وأن تل أبيب تشعر بالضياع والفزع بسبب إقالة المشير». وقد احتلت الإقالة العناوين الرئيسة في الصحف العبرية التي تساءلت: «مع من سنتحدث؟ من سيقاتل من أجلنا في سيناء؟ مع من سندير السياسات اعتباراً من الآن؟»
وقال برئيل في مقالته التي نشرت بتاريخ 16/8: «إن هذا هو نفس الشعور الذي ساد إسرائيل بعد قيام حكومة أردوغان باستبعاد القيادات العسكرية وإبعادها عن السياسة وأوقف الجنرالات الذين كانوا حافظي أسرار إسرائيل»، وأضاف: «إن إسرائيل تجد صعوبة في قبول حقيقة أن تركيا ومصر انتقلتا من نظام حكم عسكري إلى نظام حكم مدني. لأنها ظنت أن السياسة التي طالما انتهجتها مع قيادات الجيشين المصري والتركي كانت أبدية. وأن نظام الجنرالات في حاجة إليها سواء بسبب علاقاتها مع الولايات المتحدة أو المصالح الأمنية المشتركة».
وأشار المقال إلى أنه «رغم صعود حكومة دينية لسدة الحكم في تركيا سنة96 كان الجيش التركي يحتفظ بالحق في الحسم وتحقيق التوازن أمام الإسلام السياسي»، وأشار إلى مصر فقال: «إن الجانب الأمني للسلام ضمن العلاقات مع مصر دون أدنى نظر للرأي العام في مصر، فالمهم أن مبارك وجيشه كانا معنا وهذا يكفينا».
وقال: «إن إسرائيل ستجد صعوبة كبيرة في التحدث مع مجتمعات مدنية فإسرائيل تفضل المجتمعات العسكرية التي لا تشعر بانفعال حيال انتهاك حقوق الإنسان، وتستغل مصطلح الإرهاب، وتسخر من السذج الذين يظنون غير ذلك» ثم أشارت الصحيفة إلى «الحظْر» الإسرائيلي على نشر قوات في سيناء..»الخ، «وأن مصر تحتاج إلى إدخال تعديلات على معاهدة كامب ديفيد لضمان سيادة مصرية كاملة على سيناء»، ونبدأ تعليقنا من النقطة الأخيرة والخداع الذي مورس على الجماهير المصرية والعربية أن سيناء عادت مصرية وعودة السيادة المصرية عليها، وإذ به كله أوهام وسراب وإن التحكم الإسرائيلي في سيناء مطلق!
نعود إلى النقول المطولة نحاول تفكيكها وفهمها. بدءاً من هيمنة طنطاوي على مصر وتحكمه في مجرياتها قبل الإطاحة به وتقليص صلاحيات الرئيس المنتخب دون أن يحتج أعضاء المحكمة الدستورية الذين أثاروا «الفزعة» على مرسي لإعادة مجلس نواب منتخب، هم بأعيانهم الذين صمتوا صمت القبور على تقليص صلاحيات رئيس منتخب لأن المحكمة الدستورية في مصر وتركيا جزء من اللعبة المحبوكة في خدمة «إسرائيل» ودعم حكم العسكر الذين يخدمون بدورهم إسرائيل. وأن المبالغة في تمجيد الجيش المصري وأن انتقاده خط أحمر، وأن الجيش رمز مصر، وأن.. كل هذا كان جزءاً من هالة يراد نشرها فوق سجل الخيانة من قبل بعض القيادات، وأن «الجيش» كان يختزل في زمرة العملاء. والسؤال الذي كان يحير العقلاء لماذا طنطاوي وقد وهن العظم منه وانحنى الظهر وسقطت الأسنان يبقى على رأس الجيش ورأس البلد والضباط في العادة يتقاعدون في قمة العطاء في الأربعين، وكان ذلك يبرر بأن الخدمة العسكرية شاقة وخطرة! ولذا فإن التقاعد فيها في سن مبكر! فلماذا طنطاوي ورجلاه في القبر وقد انحنى الظهر وأكل عليه الدهر يستمر في الموقع إلى آخر الدهر؟
والآن نعود إلى مقال هآرتس واعتبار برئيل أن إقالة طنطاوي أخطر من النووي الإيراني. وأقارن بين هذا وكلام صحفي عربي في «البي بي سي» في برنامج سبعة أيام يوم السبت 18/8 يقول: إقالة طنطاوي أقل من عادية فلماذا تثار حولها الضجة؟ وطنطاوي أصلاً مريض وكبر سنه فما العجب أن يكون هو طلب الإعفاء؟ وهو كلام أبعد ما يكون عن الصحة، ولا يخفى على القائل أنه يغالط.. وهو قطعاً يعلم موقف إسرائيل التي أوقفت الكلام عن الملف الإيراني بعد صدمة طنطاوي- عنان! وكيف أن الإعلام العربي في جزء كبير منه مسيّس غير حِرفي ولا موضوعي ولا إعلامي ولا محايد.
ونعود إلى كون طنطاوي المومياء أخطر من نووي إيران أعني تغييبه عن مسرح مصر. هذا يؤكد أن حراس إسرائيل وأدواتها أخطر من جيوشها. وأنه لولا وجود هؤلاء الحراس ما كان لإسرائيل وجود أو لكان وجودها مهدداً.. في هذا الوجود!
وأشهد وتشهد الدنيا أن هذه الدولة المسخ فنانة في تسخير كل دول الأرض في خدمتها. وإذا كانت إسرائيل استطاعت أن تخترق سياج الأوطان وهو الجيش فإن الوطن يصبح مشاعاً بعد ذلك تعبث فيه أيدي المجرمين كما تشاء!
والسؤال المحير: كيف استطاعت إسرائيل أن تخترق الجيوش؟ هل السياسيون مهدوا الطريق للعسكريين؟ أم العسكريون يتحكمون في السياسيين لينصاعوا لإسرائيل كما في تجربة تركيا؟ أم أن لكل بلد ظروفه وخصوصيته؟ وهل الاختراق أصلاً قضية مسلمة قبل أن ينبني عليها مقولات أخرى وأحكاماً؟ أما أنه مسلّم، فتجربة تركيا شاهد كيف أن رئيس الأركان كان يذهب إلى إسرائيل لتلقي التعليمات دون استشارة السياسيين المسؤولين نظرياً عن الدولة وجيشها! ولو لم يكن الاختراق هو الواقع فما معنى قول «تفي برئيل»: مع من سنتحدث؟ من سيقاتل من أجلنا في سيناء؟ مع من سندير السياسات (في مصر) اعتباراً من الآن؟
فالاختراق فيما أرى أمر فوق المكابرة فيه والمماحكة حوله، أعني أنه ثابت بالقطع. وتوصيات إسرائيل كانت وأمريكا كذلك بالحرص على الحفاظ على تقليص صلاحيات الرئيس! وبقاء المجلس العسكري!
ما معنى قولهم: «من سيقاتل من أجلنا في سيناء»؟ هل كلمة أصرح من هذه ليرى من له عيون؟ هكذا يصل الولاء بهؤلاء لإسرائيل، وهكذا يكون الاختراق وحجم هذا الاختراق أن يقاتلوا من أجل إسرائيل! ألم يقل القرآن عن نظرائهم المنافقين كيف يقولون لليهود: «ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصركم..» هكذا بصريح العبارة سنقاتل من يقاتلونكم، ولا نطيق العيش في المدينة بعدكم. هذا والنفاق فطير، فكيف بعد أن نضج وتمأسس ونظر له وتدعمه قوى دولية؟! هذا والنبي يقود المركب والوحي يتنزل فكيف الآن مع كل المفارقات؟!
وسياسات البلد ترسم بما يخدم مصالح إسرائيل. بدءاً من إثارة النعرات على طريقة محطة الفراعين وموقفها من أحداث الشغب وقت المباراة مع الجزائر وكيف تطاولت على الشعب الجزائري، وظلت تغري العداوة والبغضاء بين المصريين والجزائريين.. إلى السياسة الإعلامية المعادية للإسلام على طول الخط.. إلى سياسة التعليم التجهيلي، إلى سياسة شل قدرة العالم العربي، إلى سياسة التبعية لأمريكا والغرب، وراجع كل ما كان يقوم به مبارك والسياسات التي كان يسير فيها تجد خدمة إسرائيل أجندة خفية في كل عروق سياسته. وقد كان ينبغي أن تحاكم هذه السياسات لا أن يكتفى بتهمة هل أمر مبارك بقتل المتظاهرين أم لم يأمر؟ السياسات أخطر من كل شيء. هل تذكرون تدمير زراعة مصر على يد يوسف والي؟ هل تذكرون إهمال موضوع النيل والعلاقات مع أفريقيا؟ هل تذكرون سياسة القطيعة مع العالم العربي؟ هل تذكرون كيف كانت مصر طرفاً في كل خذلان للعالم العربي وتخل من العالم العربي عن قضاياه وكانت وراء تدمير العراق والحرب على غزة وشل قدرة الجامعة العربية حتى على مجرد الالتئام؟
من يراجع سياسات مبارك في ضوء كلمة هذا الصهيوني يفهم كثيراً مما كان يجري، وكنا ننبه إليه في حينه في عشرات المقالات، والآن يتضح كثير من الأشياء بأثر رجعي! كيف دعمت حركة جون قرنق من عدة دول من العالم العربي على رأسها مصر! وهل يغيب عن البال سياسة تتفيه الفن وما عادل إمام إلا نموذج صارخ للهجوم على الإسلام! والسؤال الآن كيف تم اختراق الجيوش؟
هل لعبت الدورات إلى أمريكا دوراً في الإسقاط والتجنيد؟ وقد تم تجنيد «جون قرنق» سيء الذكر عن طريق بعثة إلى أمريكا أرسله فيها الجيش السوداني وهناك تم تجنيده للموساد والسي آي أيه. وقد حدثني ضابط من بلد عربي عن دورة عسكرية حضرها وفي نهاية الدورة مسيرة لمدة ثلاثة أيام بلياليهن في الغابات كل ضابط معه ضابطة أمريكية في تقرير نهاية الدورة عن «التكيف الاجتماعي» وقال إن المعتمد لا المعلومات العسكرية وإنما التكيف الاجتماعي، وكيف ادعت الضابطة التشنج العضلي، فلما لم يبد اهتماماً قامت كأنما نشطت من عقال كما يقال!
هل يجندوهم من خلال خلاياهم التي تم تجنيدها من قبل بأي الطرق؟
وإذا وصل الحال بأن تجند إسرائيل وزيراً للإعلام اللبناني مثل ميشيل سماحة وجندت من حزب الله من أسهم في قتل عماد مغنية بالإضافة إلى آصف شوكت! إنهم لا ييأسون من أحد ولا يعتبرون أحداً فوق المساومة والبيع والشراء. ولقد جندوا من المحيطين بعرفات من دس له السم.. ومن القيادات السياسية من تواطأ، وقلت في مقالاتي من اليوم الأول وقبل موت عرفات إنه قد تم تسميمه وقد دس له السم من المحيطين وهناك من يغطيهم من السياسيين!
هل يجندون في حفلات الأنس التي تنظم أثناء الزيارات لإسرائيل، وقد كان أحد كبار الضباط المصريين ولا أريد أن أسميه، وهذا ما قاله الإسرائيليون كانوا يرسلونه إلى الأماكن التي يريد..
وقد تكلم جوليو أندريوتي رئيس وزراء إيطاليا في مذكراته عن كثير من السقطات لكثير من القيادات.. كانت تصور وتوثق..
هذا الموضوع الخطير لا بد أن يثار لنفهم كيف كانت الأمور تدار.. ولا بد من عود لاختراق الموساد للأسوار!

(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير