jo24_banner
jo24_banner

هل تريد إيران أن تكون «إسرائيل» ثانية؟

د. احمد نوفل
جو 24 : 1- عود إلى دور إيران في العراق
تكلمت في حلقة سابقة عن دور إيران في العالمين العربي والإسلامي، وأن تجربتنا معها في العقود الثلاثة الأخيرة ليست جيدة. فهي وإن تظاهرت بالمعاداة للصهيونية ولأمريكا، فإننا في الباطن لم نطمئن، بل وجدناها تتآمر مع أمريكا، وحتى الآن لم نر لها تنسيقاً مع «إسرائيل»، لكننا نخشى من مقبلات الأيام. والذي ينسق مع أمريكا ما يمنعه أن ينسق مع «إسرائيل»، والأيام بيننا، وأخشى أن تجر معها حزب الله إلى هذا المستنقع!
لكن نقف الآن قليلاً ومرة أخرى عند موقف إيران من العراق ودورها القذر في تدمير العراق، فأولاً جرى تضخيم مظالم صدام وشيطنته؛ من أجل تمرير العمالة لأمريكا، وتمرير ضرب العراق.
وحتى الآن فإن أحسن تغطية لإجرام المالكي وعصابته أن يقال: أين كنا في عهد صدام وأين نحن الآن في عهد الحريات والديمقراطية وحرية الرأي والبرلمان والمجالس والمؤسسات واللاطائفية!
وكل هذا زيف وكذب وتضليل! فما ضَخَّم المظالم إلا عهدهم، ولا قضى على الحريات أحد مثلهم، ولا نشر الفساد والطائفية إلا ملاليهم!
ولست علم الله أكتب تحريضاً فهذا آخر ما يخطر ببالي، أو لأهيئ الأجواء لمزيد من التصعيد الطائفي، فهذا مقتل لنا جميعاً، إنما أكتب لنفهم ولنشخص الواقع، ولندرك أبعاد ما يجري ويدور.
إن ما فعلته إيران بالعراق هو نموذج لما يمكن أن تفعله بباقي البلدان أو في باقي البلدان، وكان يمكن لإيران أن تجند من شيعتها شخصاً مقبولاً لا المالكي العميل المزدوج الفاسد المفسد الطائفي اللئيم. هذا الرجل افتعل أزمات مع السنة العرب ومع الأكراد ودخل بالعراق في أزمات متوالية، فلماذا تلتقي أمريكا وإيران على مثل هذا الشخص إلا لأنه يريد تخريب العراق.
والآن إيران تهدد على لسان المالكي بحرب طائفية على الأبواب لا تبقي ولا تذر، هذا تهديد وليس توعية ولا تحذيراً ولا إنذاراً.
2- دور إيران في سوريا
تجربتنا مع إيران مُرّة، والأمّرُّ من كل شيء تجربة تدمير سوريا على يد عميلهم الطائفي المجرم بشار، فبدل أن تضغط عليه ليخفف من مظالمه نفخت في ناره وصعدت من غلوائه وطغيانه، ودعمته بالمال والرجال حتى ذكرت الصحف أنها دعمته بخمسين ألفاً من «الباسيج»؛ أي الحرس الثوري وجند الشيطان في إيران. ما المصلحة يا إيران أن تدمري كل جسورك مع العالم السني من خلال تدمير بلد التاريخ والحضارة الشام؟ لم كل هذا الحقد المعتق على الشعب في سوريا؟
ألأن الشعب السوري بالنشأة والتكوين أموي الهوى والانتماء؟ ألأنه ظل مقر خلافة الأمويين حتى أسقطها عباسيوكم وخربوا مد التاريخ والحضارة؟
يا من تعيشون في كهف التاريخ أكثر من عيشكم في الواقع والجغرافيا. فما تزالون تتعاملون مع البشر بإسقاطات التاريخ، وتصورات أحداثه! وإلا فما سر هذا التدمير الرهيب الذي ما صنعت عشره «إسرائيل» عندما احتلت لبنان ومن قبله الجولان ومن قبل ومن بعد عدة بلدان في هذا الفراغ العربي الرهيب؟ هل تريدون أن تغطوا بإجرامكم على إجرام الصهاينة؟
وأنتم وروسيا تدعمون هذا المجرم تحت دعاوى دعم المقاومة فمنذ متى وروسيا تحرص على مواجهة «إسرائيل» ودعم المقاومة؟
إن روسيا وقفت مع كل الطغاة المجرمين وكذا إيران، ووقفت ضد كل ثورة. وإيران تدعم اليوم التخريب في مصر جنباً إلى جنب مع دول النفط والزفت في حلف دنس مشبوه مريب.
أبعد هذا الدمار والنزف الرهيب من الشعب السوري تصفو لكم النفوس؟ أتظنون أن نسيان الصور الرهيبة في سوريا من قصف صاروخي وطيران لم نره يوماً فوق الجولان، يمحى من الشعور واللاشعور حتى آخر الدهور؟ لن ننسى لكم هذا الموقف. ووالله لقد صنعتم للشعب السوري كربلاء تفوق ألف كربلاء الحسين. وما دم الحسين إلا دم مسلم شأنه شأن دماء السوريين، فما أحد أحرى من أحد بالاستنكار لقتله، أتظنون أن دم الحسين مقدس ودم هؤلاء الشهداء الأبرار دم بعوض أو ذباب؟ هل تعلمون حكم من قتل نفساً أي نفس وكلكم والغ في الدم يتحمل التبعية، والجريرة، والمسؤولية إن من قتلها فكأنما قتل الناس جميعاً؟ أتعلمون يا من تدعمون عصابات الإجرام والاغتصاب. أتعلمون ما جزاء من يذبح الأطفال ويغتصب النساء؟ أتعلمون جريمة من يسلب الناس حرياتهم؟ أما رأيتم من يعبدون الناس لبشار ويأمرونهم بالسجود له؟ أما بلغتكم هذه الصور؟ فلماذا رآها العالم كله إلا أنتم؟ أما رأيتم الأعضاء تقطع بالمناشير وتزرع في الأجساد المسامير؟ هل أعمى الله أبصاركم وأصم آذانكم؟ هل الطائفية أعمتكم عن رؤية مصلحتكم؟
إن البحر سيبتلع هذا الزبد المقرف من طائفية الأسد وعفنه، وإنكم تستفزون البحر وتستنفرون البركان، فلا تعبثوا أيها الطائفيون، إنكم تقامرون بالمنطقة، والله ما كنا يوماً نتمنى أن تهيجوا هذه الضغائن والعداوات والأحقاد، ولا نحب أن تقع لا في المستقبل القريب ولا البعيد مواجهات أو حروب طائفية، فإن وقعت فوالله إنه لا يحمل وزرها إلا أنتم وعمائم السوء التي تحرض على المسلمين وتفتي بكفرهم، وتنقمون على التكفيريين وأنتم أسوأ التكفيريين!
3- إيران والحوثيون في اليمن
الزيدية طائفة من الشيعة وهم بشكل أساسي في اليمن، وهم من المعتدلين المتعايشين مع السنة سمناً على عسل. حتى دخلت إيران على الخط فحولت بعض الزيدية إلى اثنى عشرية يكفرون الزيدية والسنة ويثورون بالسلاح. وكان يتواطأ معهم لغايات في نفسه: علي صالح. وقد روى لي صديق من الزيدية أعرفه في اليمن منذ 37 سنة، وشغل منصباً وزارياً، وهو شخصية قيادية شعبية في اليمن ومثقف، فقال إنه كان له ابن أخ تلقفته إيران ودرسته الدكتوراة، فرجع يكفرني وأنا عمه أول من يكفر، وأصبح مفتي الحوثيين.
لماذا دمرتم السلم الاجتماعي في اليمن؟ لماذا نسفتم التعايش بين جناحي اليمن: الشوافع والزيود.. وهم طيلة التاريخ متعايشون متفاهمون؟ لماذا تزرعون الموت والدمار في اليمن على يد هؤلاء الحوثيين؟ وقد شكت المحافظة المجاورة لصعدة أن الحوثيين يزرعون أرضهم وجبالهم بالألغام التي حصدت قرابة المئة والخمسين شخصاً في الشهور الأخيرة، فلماذا هذا القتل وما الغاية وما الهدف الذي تخطط له إيران؟ هل تريد فتنة عاصفة كفتنة العراق أو سوريا؟ وهل أمر الحوثيين لمن لا يعلم أخطر مما تتصورون، فإن كانت عائلة في سوريا ضحت إيران من أجلها بالشعب السوري كله، فماذا تصنع إيران من أجل دعم تنظيم مسلح عقائدي مدرب على يد رجال حزب الله والسافاك والباسيج؟
إن المنطقة التي يحتلها هؤلاء هي المنطقة التي قصمت ظهر الجيش المصري زمن ناصر فقتل فيها مئات الألوف، فلا تظنوا الأمر في صعدة نزهة قصيرة تنتهي في شهر من الزمان! الأمر أخطر مما تظنون. وإذا استطاعت إيران أن تصل بشريط عبر الجبال الصعبة بين مناطق الشيعة في اليمن -أعني الحوثيين- وبين شيعة السعودية وتمددوا إلى المنطقة الشرقية، وتم تهريب السلاح، من موانئ اليمن حيث تفرغ السفن الإيرانية حمولاتها في تلك المناطق ثم يهرب إلى باقي المناطق في اليمن والسعودية وغيرهما. يا من تدعمون التخريب في مصر، ألا ترون أن الخراب قريب من داركم إن لم يكن في عقر داركم؟!
باختصار.. بعد هذا التطواف السريع، فإن لإيران –من أسف- في كل بلد عربي فتنة ومأساة وتجربة مُرة، وحرصاً على تهديد أو تبديد الأمن والسلم الاجتماعي لتتمدد هي في الخراب والأرض المحروقة، ووالله ما نجد لها شبهاً في هذا إلا دولة البغي في «إسرائيل». فهل بعد هذا نفرح إن كان لإيران قنبلة ذرية! سنشعر أننا محاصرون بقنبلة ذرية إسرائيلية من الغرب وقنبلة ذرية إسرائيلية من الشرق، وما أوصلنا لهذا يا إيران إلا بغيكم.
لا تظنوا أن أهل السنة إذ قدّروا نصر الله وحزب الله ومشروع المقاومة كانوا لا يعون طائفيتكم، ولكنهم استعلوا على الطائفية، وخذلتموهم أنتم والسيد.. فما الخاسر إلا أنتم وهذه حجة لهم لا عليهم، وحجة عليكم لا لكم.
فمن الذي بدأ الانقلاب على التقارب والتعايش الذي استمر عشرات أو مئات السنين؟


(السبيل)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير