تحولات الثورة.. إلى الثورة المضادة
د. احمد نوفل
جو 24 : قلت في مقالة سابقة إن الثورة المضادة قد تتشكل من التقاء مصالح فئات عديدة وشرائح كثيرة تشكل في النهاية حلفاً متضافراً صوره القرآن بكلمة موجزة جامعة: «وكذلك نولي بعض الظالمين بعضاً بما كانوا يكسبون» الأنعام129. ولكنا في هذه الحلقة سنتكلم عن صورة أخرى من الثورة المضادة. ولعل أسوأ فئات الثورة المضادة من كان يوماً ثورة بحق أو بباطل أو بادعاء وتظاهر وتصنع وافتعال وتمثيل!
والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة جداً من حياتنا وفي واقعنا. فمن كان يتصور أن تنتهي منظمة التحرير هذه النهاية؟ هل خطر ببال أحد وهم يتدربون ويزحفون ويفككون الأسلحة والقنابل اليدوية ويزحفون على الشوك ويعانون البرد والطين والحر وينزفون ويصعدون ويهبطون أن نهايتهم ستكون بدل تحرير فلسطين من الغاصبين، أن تكون حراسة المغتصبين حتى يدوم لهم احتلال فلسطين؟ لا يخطر بالبال ولا في أسوأ درجات السوداوية والتشاؤم والكوابيس ولكن هذا من أسف هو ما حصل.
ومن كان يتصور أن تنتهي ثورة ناصر إلى دكتاتورية دموية عنيفة دمرت شعبها ومستقبله وعطلت الإنتاج ومزقت الوحدة العربية وبددت قدرة الجيش المصري في حروب عبثية لا معنى لها مع الرجعية وحكم الأئمة، إلى مساندة ألعوبة باسم مساندة الثوار؟ فلما جاءت حرب 56 وحرب 67 كان الجيش مستنزفاً فما قدم شيئاً يغني.
من كان يظن أن ثورة حافظ الأسد ستنتهي إلى دكتاتورية أسرة تستحوذ على السلطة والمال والمؤسسات والأجهزة والدولة بكل مرافقها وتتوارث كالممتلكات الخاصة؟
ومن كان يظن أن ثورة عبد الكريم قاسم ستنتهي بهذه الدموية وهذا العنف؟ ومن كان يظن أن الثورة الصينية ستنتهي إلى رأسمالية متداخلة مع الرأسمالية الأمريكية حتى ليعتبر سقوط إحداهما سقوط الأخرى؟ ومن كان يظن.. لا تنتهي.
لكنا نقف عند ما سمي ثورة 30 يونية التي انتهت بانقلاب 3 يوليو وسماها أصحابها ثورة لاسترداد ثورة.. يعنون ثورة 25 يناير وهو أي الانقلاب من اعتدى على ثورة 25 يناير وقيمها ومثلها وبدد تضحياتها وأهدر الدماء التي أريقت من أجل إنجاحها.
ثورة قامت أو انقلاب قام ضد إرادة الشعب وسميت زوراً ثورة الشعب.. وكان دقيقاً وصف أو مصطلح «عزمي بشارة» عن هذه المسماة ثورة بلفظة أو تسمية أو اصطلاح: «شرعية الشارع» في مواجهة «شرعية الشعب» أي التي انقلبت عليها شرعية الشارع. وتسميته دقيقة ومصطلحه معبر. شرعية الشارع انقلبت على شرعية المؤسسات والصناديق والانتخاب. شرعية الخداع واللعب على العواطف والوعود المطلقة التي لا يلتزم منها شيء، ابتلعت شرعية الانتخاب والخط الديموقراطي وتأصيل تجربة الصندوق دون تلاعب أو تدخل أو تزوير.
من كان يتخيل أن تؤول الثورة الشعبية الصادقة ثورة 25 يناير إلى ثورة تأليه السيسي وترسيخ الفرعونية المعشعشة في بعض العقول في مصر أو بالأحرى في بعض الأدوات الإعلامية؟
مصير مؤسف بئيس تحولت إليه وآلت إليه الثورة. وحلم أجهض وأفق سد وشمس كسفت!
من كان يظن أن الثورة ثورة 25 يناير التي أسقطت سطوة الحكم العسكري أنها ستعيد إنتاج مبارك على أسوأ صورة وأبشع نموذج وأقذع وصف وأشنع مثال؟ من كان يطن أن أدوات الثورة الشعبية المزعومة ثورة 30 يونيو استعادت كل الأدوات والرموز والفاسدين والمتحكمين والأمن: دولة ومركزي ومختلف الأفرع والأذرع استعيدت سطوته وبطشه بالمواطنين وتنكيله حتى بالحرائر، حتى احتجنا إلى جمعة تحت اسم أو مسمى: «حرائر مصر خط أحمر»؟ هل خطر هذا في أفظع الكوابيس؟ مبارك يدير مصر من سرير مستشفى المعادي الذي جهز كجناح ملكي بأحدث التجهيزات وأدوات الاتصال، هل من أجل هذا ناضل شعب مصر؟ هل طردنا مبارك من الباب ليعود من الشباك؟
ونترك مصر مؤقتاً لنعود إلى ثورة الملالي في إيران التي بدأت بمواجهة الشيطان الأكبر وإذ بها تنتهي شيطاناً أصغر متعاوناً مع الشيطان الأكبر، أو متآمراً معه ضد إخوة الدين والعقيدة في أفغانستان والعراق وغيرهما! هل خطر هذا ببال؟ أن تنظف شوارع طهران من الشعارات التي كانت وقود الثورة ومحركها وباعثها هل هذا من المعقول أم من خيال مخبول؟
ولقد قلت في عدة مقالات من أشهر بل سنوات، إن الحلف القادم هو بين إيران وأمريكا وإسرائيل وحزب الله. ووقتها كان الكلام ثقيلاً مفاجئاً بعيداً ممضاً ولكنه الآن بات مطروحاً، ولعلي في مقال لاحق سأنقل بالوثائق عن كتاب لأمريكي يطرح المطروح بين أمريكا وإيران وإسرائيل والصفقة المتوقعة! لم يكن تنجيماً ما قلته ولا ضرباً بالرمل، ولكنه الإدراك لطبيعة البراغماتية الإيرانية غير المبدئية. وإن المنطلقات لم تكن يوماً دينينة أو عقدية أو حتى شيعية، ولكنها قومية فارسية لا يهمها إلا مصالح إيران الفارسية وما المذهب إلا خادم يستخدم وعامل يوظف ويستعمل ويستعان به لتأدية غرض.
انتهت أم ابتدأت ثورة الخميني بالتنسيق مع أمريكا؟ أعتقد أنها منذ البداية كانت كذلك. ومن حمل الخوميني من باريس أو بالأحرى من ضاحية «نوفل لوشاتو» إلى إيران؟ إنه الطيران الفرنسي. ولو شاءت أمريكا وفرنسا تعطيل الثورة كما عطلوا ثورة مصدق لفعلوا.. ولكنها الحقبة الشيعية المطلوبة لهذه المرحلة.
ومن كان يظن أن «حزب الله» المقاوم الذي ضرب الأمثلة في الشجاعة والإقدام والفدائية ينتهي هذه النهاية المأساوية ويقتل السوريين بدم بارد؟ وينحاز إلى مجرم ضد شعبه؟
إن إيران كما جرته لقتال وقتل أهل سوريا ستجره إلى التحالف مع إسرائيل وأمريكا. إن البراغماتية اللامبدئية تنتهي هذه النهايات. وكما استغنى بشار عن الكيماوي الذي كان يمكن أن يشكل نوعاً من التوازن مع العدو الصهيوني، من أجل بقائه. وإيران مستعدة لعقد صفقة مماثلة بالاستغناء عن حلمها النووي وتشكيل حلف مع من ذكرنا كما ذكرنا.. ورفع العقوبات.. وحراسة أمن إسرائيل كأي نظام عربي في مقابل البقاء. من كان يظن؟
قلت إن هذه الثورات المرتدة أو المنتكسة قد تشكل أسوأ صور الثورة المضادة. ودولنا العربية الساذجة والبسيطة كانت تخترق التنظيمات والقوى الثورية وتحول رموز المناضلين إلى مرتزقة وطلاب مراكز ومناصب وتعينهم في أعلى الوظائف وإذ بهم يتركون وراءهم من كانوا ينعقونهم بالرجعية والتخلف والانتهازية والفساد. والأمثلة أكثر من الإحصاء.
ألم يتحول هيكل من فيلسوف الثورة، وكاتب «الميثاق» لثورة الضباط الأحرار ومبدع أو مبتدع كل ما صدح به ناصر من الشعارات الطنانة الرنانة التي كانت تلهب أكف جماهير العمال والفلاحين بالتصفيق وحناجرهم بالهتاف؟ ثم استبان أنه جميعاً سراب في سراب.
هل كنت تحلم أن هيكل هذا نفسه الذي صنع تمثال ناصر هو الآن ينحت تمثالاً للسيسي كعجل السامري ليعبد في الأرض من دون الله. وليعطل الإسلام وينتزع من الدستور، لتحكم الأهواء! أهذا هو فيلسوف الثورة والثوار ومنظر الحركات الثورية على الرجعية والاستعمار وقوى التخلف؟ هل هذا هو من كتب عن مبارك 3 مجلدات تفضح خزاياه؟ فالآن السيسي يا سي هيكل يفوق مبارك وأنت تواصل نحت التمثال بالنهار والليالي الطوال. لمصلحة من يضيع وقت الوطن والمواطن والنتائج معروفة مكشوفة سلفاً؟ أبعد خمس سنوات ستقولون لنا: متأسفون. النمرة غلط. والسيسي زلط؟ من يعوض الشعب سنوات العمر المهدورة؟ من يعوض الدماء النازفة والأرواح المزهقة؟ من يعوض الحريات المسلوبة والكرامات المهدورة وهي لا تعوض ولا تقدر بكل ذهب الأرض؟ ومن يضمن أن يكون بعد أشهر أو سنوات أن يكون الانقلاب على الانقلاب لعبة جديدة ومسرحية خادعة متغيرة الممثلين متفقة الأهداف؟
إن القرآن وتربيته هي الضمانة وهي العاصم من مثل هذه الهزات والتحولات والكوارث وتزوير الإرادات.
ما من ثقافة أو تعاليم أو مبدأ أو أيديولوجيا ينتج شخصية الصديق أو عمر أو خالد أو أبي عبيدة إلا هذا الدين. والمنتمون إلى هذا الدين ينبغي أن يكونوا من الصادقين الممتحنين المجربين الممحصين، المحصنين من خداع الدنيا وتجارها.
وحديث الثورة والثورة المضادة موصول.
(السبيل)
والأمثلة والشواهد على ذلك كثيرة جداً من حياتنا وفي واقعنا. فمن كان يتصور أن تنتهي منظمة التحرير هذه النهاية؟ هل خطر ببال أحد وهم يتدربون ويزحفون ويفككون الأسلحة والقنابل اليدوية ويزحفون على الشوك ويعانون البرد والطين والحر وينزفون ويصعدون ويهبطون أن نهايتهم ستكون بدل تحرير فلسطين من الغاصبين، أن تكون حراسة المغتصبين حتى يدوم لهم احتلال فلسطين؟ لا يخطر بالبال ولا في أسوأ درجات السوداوية والتشاؤم والكوابيس ولكن هذا من أسف هو ما حصل.
ومن كان يتصور أن تنتهي ثورة ناصر إلى دكتاتورية دموية عنيفة دمرت شعبها ومستقبله وعطلت الإنتاج ومزقت الوحدة العربية وبددت قدرة الجيش المصري في حروب عبثية لا معنى لها مع الرجعية وحكم الأئمة، إلى مساندة ألعوبة باسم مساندة الثوار؟ فلما جاءت حرب 56 وحرب 67 كان الجيش مستنزفاً فما قدم شيئاً يغني.
من كان يظن أن ثورة حافظ الأسد ستنتهي إلى دكتاتورية أسرة تستحوذ على السلطة والمال والمؤسسات والأجهزة والدولة بكل مرافقها وتتوارث كالممتلكات الخاصة؟
ومن كان يظن أن ثورة عبد الكريم قاسم ستنتهي بهذه الدموية وهذا العنف؟ ومن كان يظن أن الثورة الصينية ستنتهي إلى رأسمالية متداخلة مع الرأسمالية الأمريكية حتى ليعتبر سقوط إحداهما سقوط الأخرى؟ ومن كان يظن.. لا تنتهي.
لكنا نقف عند ما سمي ثورة 30 يونية التي انتهت بانقلاب 3 يوليو وسماها أصحابها ثورة لاسترداد ثورة.. يعنون ثورة 25 يناير وهو أي الانقلاب من اعتدى على ثورة 25 يناير وقيمها ومثلها وبدد تضحياتها وأهدر الدماء التي أريقت من أجل إنجاحها.
ثورة قامت أو انقلاب قام ضد إرادة الشعب وسميت زوراً ثورة الشعب.. وكان دقيقاً وصف أو مصطلح «عزمي بشارة» عن هذه المسماة ثورة بلفظة أو تسمية أو اصطلاح: «شرعية الشارع» في مواجهة «شرعية الشعب» أي التي انقلبت عليها شرعية الشارع. وتسميته دقيقة ومصطلحه معبر. شرعية الشارع انقلبت على شرعية المؤسسات والصناديق والانتخاب. شرعية الخداع واللعب على العواطف والوعود المطلقة التي لا يلتزم منها شيء، ابتلعت شرعية الانتخاب والخط الديموقراطي وتأصيل تجربة الصندوق دون تلاعب أو تدخل أو تزوير.
من كان يتخيل أن تؤول الثورة الشعبية الصادقة ثورة 25 يناير إلى ثورة تأليه السيسي وترسيخ الفرعونية المعشعشة في بعض العقول في مصر أو بالأحرى في بعض الأدوات الإعلامية؟
مصير مؤسف بئيس تحولت إليه وآلت إليه الثورة. وحلم أجهض وأفق سد وشمس كسفت!
من كان يظن أن الثورة ثورة 25 يناير التي أسقطت سطوة الحكم العسكري أنها ستعيد إنتاج مبارك على أسوأ صورة وأبشع نموذج وأقذع وصف وأشنع مثال؟ من كان يطن أن أدوات الثورة الشعبية المزعومة ثورة 30 يونيو استعادت كل الأدوات والرموز والفاسدين والمتحكمين والأمن: دولة ومركزي ومختلف الأفرع والأذرع استعيدت سطوته وبطشه بالمواطنين وتنكيله حتى بالحرائر، حتى احتجنا إلى جمعة تحت اسم أو مسمى: «حرائر مصر خط أحمر»؟ هل خطر هذا في أفظع الكوابيس؟ مبارك يدير مصر من سرير مستشفى المعادي الذي جهز كجناح ملكي بأحدث التجهيزات وأدوات الاتصال، هل من أجل هذا ناضل شعب مصر؟ هل طردنا مبارك من الباب ليعود من الشباك؟
ونترك مصر مؤقتاً لنعود إلى ثورة الملالي في إيران التي بدأت بمواجهة الشيطان الأكبر وإذ بها تنتهي شيطاناً أصغر متعاوناً مع الشيطان الأكبر، أو متآمراً معه ضد إخوة الدين والعقيدة في أفغانستان والعراق وغيرهما! هل خطر هذا ببال؟ أن تنظف شوارع طهران من الشعارات التي كانت وقود الثورة ومحركها وباعثها هل هذا من المعقول أم من خيال مخبول؟
ولقد قلت في عدة مقالات من أشهر بل سنوات، إن الحلف القادم هو بين إيران وأمريكا وإسرائيل وحزب الله. ووقتها كان الكلام ثقيلاً مفاجئاً بعيداً ممضاً ولكنه الآن بات مطروحاً، ولعلي في مقال لاحق سأنقل بالوثائق عن كتاب لأمريكي يطرح المطروح بين أمريكا وإيران وإسرائيل والصفقة المتوقعة! لم يكن تنجيماً ما قلته ولا ضرباً بالرمل، ولكنه الإدراك لطبيعة البراغماتية الإيرانية غير المبدئية. وإن المنطلقات لم تكن يوماً دينينة أو عقدية أو حتى شيعية، ولكنها قومية فارسية لا يهمها إلا مصالح إيران الفارسية وما المذهب إلا خادم يستخدم وعامل يوظف ويستعمل ويستعان به لتأدية غرض.
انتهت أم ابتدأت ثورة الخميني بالتنسيق مع أمريكا؟ أعتقد أنها منذ البداية كانت كذلك. ومن حمل الخوميني من باريس أو بالأحرى من ضاحية «نوفل لوشاتو» إلى إيران؟ إنه الطيران الفرنسي. ولو شاءت أمريكا وفرنسا تعطيل الثورة كما عطلوا ثورة مصدق لفعلوا.. ولكنها الحقبة الشيعية المطلوبة لهذه المرحلة.
ومن كان يظن أن «حزب الله» المقاوم الذي ضرب الأمثلة في الشجاعة والإقدام والفدائية ينتهي هذه النهاية المأساوية ويقتل السوريين بدم بارد؟ وينحاز إلى مجرم ضد شعبه؟
إن إيران كما جرته لقتال وقتل أهل سوريا ستجره إلى التحالف مع إسرائيل وأمريكا. إن البراغماتية اللامبدئية تنتهي هذه النهايات. وكما استغنى بشار عن الكيماوي الذي كان يمكن أن يشكل نوعاً من التوازن مع العدو الصهيوني، من أجل بقائه. وإيران مستعدة لعقد صفقة مماثلة بالاستغناء عن حلمها النووي وتشكيل حلف مع من ذكرنا كما ذكرنا.. ورفع العقوبات.. وحراسة أمن إسرائيل كأي نظام عربي في مقابل البقاء. من كان يظن؟
قلت إن هذه الثورات المرتدة أو المنتكسة قد تشكل أسوأ صور الثورة المضادة. ودولنا العربية الساذجة والبسيطة كانت تخترق التنظيمات والقوى الثورية وتحول رموز المناضلين إلى مرتزقة وطلاب مراكز ومناصب وتعينهم في أعلى الوظائف وإذ بهم يتركون وراءهم من كانوا ينعقونهم بالرجعية والتخلف والانتهازية والفساد. والأمثلة أكثر من الإحصاء.
ألم يتحول هيكل من فيلسوف الثورة، وكاتب «الميثاق» لثورة الضباط الأحرار ومبدع أو مبتدع كل ما صدح به ناصر من الشعارات الطنانة الرنانة التي كانت تلهب أكف جماهير العمال والفلاحين بالتصفيق وحناجرهم بالهتاف؟ ثم استبان أنه جميعاً سراب في سراب.
هل كنت تحلم أن هيكل هذا نفسه الذي صنع تمثال ناصر هو الآن ينحت تمثالاً للسيسي كعجل السامري ليعبد في الأرض من دون الله. وليعطل الإسلام وينتزع من الدستور، لتحكم الأهواء! أهذا هو فيلسوف الثورة والثوار ومنظر الحركات الثورية على الرجعية والاستعمار وقوى التخلف؟ هل هذا هو من كتب عن مبارك 3 مجلدات تفضح خزاياه؟ فالآن السيسي يا سي هيكل يفوق مبارك وأنت تواصل نحت التمثال بالنهار والليالي الطوال. لمصلحة من يضيع وقت الوطن والمواطن والنتائج معروفة مكشوفة سلفاً؟ أبعد خمس سنوات ستقولون لنا: متأسفون. النمرة غلط. والسيسي زلط؟ من يعوض الشعب سنوات العمر المهدورة؟ من يعوض الدماء النازفة والأرواح المزهقة؟ من يعوض الحريات المسلوبة والكرامات المهدورة وهي لا تعوض ولا تقدر بكل ذهب الأرض؟ ومن يضمن أن يكون بعد أشهر أو سنوات أن يكون الانقلاب على الانقلاب لعبة جديدة ومسرحية خادعة متغيرة الممثلين متفقة الأهداف؟
إن القرآن وتربيته هي الضمانة وهي العاصم من مثل هذه الهزات والتحولات والكوارث وتزوير الإرادات.
ما من ثقافة أو تعاليم أو مبدأ أو أيديولوجيا ينتج شخصية الصديق أو عمر أو خالد أو أبي عبيدة إلا هذا الدين. والمنتمون إلى هذا الدين ينبغي أن يكونوا من الصادقين الممتحنين المجربين الممحصين، المحصنين من خداع الدنيا وتجارها.
وحديث الثورة والثورة المضادة موصول.
(السبيل)