2024-07-08 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

بريطانيا عائدة إلى "شرق السويس".. لماذا لا ننتبه ؟!

راكان السعايدة
جو 24 : مرت تصريحات وزيرا الخارجية البريطاني "فيليب هاموند"، ومن ثم وزير الدولة لشؤون مشتريات الدفاع "فيليب دون" عن عبارة "شرق السويس"، مرورا عابرا، ولم تلق لها النخب السياسية بالا، ولم تر فيه إشارات سياسية ذات أهمية.

بتاريخ 31 تشرين أول 2015، أي الشهر الماضي، شارك "هاموند"، ونظيره البحريني، "خالد بن حمد آل خليفة"، في تدشين قاعدة بحرية بريطانية في البحرين.

الأهم من تدشين القاعدة البحرية، أو في موازاتها، ما قاله "هاموند" في حوار "المنامة" ً أن الاتفاق (على القاعدة البحرية) مؤشر على "التزام" بريطانيا بالتواجد بشكل "مستمر" في "شرق السويس".

بتاريخ 11 تشرين ثاني 2015، أي الشهر الحالي، وزير الدولة البريطاني لشؤون مشتريات الدفاع "فيليب دون"، وعلى هامش مشاركته في معرض دبي للطيران، يقول: "أعلنا بالفعل إنشاء قاعدة دائمة في شرق السويس للمرة الأولى منذ السبعينيات من هذا القرن".

والأكثر أهمية ولفتا للنظر في حديث "دون"، إلى جانب تكراره عبارة "شرق السويس"، تأكيده أن بريطانيا تراجع استراتيجيتها الدفاعية، وأن المراجعة قد يترتب عليها أمورا جديدة تتعلق بالانتشار العسكري البريطاني ودور لندن العالمي.

تلك التصريحات، من الوزيرين "هاموند" ومن "دون" ذات دلالة ومغزى، وليست صدفة، فهما في وقتين مختلفين، استحضرا مصطلح "شرق السويس" من الحقبة الأستعمارية، وتحدثا عن دور في أمن المنطقة.

ومن ثم إنشاء قاعدة بحرية في البحرين التي كانت أغلقت فيها قاعدة بحرية بريطانية في العام 1971، والحديث عن مراجعة الاستراتيجية الدفاعية والأمنية البريطانية، والتي يتوقع إعلانها قبل نهاية العام الحالي، وكذلك قيام بريطانيا ببناء حاملتين للطائرات.

إذن، بالتحليل الأولي والموضوعي، فإن بريطانيا تؤسس لتحول كبير ودور أساسي في المنطقة، وربما على نطاق إقليمي أوسع، وهي تتحضر لهذا الدور بشكل استراتيجي، سياسيا وعسكريا.

وهذا التحول المتنامي والمتدحرج، بريطانيا، لا يجري بمعزل عن أميركا، بل هو منسق ومتفاهم عليه، ويأتي، بصيغة أو أخرى، منسجما مع استراتيجية الأمن القومي الأميركية التي ترى أن مركز الاهتمام الأميركي يجب أن ينتقل إلى مناطق آسيا والمحيط الهادي، لتعزيز مصالحها هناك ومقارعة النفوذ الصيني المتنامي.

وانتقال مركز الاهتمام الأميركي من الشرق الأوسط إلى آسيا والمحيط الهادي، لا يعني، بالضرورة، أن أميركا لم ولن تعود مهتمة بالمنطقة، بل ستبقي على وجودها فيها، لكن بتركيز أقل، وهذا ما تطلب، عمليا، أن توكل المهمة في الشرق "شرق السويس" لطرف آخر موثوق ليديره بالتنسيق معها.

ولأن أميركا، ترى مركز ثقلها يجب أن يكون في آسيا والمحيط الهادي، ولأنها لا تريد إيكال مهمة إدارة شؤون المنطقة لقوة إقليمية، فهي قد تكون منحت بريطانيا هذا الدور، على الأساس الذي يجعل إلى حد كبير "بريطانيا المندوب السامي الأميركي في المنطقة".

هذه العودة البريطانية، إلى المنطقة، لابد وان تستحضر من التاريخ الدور البريطاني- الفرنسي الاستعماري، ودورهما في تقسيم المنطقة قبل مائة عام، تقسيما جغرافيا.

وبما أن بريطانيا، أكثر من غيرها، تفهم ذهنية المنطقة وعقل شعوبها وطبيعة تفكيرهم، فهي الأقدر على إنفاذ خطط إعادة تقسيم المنطقة على أسس عرقية وأثنية وطائفية، وهي خطط موجودة وواقعية، بينها إسرائيلي، وبينها غربية.

لكن أهم تلك الخطط، أو من أهمها، خطة وخريطة "برنارد لويس" كان وضعها في عهد "جيمي كارتر" وسلمها لمستشار الأمن القومي "زبيغنيو بريجنسكي" والذي بدوره مررها للكونغرس ليقرها في جلسة سرية في العام 1983.

بصرف النظر عن الهدف الكامن في العودة البريطانية إلى المنطقة، فعلى الأقل، يجب أن تقرأ الأنظمة والنخب والشعوب، هذا التطور الناعم، وأن تحاول التقاط مؤشرات العودة البريطانية، وأن تستحضر دورها الاستعماري وتقاربه مع دورها المستقبلي.
وربما نجد أنفسنا أمام دور مشابه لفرنسا في أفريقيا..
للحديث بقية..
تابعو الأردن 24 على google news