دورة النفوذ الإقليمي.. أتنتقل إلى الشيعة..؟!
راكان السعايدة
جو 24 : في قراءة أولية.. هذا السؤال يقوم على فرض واقعي الطرح، وهو ليس من نوع الفرض الساقط حكما، أو المستحيل تحققه، إذ أن له أساسه الموضوعي، ونفيه أو استبعاده، هكذا بلا بحث أو تقييم، سقوط في المحظور، وإيغال في تعظيم بذور فناء بعض مراكز النفوذ السني في الإقليم.
فلما لا نتخيل، مع قدر من الواقعية، أن دورة النفوذ السني في الإقليم، أخذت بالتآكل منذ احتلال العراق، وتمكين أميركا لإيران من أن تضعه تحت همينتها، ومن ثم، فإن تدمير اقتصاد الدول السنية، خصوصا النفطية، يندرج في سياق تحضيرها للخروج من دائرة النفوذ الإقليمي.
أي، لماذا لا ننتبه إلى جملة عوامل أساسية تعيد صيغة الأدوار وتتلاعب بأوزان الدول السنية وتبدل مراكز نفوذها..؟ ومن هذه العوامل أو أهمها:
أولا: أن التحالف الإيراني- الأميركي التاريخي، منذ ما قبل الثورة الإيرانية، يتجدد، بعد انقطاع، على وقع الاتفاقية النووية ورفع العقوبات عن طهران، وهنا يمكن أن نلحظ التفاهمات، وربما التحالفات، بين واشنطن وطهران، التي سبقت الاتفاق النووي، وأطاحت حكم العراق، وقبله حكم طالبان في أفغانستان.
ثانيا: تمكنت إيران من إقناع أميركا وأوروبا أن بيدها مفاتيح استقرار المنطقة أو عدمه، فهي تسيطر على مضيق هرمز، وتملك نفوذا على باب المندب، فضلا عن امتلاكها أول أو ثاني احتياطي عالمي من الغاز ورابع احتياطي نفطي عالمي.
ثالثا: تهمين إيران على قوى ومكونات اجتماعية شيعية في دول عربية سنية، كما في السعودية والبحرين والإمارات والكويت والعراق ولبنان واليمن وسوريا، وهذه المكونات ترتبط بإيران ارتباطا، بعضه عضوي.
رابعا: استثمرت إيران الإقصاء والتهميش الذي مارسته الدول الخليجية لمكونها الشيعي، وقدمت نفسها مدافعا عن حقوق الشيعة وحاملة لواء مظلوميتهم، فباتت هذه المكونات منخرطة في مشروع إيراني واسع، بعدما سدت في وجهها فرصة الاندماج في الدولة الوطنية التي تقيم فيها.
خامسا: لم تكتف إيران، بربط المجاميع والمكونات الشيعية بها ربطا اجتماعيا وفكريا وسياسيا، فهي فعلت ذلك وزادت عليه الأخطر، ألا وهو انها حولت بعض المكونات إلى قوى عسكرية ضاربة، على غرار "حزب الله"، وفي اليمن مكنت الحوثيين من التحول إلى قوة اجتماعية- عسكرية، وهي في سوريا والعراق صنعت قواها الضاربة؛ "الحشد الشعبي" في العراق، و"الدفاع الوطني" في سوريا، وتلك إن لم تكن بدائل عن جيوش الدولتين مستقبلا، فهي ستكون جزءا منه أو مستقلة عنه ضمن هياكل رسمية موازية، ولا يستبعد أن يكون لدى طهران خطط مشابهة لمراحل مستقبلية في السعودية والبحرين.
سادسا: إيران تعايشت مع العقوبات لسنوات طويلة، وكيفت اقتصادها معها، وهي اليوم تقطف ثمار رفع هذه العقوبات، وتقبل عليها الشركات من أرجاء العالم للاستثمار والتجارة، ما يضاعف إدماج اقتصادها المتنامي مع مشروعها السياسي، أي انها تستثمر سياسيا في اقتصادها، وحكما ستستثمر سياسيا في الدول الساعية للاستفادة من سوقها وغازها ونفطها.
تلك هي بعض العوامل التي تتوافر عليها إيران، لكن هذه العوامل ما كان لها أن تملك أسباب القوة لولا فشل الدول السنية في اتباع مقاربة تصدٍّ ومجابهة طويلة المدى لمنع إيران من أن تصبح على رأس خيارات الغرب الأوروبي والأميركي في شؤون كثيرة تخص الإقليم.
أي أن الدول السنية، بفشلها في إبداع مشروعها المتكامل، وفقدها القدرة على استيعاب مفهوم "التحدي والاستجابة" مكنت إيران من خلق البيئات الضرورية لمشروعها مستفيدة من عجز خصومها، الذي تمثل في عدة عوامل من بينها:
أولا: قدمت الدول السنية شيعتها على طبق من ذهب لإيران، لتشكلهم وتوجههم بما يخدم مشروعها، ولو أن السعودية انتهجت مبكرا أسلوب إدماج شيعتها لما بات هذا المكون قنبلتها الموقوتة، لقد تأخرت في ذلك وهي اليوم لا تقوى على تغيير منهجها، فأي تغيير لإدماج شيعتها سيعني التصادم مع القوى الوهابية، وبالتالي سيكون النظام السعودي كله أمام مخاطر التفكك.
ثانيا: لو فعلتها السعودية وعملت على إدماج الشيعة مبكرا، لكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك مباشرة على سياسات دول الخليج الأخرى، ولفقدت إيران هذه الورقة الثمينة، والاستراتيجية.
ثالثا: عندما صممت السعودية وأميركا خطة خفض أسعار النفط، كانتا تستهدفان روسيا وإيران، وظنتا أن هذه الخطة من شأنها تدمير اقتصاد البلدين، وإفشال مشروعهما الإقليمي، لكن المفاجأة أن اقتصاد البلدين صمد، وهو ربما في طور هجمة مرتدة، خصوصا من إيران لضرب دول الخليج في مقتل، بمزيد من التخفيض على سعر النفط، وهي ترى هذه البلدان تُستنزف في حروب مباشرة وبالوكالة، أي أن الاحتياطي النقدي يستنزف وبسرعة والعائد يتراجع وبسرعة أيضا.
رابعا: وهو الأخطر، أن أميركا تحررت من عقدة النفط السعودي، فهي اليوم تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وإذا ما كانت حاجة أميركا لنفط دول الخليج، منعتها من نقد سجلها في مجالات حقوق الإنسان وطبيعة أنظمة الحكم وأنماطها، ولم توجه نقدها لدعم التطرف ماليا، والأهم فكريا، فهي اليوم بعد أن تحررت من تلك العقدة سيكون بمقدورها أن تعترض وتنتقد وربما تضغط لإحداث التغيير، الذي هو بالضرورة سيكون نوعا من زراعة بذور الفناء، وقد يكون ذلك هو الهدف بذاته.
خامسا: يُلحظ أن النقد في الإعلام الأوروبي والأميركي لدول الخليج، والسعودية على الخصوص، وأحيانا من مسؤولين، دخل في طور غير مسبوق، في الآونة الأخيرة، وهو ما يؤشر على أن هذه الدول وكأنها أخذت تبدل تدريجيا في مواقفها ونظرتها لواقع هذه الدول.
سادسا: أن الغرب، الأوربي والأميركي، لم يأخذ المشروع العربي السني في سوريا والعراق واليمن على محمل الجد، بل هو ينظر إليه كمشروع تسبب في بروز التطرف والتشدد وجماعاتهما، واليمن باتت الدليل على ذلك حيث توسع غير مسبوق للقاعدة وتنظيم الدولة.. ولا يستبعد أن تنتهي هذه الدول، أو بعضها، إلى التقسيم الذي يفقد السنة ثقلهم ودورهم.
سابعا: وهو من الأشياء المهمة، أن الدول العربية السنية الغنية، لم تستثمر في سنة إيران (الأحواز) ولا في سنة العراق، ولم تحاول توفير دعم حقيقي لهم لمواجهة النفوذ الإيراني- الشيعي، ولذلك اضطرت المكونات السنية في العراق، ومن ثم في سوريا، إلى قبول "داعش" كخيار اضطراري، وهو الخيار الذي شكل الضلع الثاني في تهديد الدول السنية إلى جانب الضلع الشيعي- الإيراني، والآخر الأميركي.
ثامنا: مصر فقدت وزنها، وهي تواجه أزمة داخلية طويلة، وتركيا تواجه سلسلة أزمات داخلية، الصراع مع حزب العمال الكردستاني، وإقليمية، مع سوريا التي تراجع دورها فيها بفعل روسي، ودولية، مع روسيا وأوروبا وأميركا، فالمشروع التركي يتعارض مع مصالح هذه الدول، بالتالي فان القاهرة وأنقرة، الآن، في وضع صعب قد لا يؤهلهما للعب أي دور استراتيجي حاسم في الإقليمي، وما التقارب التركي-الإسرائيلي إلاّ دليل حجم المأزق الذي تواجهه.
ذلك كله، ربما يعني أن أميركا وأوروبا لم تعودا تقبلان، أو مضطرة للقبول، بالعبء الذي رتبته السياسات الخليجية في المنطقة والإقليم، والتي تراه تهديدا لأمنها واستقرارها المباشر، وكذلك تهديدا جديا لمصالحها في المنطقة، ما قد يدفعها إلى توفير كل أسباب التغيير الإجباري على ما ينطوي عليه هذا التغيير من شطب دول وتقسيم أخرى، ولا يجب أن يغفل إمكانية نشوء دولة شيعية في شرق السعودية.
وإذا ما نظرنا في الواقع، نجد أن إيران هي من تملك أسباب النفوذ في الإقليم، إلى جوار "إسرائيل"، وهي من تقدم نفسها للغرب للعب دور "الشرطي" الذي يملك الأدوات والأسباب الكافية لممارسة هذه الدور.. أليس في انتقال أميركا من دور الطرف إلى الوسيط بين إيران والسعودية، من الدلالات ما يكفي لفهم الاستراتيجية الأميركية.
الإقليم سيكون تحت نفوذ قوتين أساسيتين؛ إيران و"إسرائيل" لا السعودية ولا تركيا ولا مصر.. فهذه الدول شريكة في خلق بذور ضعفها الذي فيه قوة إيران و"إسرائيل".. وكأن دورة النفوذ تتبدل بين السنة والشيعة، إلاّ نفوذ الكيان المحتل الذي يستثمر ويستفيد من التنازع بين الدول الإسلامية ويطرح نفسه خيارا للسنة..
إن لم نستدر، ونستدر الآن، سنقع في الفخ..
فلما لا نتخيل، مع قدر من الواقعية، أن دورة النفوذ السني في الإقليم، أخذت بالتآكل منذ احتلال العراق، وتمكين أميركا لإيران من أن تضعه تحت همينتها، ومن ثم، فإن تدمير اقتصاد الدول السنية، خصوصا النفطية، يندرج في سياق تحضيرها للخروج من دائرة النفوذ الإقليمي.
أي، لماذا لا ننتبه إلى جملة عوامل أساسية تعيد صيغة الأدوار وتتلاعب بأوزان الدول السنية وتبدل مراكز نفوذها..؟ ومن هذه العوامل أو أهمها:
أولا: أن التحالف الإيراني- الأميركي التاريخي، منذ ما قبل الثورة الإيرانية، يتجدد، بعد انقطاع، على وقع الاتفاقية النووية ورفع العقوبات عن طهران، وهنا يمكن أن نلحظ التفاهمات، وربما التحالفات، بين واشنطن وطهران، التي سبقت الاتفاق النووي، وأطاحت حكم العراق، وقبله حكم طالبان في أفغانستان.
ثانيا: تمكنت إيران من إقناع أميركا وأوروبا أن بيدها مفاتيح استقرار المنطقة أو عدمه، فهي تسيطر على مضيق هرمز، وتملك نفوذا على باب المندب، فضلا عن امتلاكها أول أو ثاني احتياطي عالمي من الغاز ورابع احتياطي نفطي عالمي.
ثالثا: تهمين إيران على قوى ومكونات اجتماعية شيعية في دول عربية سنية، كما في السعودية والبحرين والإمارات والكويت والعراق ولبنان واليمن وسوريا، وهذه المكونات ترتبط بإيران ارتباطا، بعضه عضوي.
رابعا: استثمرت إيران الإقصاء والتهميش الذي مارسته الدول الخليجية لمكونها الشيعي، وقدمت نفسها مدافعا عن حقوق الشيعة وحاملة لواء مظلوميتهم، فباتت هذه المكونات منخرطة في مشروع إيراني واسع، بعدما سدت في وجهها فرصة الاندماج في الدولة الوطنية التي تقيم فيها.
خامسا: لم تكتف إيران، بربط المجاميع والمكونات الشيعية بها ربطا اجتماعيا وفكريا وسياسيا، فهي فعلت ذلك وزادت عليه الأخطر، ألا وهو انها حولت بعض المكونات إلى قوى عسكرية ضاربة، على غرار "حزب الله"، وفي اليمن مكنت الحوثيين من التحول إلى قوة اجتماعية- عسكرية، وهي في سوريا والعراق صنعت قواها الضاربة؛ "الحشد الشعبي" في العراق، و"الدفاع الوطني" في سوريا، وتلك إن لم تكن بدائل عن جيوش الدولتين مستقبلا، فهي ستكون جزءا منه أو مستقلة عنه ضمن هياكل رسمية موازية، ولا يستبعد أن يكون لدى طهران خطط مشابهة لمراحل مستقبلية في السعودية والبحرين.
سادسا: إيران تعايشت مع العقوبات لسنوات طويلة، وكيفت اقتصادها معها، وهي اليوم تقطف ثمار رفع هذه العقوبات، وتقبل عليها الشركات من أرجاء العالم للاستثمار والتجارة، ما يضاعف إدماج اقتصادها المتنامي مع مشروعها السياسي، أي انها تستثمر سياسيا في اقتصادها، وحكما ستستثمر سياسيا في الدول الساعية للاستفادة من سوقها وغازها ونفطها.
تلك هي بعض العوامل التي تتوافر عليها إيران، لكن هذه العوامل ما كان لها أن تملك أسباب القوة لولا فشل الدول السنية في اتباع مقاربة تصدٍّ ومجابهة طويلة المدى لمنع إيران من أن تصبح على رأس خيارات الغرب الأوروبي والأميركي في شؤون كثيرة تخص الإقليم.
أي أن الدول السنية، بفشلها في إبداع مشروعها المتكامل، وفقدها القدرة على استيعاب مفهوم "التحدي والاستجابة" مكنت إيران من خلق البيئات الضرورية لمشروعها مستفيدة من عجز خصومها، الذي تمثل في عدة عوامل من بينها:
أولا: قدمت الدول السنية شيعتها على طبق من ذهب لإيران، لتشكلهم وتوجههم بما يخدم مشروعها، ولو أن السعودية انتهجت مبكرا أسلوب إدماج شيعتها لما بات هذا المكون قنبلتها الموقوتة، لقد تأخرت في ذلك وهي اليوم لا تقوى على تغيير منهجها، فأي تغيير لإدماج شيعتها سيعني التصادم مع القوى الوهابية، وبالتالي سيكون النظام السعودي كله أمام مخاطر التفكك.
ثانيا: لو فعلتها السعودية وعملت على إدماج الشيعة مبكرا، لكان من الطبيعي أن ينعكس ذلك مباشرة على سياسات دول الخليج الأخرى، ولفقدت إيران هذه الورقة الثمينة، والاستراتيجية.
ثالثا: عندما صممت السعودية وأميركا خطة خفض أسعار النفط، كانتا تستهدفان روسيا وإيران، وظنتا أن هذه الخطة من شأنها تدمير اقتصاد البلدين، وإفشال مشروعهما الإقليمي، لكن المفاجأة أن اقتصاد البلدين صمد، وهو ربما في طور هجمة مرتدة، خصوصا من إيران لضرب دول الخليج في مقتل، بمزيد من التخفيض على سعر النفط، وهي ترى هذه البلدان تُستنزف في حروب مباشرة وبالوكالة، أي أن الاحتياطي النقدي يستنزف وبسرعة والعائد يتراجع وبسرعة أيضا.
رابعا: وهو الأخطر، أن أميركا تحررت من عقدة النفط السعودي، فهي اليوم تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم، وإذا ما كانت حاجة أميركا لنفط دول الخليج، منعتها من نقد سجلها في مجالات حقوق الإنسان وطبيعة أنظمة الحكم وأنماطها، ولم توجه نقدها لدعم التطرف ماليا، والأهم فكريا، فهي اليوم بعد أن تحررت من تلك العقدة سيكون بمقدورها أن تعترض وتنتقد وربما تضغط لإحداث التغيير، الذي هو بالضرورة سيكون نوعا من زراعة بذور الفناء، وقد يكون ذلك هو الهدف بذاته.
خامسا: يُلحظ أن النقد في الإعلام الأوروبي والأميركي لدول الخليج، والسعودية على الخصوص، وأحيانا من مسؤولين، دخل في طور غير مسبوق، في الآونة الأخيرة، وهو ما يؤشر على أن هذه الدول وكأنها أخذت تبدل تدريجيا في مواقفها ونظرتها لواقع هذه الدول.
سادسا: أن الغرب، الأوربي والأميركي، لم يأخذ المشروع العربي السني في سوريا والعراق واليمن على محمل الجد، بل هو ينظر إليه كمشروع تسبب في بروز التطرف والتشدد وجماعاتهما، واليمن باتت الدليل على ذلك حيث توسع غير مسبوق للقاعدة وتنظيم الدولة.. ولا يستبعد أن تنتهي هذه الدول، أو بعضها، إلى التقسيم الذي يفقد السنة ثقلهم ودورهم.
سابعا: وهو من الأشياء المهمة، أن الدول العربية السنية الغنية، لم تستثمر في سنة إيران (الأحواز) ولا في سنة العراق، ولم تحاول توفير دعم حقيقي لهم لمواجهة النفوذ الإيراني- الشيعي، ولذلك اضطرت المكونات السنية في العراق، ومن ثم في سوريا، إلى قبول "داعش" كخيار اضطراري، وهو الخيار الذي شكل الضلع الثاني في تهديد الدول السنية إلى جانب الضلع الشيعي- الإيراني، والآخر الأميركي.
ثامنا: مصر فقدت وزنها، وهي تواجه أزمة داخلية طويلة، وتركيا تواجه سلسلة أزمات داخلية، الصراع مع حزب العمال الكردستاني، وإقليمية، مع سوريا التي تراجع دورها فيها بفعل روسي، ودولية، مع روسيا وأوروبا وأميركا، فالمشروع التركي يتعارض مع مصالح هذه الدول، بالتالي فان القاهرة وأنقرة، الآن، في وضع صعب قد لا يؤهلهما للعب أي دور استراتيجي حاسم في الإقليمي، وما التقارب التركي-الإسرائيلي إلاّ دليل حجم المأزق الذي تواجهه.
ذلك كله، ربما يعني أن أميركا وأوروبا لم تعودا تقبلان، أو مضطرة للقبول، بالعبء الذي رتبته السياسات الخليجية في المنطقة والإقليم، والتي تراه تهديدا لأمنها واستقرارها المباشر، وكذلك تهديدا جديا لمصالحها في المنطقة، ما قد يدفعها إلى توفير كل أسباب التغيير الإجباري على ما ينطوي عليه هذا التغيير من شطب دول وتقسيم أخرى، ولا يجب أن يغفل إمكانية نشوء دولة شيعية في شرق السعودية.
وإذا ما نظرنا في الواقع، نجد أن إيران هي من تملك أسباب النفوذ في الإقليم، إلى جوار "إسرائيل"، وهي من تقدم نفسها للغرب للعب دور "الشرطي" الذي يملك الأدوات والأسباب الكافية لممارسة هذه الدور.. أليس في انتقال أميركا من دور الطرف إلى الوسيط بين إيران والسعودية، من الدلالات ما يكفي لفهم الاستراتيجية الأميركية.
الإقليم سيكون تحت نفوذ قوتين أساسيتين؛ إيران و"إسرائيل" لا السعودية ولا تركيا ولا مصر.. فهذه الدول شريكة في خلق بذور ضعفها الذي فيه قوة إيران و"إسرائيل".. وكأن دورة النفوذ تتبدل بين السنة والشيعة، إلاّ نفوذ الكيان المحتل الذي يستثمر ويستفيد من التنازع بين الدول الإسلامية ويطرح نفسه خيارا للسنة..
إن لم نستدر، ونستدر الآن، سنقع في الفخ..