2024-07-08 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الثغرات في احداث الكرك..!!

راكان السعايدة
جو 24 :
ليس كل ما حدث في الكرك شر..
حادثة القلعة، قلعة الكرك، وكل ما سبقها وتبعها من حيثيات، يجب أن تكون لحظة كاشفة، ومن ثم تؤسس لمنظومة مختلفة من العمل، سياسيا وإعلاميا وأمنيا، لتكون النتائج مختلفة.

هذا يحتاج أمرين أساسيين: أولا: فهم واقع الخصم أو العدو، وثانيا: تحديد الخلل في المنظومة. إذ لا ينفع أن نراجع المنظومة قبل أن نفهم ديناميكيات العدو، والكيفية التي يعمل بها ومن خلالها، وهنا تبرز الجوانب التالية:

أولا: "داعش" يدرك انه لن يستطيع الامساك بالأرض إلى الأبد، فهو راحل عنها لا محالة، أي لن يبقى لا في الموصل العراقية ولا في الرقة السورية.

ثانيا: هو، أي "داعش" استثمر "أرض خلافته" لتحقيق سلسلة أهداف:
(1)اختبار منظومته وقدراته التي استلهمها من كتاب "إدارة التوحش".
(2)حشد آلاف الأنصار داخل كيانه وخارجه، فهو استقطب الأكثر عنفا ورغبة في ترجمة هدف ما عجز عنه تنظيم "القاعدة"، أي إقامة "دولة الخلافة".
(3)نجح التنظيم في استخدام التكنولوجيا؛ استثمر الشبكة العنكبوتية السطحية بالمعنى الفني ليروج لنفسه ويستقطب الانصار، واستخدم الشبكة العنكبوتية العميقة، بالمعنى الفني أيضا، للتواصل مع أنصاره والفئات الملتزمة بنهجه، ولجهتي التنشيط والتوجيه.
(4)جرب الخلط بين عملياته المنظمة ضمن شبكته الخيطية العنقودية، وعمليات "الذئاب المنفردة".

ثالثا: "داعش" يستهدف خصومه بالانهاك والنكاية، ويريد من ذلك إرباك الخصم وتدفيعه الثمن (سياسة دفع الثمن)، خصوصا تلك الدول التي تشترك في محاربته.

رابعا: "داعش" يملك خطته البديلة حال زال كيانه، فهذا المجاميع البشرية بعد زول الكيان ستنتشر في الأرجاء وفي ذهنها تحقيق الانتقام، وهذه تصبح قوة مضاعفة عندما تندمج مع أنصاره في دول العالم، وانتقامه سيكون أشد وأكثر قسوة.

خامسا: "داعش" معني بأن يسبق الأجهزة الأمنية، في كل مكان، خطوة عملياتية، وهذه مسألة لا يمكن لأي جهاز أمني في الدنيا أن ينجح في معالجتها، ألم يضرب التنظيم في فرنسا وبلجيكا، وعواصم عالمية عديدة، وهي تتوافر على منظومات أمنية واستخبارية قوية وفاعلة؟.

سادسا: إذا أخذنا بالاعتبار أن عناصره وأنصاره يريدون الشهادة كهدف أعلى، وعندها، فهُم، بالتأكيد، لا تشغلهم فكرة الحياة والموت..

سابعا: أنصار "داعش" وعناصره بالآلاف وليسوا بالمئات، وهم بين متعاطف فكريا وعقائديا، وبين من أضاف إلى ذلك الاستعداد للانخراط العملياتي.

تلك بعض، وليس كل الجوانب، ويمكن الحديث عن غيرها وبإسهاب وتفصيل، عند مراجعة كل عملياتهم في السنوات الأخيرة؛ أنماطها، الأهداف، الجغرافيا، الأدوات، وحجم العمليات.

إن مراجعة العمليات التي حدثت على نطاق عالمي، أكانت صغيرة أم كبيرة، ودراسة تفاصيلها، وطبيعة ردود الفعل الأمنية والاستخبارية والإعلامية عليها، يساعد في فهم النمط أو الأنماط التي يتبعها التنظيم، وهذا من شأنه أن يساعد في إعادة تقييم المنظومة الشاملة التي تتبعها الدولة في مواجهته.

وهنا، فإن تصميم المنظومة من جديد، أو في أقله، مراجعة المنظومة الحالية وتطويرها، يبدأ بتقييم الواقع، واستشكاف جوانب الخلل، وتحديد الثغرات؛ فالحادثة وضعتنا أمام واقع معقد وصعب، لكنها منحتنا الفرصة لإعادة النظر والمعالجة قبل أن نجد أنفسنا أمام الأصعب والأكثر تعقيدا.

لقد ثبت أن:
أولا: طريقة المعالجة الأمنية تحتاج إلى مراجعة لجهتي التتبع والاشتباك، وهنا برزت إشكالية أساسية، وهي أن مسرح العمليات فوضوي، فوجود المواطنين يزيد من المخاطر، ويصبح رجل الأمن أمام إشكالية ارتباك منظومة تفكيره وتخطيطه، فهو يريد أن يحافظ على حياة الناس المنخرطين معه في الاشتباك، وهو كذلك يريد أن يحافظ على نفسه، وفوق هذا وذاك يريد أن يركز على الخصم.

ثانيا: تم اختبار الجهوزية في القلعة وما تبعها، وهذا الاختبار يستدعي مراجعة وتقييما عميقين للجانب العملياتي، فاستخلاص الدروس مسألة أساسية، ولابد أن تكون العملية مصورة، ما يسهّل المراجعة والتقييم وتقدير مكامن الخلل، كما أن تقييم الاستعداد وتوافر الامكانات بالسرعة اللازمة والحجم الكافي.

ثالثا: عمل الأمن تحت الضغط الشعبي والإعلامي سيؤدي إلى ارباكات عديدة، بل ويدفعهم إلى سلوكيات عملياتية غير محسوبة بدقة، ويسهم في ذلك عدم وجود تدفق إعلامي صحيح وسليم وشفاف، فغياب التصريح والإبلاغ الإعلامي يفضي إلى فراغات زمنية تشغلها الشائعات والاجتهادات أكانت بحسن أو سوء نية.

رابعا: المنظومة الإعلامية كانت شبه مشلولة، وليس السبب في ذلك الكوادر الإعلامية، بل الخطة الإعلامية الرسمية، إن كانت هناك خطة أصلا، فمن الواضح أن الإعلام ليس في حساب مستويات القرار السياسي والأمني، وهذا يعني أن أهمية الإعلام وقيمته ودوره لم تقيّم بصورة صحيحة وسليمة، وهذه ثغرة كبيرة ومهلكة.

الخلاصة، ان المنظومة التي لها علاقة بأحداث تشبه ما وقع في قلعة الكرك، يحتاج مراجعة جذرية وفحصا لكل مفاصلها، فالأحداث المقبلة قد تكون أصعب وأخطر، لا قدّر الله، وتتطلب منظومة تعمل بنظام "الاوركسترا"، وأخشى أن يكون تنظيم "داعش" توصل إلى خلاصات واستنتاجات مما جرى تدفعه إلى المزيد، لذا، فالوقت لا يعمل في صالحنا، والحاجة ماسة لتصحيح المسار.
 
تابعو الأردن 24 على google news