2024-05-20 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

لماذا يا بلد؟!!

ا.د. إدريس عزام
جو 24 : مجتمع مثلنا حاجته الفعلية عشرة وزارات أكثر قليلاً أو قل قليلاً لا فرق , والباقي تدمج أو لتكن فروعاً من الوزارات العشرة تلك , أم ان لدينا فائض مال في بيت المال؟؟ إن كان نعم فلماذا نحن (مديونون) , مجرد سؤال ....!!

المطلوب من الجميع اليقظة , وكونوا مرة عمليين ...استحقاقات الانتقال إلى الأردن الجديد تقتضي يقظتكم , ومباشرة تصويب التشوهات في حياتنا السياسية والادارية والمالية والاجتماعية .. ولنكن واقعيين ولو مرة واحدة في حياتنا.

فكثرة الوزارات وكثرة اصحاب الألقاب الرنانة , رتب على بطوننا وبطون أولادنا وأولاد أولادنا , ديوناً ما عادت دخولنا كافية لتغطيتها حتى وان صار جباة الضرائب منا بعدد الجيش الصيني . فلننتبه حتى عشرة وزارات كتير .. دعونا من اللهاث الفارغ وراء سعادتك , وعطوفتك ومعاليك ودولتك وغيرها من مخلفات آل عثمان . هذا يكلفنا الكثير يا سادة , فالألقاب لا تضيرنا كثيراً لأننا نعلم وأنتم تعلمون بأنها ما عادت تعني على مستوى قناعاتنا شيئاً , فالأسد يظل أسداً عامل كان أو موظف أو مسؤول , والهر لا يفيده كثيراً أن يحكي انتفاخاً صورة الأسد فالهر هر , والأسد أسد . و أقصد هنا أسد الغابة درءاً للشبهة , فهناك في بلاد العرب من يستأسد اليوم على أهله وربعه .

لنترك ذلك جانباً ونقول : ما يوجعنا في الأساس تلك الكلفة المالية التي رتبها على (بطوننا) ذلك العدد الضخم من أصحاب المعالي (يناهز ال 600) عدد هائل أليس كذلك ؟ والحبل على الجرار .

لا يكاد يوجد مثيلاً له إلا لدى من هم مثلنا (بنطو فوق الورق) فهو رقيق فليش النط ؟ ( أو اقرع ونُزهي ) كما يقول أهلنا في مصر بأمثالهم الشعبية .

ثم لماذا لا نعيد النظر بكل شيْ ما عادت ظروفنا تتحمله ؟؟ أليس العودة إلى الحق فضيلة .. ؟ ألا يوجد بين من رتبنا لهم تقاعدات أعنى (اصحاب المعالي) لله بالله من فعلنا له ذلك (مجرد مودة , أو وفاء لمعرفة قديمة , أو صديق أو نسيب أو حبيب ؟؟ وبلا سبب , وبلا خدمة مدنية أو عسكرية للوطن تؤهله لأن يأخذ أي راتب من بيت المال ؟ يوجد الكثير وكلنا نعلم وهذا ليس سراً . إذن إلى متى سنظل نتصرف بأموال الخزينة العامة على طريقة سلاطين الظلام .. ( يا غلام .. لقد أعجبني أعطه مائة ألف درهم فإن شكر قال: زده مئة ألف أخرى لفصاحته وحسن أدبه ؟ !! هذا يصح لو كان العاطي يعطي من ماله الخاص, أما من خزينة الدولة (بيت مال الشعب) فلا وألف لا .

ودعونا من التذرع بالقانون . فنحن نضع القوانين ومن يضع يغير وسوف يأتي يوم – (كما أستشعر) يُسأل فيه كل من أخذ (هبرة من كبش الخزينة) في أحد أعياد الأضحى (مناسبات تشكيل الحكومات التي صارت مملة لكثرتها) لماذا هذا ؟ و ليس من أين لك هذا ...فكلنا نعرف من أين .. ولكننا لا نعلم لماذا ؟! وهذا هو السؤال .. وهذه هي القضية . السؤال لن يوجه له شخصياً لأنه لا ذنب له , يوجه لضميره ووجدانه الذي هو جزء من ضمير الشعب ووجدانه . من يخدم الدولة مدنياً أوعسكرياً مدة كافية للتقاعد فليأخذ وهذا حق بصرف النظر عن عمله أو اسمه أو لقبه , صاحب سعادة أو عطوفة أو معالي أو دولة (اللي هو) فليأخذ .. وليس ستة أشهر أو أكثر قليلاً أو أقل قليلاً وبعدها ( اعطه ياغلام آلاف الدنانير (أبدي) له ولأولاده وأحفاده من بعده دون خلق الله ) ( ممن خدموا طويلاً طويلاً هذا البلد ) ولا يفرحون إلا بحفنة دنانير بعد عشرين عاماً أوثلاثين عاماً .

إنه الظلم الزؤام ..بل إنه الإفساد بعينه . نعلم انه افساد مقنن تجيزه تشريعاتنا (القراقوشية) أحياناً والسلطانية النافذة حتى اليوم .... نعلم ذلك .

ولكن مالا نعلمه ونتساءل بصدده .. هو : لماذا لا نعيد النظر في الأمر .. ونوحد الحد الأدنى للخدمة لاستحقاق التقاعد المدني لكل أردني بصرف النظر عن طبيعة العمل الرسمي أو المسمى الوظيفي كما حددنا الحد الأدنى للأجور . فلا يتقاعد زيد بعد ثلاثين عاماً , ويتقاعد عمرو بعد 6 أشهر مثلاً مع إن زيد قد يكون الأكفأ بكل المعايير !!! ويا ريت ابو ال 6 اشهر تقاعده قليل بل هائل بالألوف .

أليس هذا الظلم بعينه ( بالمعنى الاخلاقي وليس القانوني ) ؟ دعونا من قول من قد يقول ( هيك القانوني موجود بكل الدنيا ) فنحن لسنا الدنيا , نحن الأردن الفقير بموارده , ألا نقول دائماً هكذا ؟ فهل يمكن لنا مثلاً أن نجعل راتب الأستاذ الجامعي عندنا , مثل راتبه في دول الخليج ؟ طبعاً لا ... والسبب اختلاف الظروف وهذا صحيح .. فلكل ظروفه الخاصة . وظروفنا لا تسمح أن نستمر بالدفع من قوت عيالنا رواتب تقاعدية لمئات من أصحاب المعالي مع ان خدمتهم الفعلية لا تؤهلهم قطعاً للتقاعد لو كانوا مدرسين أو موظفين في الداخلية , أو الخارجية , أو الزراعة , أو الجيش , أو الاستخبارات العسكرية , أو المخابرات العامة أو حتى في الجامعة .. !!! لماذا هذا .. مجرد سؤال كما ( وأين الريشة على رؤوسهم ) التي تميزهم عن باقي خلق الله ؟؟؟؟ .

ثم ماذا كانت حصيلة عمل ( أصحاب الريشة الأفاضل هؤلاء ) في الجمعة المشمشية التي قضاها بعضهم في مكتب مكيف لا عمل سوى (التخميس) بالكرسي الدوار تحته , كما هي حال بعض شبابنا في الدواوير والميادين ؟؟

الحصيلة واضحة ولو كانت ايجابية لما صار الحال هو الحال , ولما وصلنا في البلد إلى ما وصلنا إليه .. أليس كذلك ؟؟ .

ستكون ضربة مالية في الهدف و رائعة ( ليس لها إلا جلالة الملك ) . أن يأمر بتمديد الحد الأدنى لفترة الخدمة الوطنية اللازمة لإستحقاق التقاعد , لكافة الأردنيين من رئيس الحكومة حتى عامل الوطن بصرف النظر عن المسميات فكلنا عمال وخدم للوطن والشعب . ولا أحد أحسن من أحد ولا أحد يستحق أن يرتب له أي حق .. إلا إذا طالت خدمته الفعلية للوطن , وليس غير ذلك – هذا الحد الأدنى للتقاعد قد يغضب أربعمائة مثلاً لكن سيفرح 6 ملايين , والرابح خزينة الدولة والشعب واضافة هائلة لرصيد جلالة الملك الشعبية .

وبالمناسبة ( كي لا يقول البعض هذا مثاليات ... الكاتب خاض انتخابات 1997 وكان التزامه أمام الناس بأن لا يتقاضى راتباً طيلة خدمته البرلمانية و تعهّد على نفسه , قالوا القانون يلزم ... فكان يرد سوف اخالف القانون بهذه .. فالعمل البرلماني أراه عملاً وطنياً شعبياً .. ولا ينبغي أن يكون مقابل راتب , وغير القادر يفسح المجال لأخيه القادر .. وقالوا بكل الدنيا فيه للنواب رواتب .. وكان يجيب إلا نحن , لماذا لا نختلف ؟ وكان صداها مدوياً على المستوى والأصوات هائلة .. لكن هذا شيء والنجاح شيء آخر مختلف .
تابعو الأردن 24 على google news