ابتلاع هيئة التأمين
ا.د. إدريس عزام
جو 24 : واخيراً نجح الحيتان وبلعوا هيئة التأمين الوطنية (ونرجو أن تقف بالحلق).
ساعدهم على ذلك وكلاؤهم من بعض النواب وبعض الوزراء أصحاب المصالح الشخصية مع شركات التأمين فربما منهم من هو شريك خفي ، ومنهم من هو وكيل قانوني خفي ، ومنهم من هو موعود. وشركات التأمين مليئة ..... فيها مال وفيها مجالس ادارات ، وتحتاج الى محامين . لقد نجح المتربصون بهذا (الانجاز الوطني المتميز) في التغرير بمجلس النواب غير المتخصص ( بنسبة غير قليلة من اعضائه) وجرجروه الى العبث بهيئة وطنية لها خصوصيتها الضرورية ، سيما أنها من ضمن أحسن الانجازات التي حققها جلالة الملك لكل الاردنيين فقيرهم قبل غنيهم؛ فقد وفّر لهم من خلال هذه الهيئة الحماية من تغوّل شركات التأمين عليهم سيما أنه قد لا يوجد بيت أردني الا وله آلية أو مرفق أو مصلحة، لا بد له من تأمينها لدى تلك الشركات. كما حمى أموال المساهمين الاردنيين بتلك الشركات.
وضعوا أموالهم فيها لغايات الاستثمار ،فإذا بها وقد صارت وكأنها أموال خاصة لكبار مالكي هذه الشركات ، يتصرفون بها عبر الادارات ومجالس الادارات بطريقة أقرب الى النهب على شكل رواتب خيالية، ولا (مين شاف ولا مين دري) ولا هناك على الأقل من يحسدهم كما حُسد موظفوا المؤسسات المستقلة الحكومية سيئة الحظ والطالع. ورغم كل هذا النهب؛ تأتي هذه الشركات آخر النهار لتشكو الطفر والخسارة وعينها على أن تقفز بأقساط التأمين الى عنان السماء، وعلى أكتاف المواطنين التي نُخرتْ عظامها، لتفتك بهم على هواها ، وهذا لا يكون الا اذا تم تدمير هيئة التأمين وتحويلها الى مجرّد شكل أجوف تابع لوزارة لا سلطة لها ولا قدرة على الرقابة ، بعد أن كانت الهيئة لهم بالمرصاد وطيلة فترة عملها السابقة فقد وضعت الأمور في نصابها وشكّلت ضابطاً لعمل هذه الشركات وناظمة لعلاقاتها الداخلية محلياً ،وعلاقاتها بالخارج خصوصاً الشركات المتخصصة بإعادة التامين والتزاماتها كل ذلك قد تم بجهود جبارة تعليمية وتدريبية ودوام يومي مرهق من الصباح حتى المساء قامت به الهيئة وكوادرها.
فمجال التأمين واعادة التامين مجال غاية في التعقيد وقد صار علم قائم بذاته ويتوسع باستمرار وهو أحق المجالات بالرقابة والضبط الحكوميين وبخاصة في الدول النامية. فشركات التأمين قطاع خاص، وهذا في الأصل غير مؤهل في هذه الدول لأن تترك يده طليقة في التعامل مع المواطنين عبر خدمة التأمين الضرورية. ولنا مما حصل حتى الآن في مجتمعنا جرّاء جهود هذا القطاع الخاص في المجالات الأخرى الأقل تعقيداً من مجال التأمين؛ خير مثال.
إن استمرار الحال على هذا المنوال في بلادنا واستمرار ظاهرة (قنص)المؤسسات الناجحة وتدميرها بالبيع تارة ، أو التأجير تارة أخرى أو بإعادة الهيكلة ، أو بالالغاء (سمّه ما شئت فكلها أساليب للتدمير ) أقول إذا استمر ذلك، فلن يستطيع رأس الدولة جلالة الملك من أن ينجز أية خطوة حقيقية باتجاه(رضى الناس الغاضبين جدا) ولا أقول باتجاه (الاصلاح) فلقد ملّ الناس من هذا المصطلح الذي ما انفكت طبقة السلطة من العمل على تفريغه من مضمونه، وصار الملك وكأنه يتحدث في وادٍ؛ وطبقة السلطة تنفذ ما تريد على هواها في وادٍ آخر مختلف مفصول عنه ببرزخ.
يعرف الكثيرون ان هناك حيتان لهم مصالح شخصية في الغاء هيئة التأمين، ولهم وكلاء بعضهم اليوم وزراء وبعضهم نواب ، ومن الوزارء من لهم شركات تأمين او انهم من أكبر المساهمين فيها ولا يريدون رقابة حكومية على شركاتهم المتغوّلة وهذا يعني أن هناك صراع مصالح يجري في البلد .
كل هؤلاء يعملون على غاية واحدة هي إلغاء أو تقزيم دور هذه الهيئة ، وقد فرحوا بالقانون الذي خلط هيئة التامين الضرورية جداً مع غيرها من الهيئات المستقلة غير الضرورية والتي ربما تستحق الشطب وليس مجرّد الهيكلة. دولة الرئيس حاول ان يدافع عن وجود الهيئة واستقلالها لأنه يعرف الأهمية الخاصة لها. ولا تستطيع وزارة الصناعة والتجارة ولا خمسة وزارات الى جانبها أن تقوم بكل المهام وتواجه كل المشاكل المرتبطة بقطاع التأمين وتحلّها بشكل ينصف الناس. فالتأمين ومشكلاته، شبكة معقدة وهيئة التأمينات أعدّت كوادرها بشق الانفس لاداء المهمة وصارت تجربة رائدة ينقلها عنّا العرب؛ فهل من المنطق والمصلحة أن نأتي بعد كل هذا وبجرّة قلم نلغي استقلاليتها ودورها تحت شعار عام مضلل اسمه (إعادة هيكلة أو الغاء المسؤسسات المستقلة) دون التمييز بين غثّ أو سمين؟ إن هذا سلوك مُحبط وقرارات تؤكد حقيقة أن ما يسعى اليه الملك ويقوله؛ هناك من من يصرّ على أن يظل له بالمرصاد، فالمصالح الشخصية اهم من الوطن بنظرهم.
إن رِدَّة الكثيرين نحو القبيلة او العشيرة كحامي لهم بدلاً من الدولة، صار يشجعهم على التصدي لجهود جلالة الملك الاصلاحية دون خوف، بل إن عيونهم كما يبدو قد (طارت من الدولة ومن رأس الدولة ومن الشعب كله) كما يقال بالعامية.
إن ما قام به البعض من خارج مجلس النواب ومن داخله هو خلل تسربل بصيغ واجراءات رسمية بإسم الديمقراطية ، والنيابة أو التصويت وما الى ذلك. لكن غاب عن كل اعداء الاصلاح بصرف النظر عن مسمياتهم وأدوارهم، أن الشعب صار يراقب تصرفاتهم وانه بصراحة لا يثق بهم، ولا ينظر الى كثير من قراراتهم أو توصياتهم أو مناقشاتهم أو (تصويتاتهم) الا انها شكل من أشكال الفساد المتخفي بشكلية قانونية. وهذا الخلل إذا لم ينحسر سريعاً، فإنه سوف يُسرِّع بدفع الناس الى المواجهة الشخصية المباشرة والعامة ، وإذا كان البعض منهم يرى ذلك بعيداً ( لأنهم يرون أن الشعب قد ذَلَّ وانتهى أمره ) فنحن بالعكس نراه قد صار أقرب الى كراسي الديناصورات ومقاعدهم البرلمانية من حبل الوريد.
إن الناس يتطلعون الى جلالة الملك لكي يتدخل ويضع حداً لتصرفات بعض المُغرضين من النواب والوزراء وأصحاب المصالح مع شركات التأمين ، فهو الحكم بين الجميع ، والمسألة مُلحّة ولا بديل يمكن أن يسد عن هيئة التأمين لأداء أدوارها بتشعباتها المختلفة. فما وقع خطأ، لكن التراجع عن الخطأ في مثل هذه الحالة ليس فضيلة فحسب،بل ومصلحة وطنية دون شك.
ساعدهم على ذلك وكلاؤهم من بعض النواب وبعض الوزراء أصحاب المصالح الشخصية مع شركات التأمين فربما منهم من هو شريك خفي ، ومنهم من هو وكيل قانوني خفي ، ومنهم من هو موعود. وشركات التأمين مليئة ..... فيها مال وفيها مجالس ادارات ، وتحتاج الى محامين . لقد نجح المتربصون بهذا (الانجاز الوطني المتميز) في التغرير بمجلس النواب غير المتخصص ( بنسبة غير قليلة من اعضائه) وجرجروه الى العبث بهيئة وطنية لها خصوصيتها الضرورية ، سيما أنها من ضمن أحسن الانجازات التي حققها جلالة الملك لكل الاردنيين فقيرهم قبل غنيهم؛ فقد وفّر لهم من خلال هذه الهيئة الحماية من تغوّل شركات التأمين عليهم سيما أنه قد لا يوجد بيت أردني الا وله آلية أو مرفق أو مصلحة، لا بد له من تأمينها لدى تلك الشركات. كما حمى أموال المساهمين الاردنيين بتلك الشركات.
وضعوا أموالهم فيها لغايات الاستثمار ،فإذا بها وقد صارت وكأنها أموال خاصة لكبار مالكي هذه الشركات ، يتصرفون بها عبر الادارات ومجالس الادارات بطريقة أقرب الى النهب على شكل رواتب خيالية، ولا (مين شاف ولا مين دري) ولا هناك على الأقل من يحسدهم كما حُسد موظفوا المؤسسات المستقلة الحكومية سيئة الحظ والطالع. ورغم كل هذا النهب؛ تأتي هذه الشركات آخر النهار لتشكو الطفر والخسارة وعينها على أن تقفز بأقساط التأمين الى عنان السماء، وعلى أكتاف المواطنين التي نُخرتْ عظامها، لتفتك بهم على هواها ، وهذا لا يكون الا اذا تم تدمير هيئة التأمين وتحويلها الى مجرّد شكل أجوف تابع لوزارة لا سلطة لها ولا قدرة على الرقابة ، بعد أن كانت الهيئة لهم بالمرصاد وطيلة فترة عملها السابقة فقد وضعت الأمور في نصابها وشكّلت ضابطاً لعمل هذه الشركات وناظمة لعلاقاتها الداخلية محلياً ،وعلاقاتها بالخارج خصوصاً الشركات المتخصصة بإعادة التامين والتزاماتها كل ذلك قد تم بجهود جبارة تعليمية وتدريبية ودوام يومي مرهق من الصباح حتى المساء قامت به الهيئة وكوادرها.
فمجال التأمين واعادة التامين مجال غاية في التعقيد وقد صار علم قائم بذاته ويتوسع باستمرار وهو أحق المجالات بالرقابة والضبط الحكوميين وبخاصة في الدول النامية. فشركات التأمين قطاع خاص، وهذا في الأصل غير مؤهل في هذه الدول لأن تترك يده طليقة في التعامل مع المواطنين عبر خدمة التأمين الضرورية. ولنا مما حصل حتى الآن في مجتمعنا جرّاء جهود هذا القطاع الخاص في المجالات الأخرى الأقل تعقيداً من مجال التأمين؛ خير مثال.
إن استمرار الحال على هذا المنوال في بلادنا واستمرار ظاهرة (قنص)المؤسسات الناجحة وتدميرها بالبيع تارة ، أو التأجير تارة أخرى أو بإعادة الهيكلة ، أو بالالغاء (سمّه ما شئت فكلها أساليب للتدمير ) أقول إذا استمر ذلك، فلن يستطيع رأس الدولة جلالة الملك من أن ينجز أية خطوة حقيقية باتجاه(رضى الناس الغاضبين جدا) ولا أقول باتجاه (الاصلاح) فلقد ملّ الناس من هذا المصطلح الذي ما انفكت طبقة السلطة من العمل على تفريغه من مضمونه، وصار الملك وكأنه يتحدث في وادٍ؛ وطبقة السلطة تنفذ ما تريد على هواها في وادٍ آخر مختلف مفصول عنه ببرزخ.
يعرف الكثيرون ان هناك حيتان لهم مصالح شخصية في الغاء هيئة التأمين، ولهم وكلاء بعضهم اليوم وزراء وبعضهم نواب ، ومن الوزارء من لهم شركات تأمين او انهم من أكبر المساهمين فيها ولا يريدون رقابة حكومية على شركاتهم المتغوّلة وهذا يعني أن هناك صراع مصالح يجري في البلد .
كل هؤلاء يعملون على غاية واحدة هي إلغاء أو تقزيم دور هذه الهيئة ، وقد فرحوا بالقانون الذي خلط هيئة التامين الضرورية جداً مع غيرها من الهيئات المستقلة غير الضرورية والتي ربما تستحق الشطب وليس مجرّد الهيكلة. دولة الرئيس حاول ان يدافع عن وجود الهيئة واستقلالها لأنه يعرف الأهمية الخاصة لها. ولا تستطيع وزارة الصناعة والتجارة ولا خمسة وزارات الى جانبها أن تقوم بكل المهام وتواجه كل المشاكل المرتبطة بقطاع التأمين وتحلّها بشكل ينصف الناس. فالتأمين ومشكلاته، شبكة معقدة وهيئة التأمينات أعدّت كوادرها بشق الانفس لاداء المهمة وصارت تجربة رائدة ينقلها عنّا العرب؛ فهل من المنطق والمصلحة أن نأتي بعد كل هذا وبجرّة قلم نلغي استقلاليتها ودورها تحت شعار عام مضلل اسمه (إعادة هيكلة أو الغاء المسؤسسات المستقلة) دون التمييز بين غثّ أو سمين؟ إن هذا سلوك مُحبط وقرارات تؤكد حقيقة أن ما يسعى اليه الملك ويقوله؛ هناك من من يصرّ على أن يظل له بالمرصاد، فالمصالح الشخصية اهم من الوطن بنظرهم.
إن رِدَّة الكثيرين نحو القبيلة او العشيرة كحامي لهم بدلاً من الدولة، صار يشجعهم على التصدي لجهود جلالة الملك الاصلاحية دون خوف، بل إن عيونهم كما يبدو قد (طارت من الدولة ومن رأس الدولة ومن الشعب كله) كما يقال بالعامية.
إن ما قام به البعض من خارج مجلس النواب ومن داخله هو خلل تسربل بصيغ واجراءات رسمية بإسم الديمقراطية ، والنيابة أو التصويت وما الى ذلك. لكن غاب عن كل اعداء الاصلاح بصرف النظر عن مسمياتهم وأدوارهم، أن الشعب صار يراقب تصرفاتهم وانه بصراحة لا يثق بهم، ولا ينظر الى كثير من قراراتهم أو توصياتهم أو مناقشاتهم أو (تصويتاتهم) الا انها شكل من أشكال الفساد المتخفي بشكلية قانونية. وهذا الخلل إذا لم ينحسر سريعاً، فإنه سوف يُسرِّع بدفع الناس الى المواجهة الشخصية المباشرة والعامة ، وإذا كان البعض منهم يرى ذلك بعيداً ( لأنهم يرون أن الشعب قد ذَلَّ وانتهى أمره ) فنحن بالعكس نراه قد صار أقرب الى كراسي الديناصورات ومقاعدهم البرلمانية من حبل الوريد.
إن الناس يتطلعون الى جلالة الملك لكي يتدخل ويضع حداً لتصرفات بعض المُغرضين من النواب والوزراء وأصحاب المصالح مع شركات التأمين ، فهو الحكم بين الجميع ، والمسألة مُلحّة ولا بديل يمكن أن يسد عن هيئة التأمين لأداء أدوارها بتشعباتها المختلفة. فما وقع خطأ، لكن التراجع عن الخطأ في مثل هذه الحالة ليس فضيلة فحسب،بل ومصلحة وطنية دون شك.