الحد الأدنى للأجور.. مهاترات لا لزوم لها في الاردن
ا.د. إدريس عزام
جو 24 :
نحن في الأردن أفضل لنا ألف مرة أن نحدد الحد الأعلى للأجور دون المساس أبداَ أو التنطع للحديث عن الحد الأدنى للاجور الذي ينبغي أن يترك وخاصة (في القطاع الخاص) لقانون العرض والطلب والاتفاق البيني بين الناس عمالاَ وأصحاب عمل . ان صاحب العمل من الطبيعي أن يهمه مصلحة الموظف لديه واحساسه بالرضى لانعكاس ذلك ايجابياَ على الانتاجية ، والعامل يهمه ان يكون صاحب العمل راضياَ وبعيداَ عن الضغوط المالية المفروضة من الدولة عليه ، لتضعه أمام واحد من الخيارين ، اما أن يقلص موظفين ليتناسب عددهم مع امكانياته ويدفع بالاخرين ال الشارع ، واما ان يغلق منشأته أو ينقلها الى بلد آخر تحت ضغط ارتفاع الكلفة التشغيلية الناتج بالضرورة عن تدخلات الحكومة بسوق العمل الذي ينبغي ان يظل حراَ كما تزعم .
نوجز القول بأن رفع الحد الأدنى للاجور في بلد كالاردن لا يعني سوى دفع القطاع الخاص الى تقليل عدد العمالة لديه خفضاَ للنفقات التي ستزيد بمجرد اعلان الاجور الجديدة اذا ما أٌقرت . كما يعني توقف القطاع الخاص عن تعيين الفقراء والمحتاجين الذين يطالبون عادةَ بأي مرتب ولو قل عن (200) دينار وهذا أحسن من العدم بالنسبة لهم ، وهؤلاء يعينهم في العادة القطاع الخاص بهدف المساعدة دون حاجة فعلية لهم .
كما يعني مثل هذا القرار دفع القطاع الخاص الى اغلاق ابواب العمل والتشغيل أمام طالبي العمل ، والضغط على الموجودين منهم في العمل لمضاعفة جهودهم كي لا يحتاج الى تعيين موظفين جدد ، مما يدخل العلاقة بين طرفي العمل بصراع ولو خفي ، وهذا ليس من مصلحة الحكومة ولا القطاع الخاص ، ولا الدولة على العموم .
كان يمكن أن ننظّر للموضوع كما ينظّر القائلون برفع الحد الأدنى للاجور ، من باب المزاودة ، ونحن مؤهلون لذلك التنظير بحكم التخصص ، لكنني فضلت أن أطرح الامر طرحاَ واقعياَ من وجهة نظري كصاحب عمل أيضاَ . حيث بدأتُ منذ الان أعد العدة لتقليص عدد الموظفين ، عندي اذا ما تم رفع الحد الأدنى للاجور مع اننا ندفع رواتب أعلى من الحد الأدنى للاجور النافذ حالياَ ، كما اننا سنغلق باب التعيين (أمام ذوي الظروف الملحة ، ممن كنا نعينهم من باب المساعدة وليس الحاجة ) وهذا سلوك مقبول اقتصاديا َ ومبرر اخلاقياَ لتخفيض الكلفة الاجمالية للتشغيل اذا ما تجاوزت امكانياتنا ، في حالة اذا اقرار الزيادة التي ترد على لسان المتنطعين لهذا الامر من المسؤولين دون خبرة كما هو ملاحظ . وعلى طالبي العمل المحتاجين سواء المؤهلين منهم أو غير المؤهلين أن يذهبوا للحكومة لتشغيلهم ، واعتقد ان الحكومة فيها ما يكفيها ومن المصلحة أن تنأى بنفسها وغيرها من النواب والاعيان عن مثل هذه المهاترات ذات الاهداف الانتخابية والشعبوية ، وأن تترك قوى السوق تتعامل مع هذه المسألة وتنظمها بالاساليب الاتفاقية التعاقدية الرضائية بين طرفي معادلة العمل والتشغيل ، ان ذلك اجدى وانفع للاقتصاد الوطني عموماَ ومواجهة البطالة وتشغيل الناس . واغلاق باب ينوي البعض أن يفتحوه أمام غول الاسعار لتأكل ما بقي من الاخضر واليابس . دون حس بالمسؤولية الوطنية .
فالموضوع براق وخادع للعمال والموظفين ، ظاهره زيادة في دخولهم ، تُكسب المزاودين من المسؤولين شعبية زائفة . وباطنه سحب الزيادة وما تبقى من دخولهم السابقة ، من جيوبهم عبر غلاء والاسعار . و ربما ان الكثيرين من أنصار الزيادة ، تجار لديهم بضائع مكدسة باسعار قديمة ، من المؤكد سيرفعونها بعد زيادة الحد الأدنى لأجور العمال فيكونوا هم الكاسبين على المدى القصير والمتوسط أما الطويل ، فنشك بذلك ، ربما لانعدام قدرة الناس على شراء تلك البضائع ، فيخسرون كما خسر الوطن .
هذا على مستوى الناس ، اما على مستوى الدولة ، فسوف يأتي لها رفع الحد الأدنى للاجور ، بتحديات جديدة مثل ارتفاع فاتورة الأجور (المرتبات وخلافه) من جهة ، وتضخم مشكلة البطالة من جهة أخرى ، مع انها قبل ذلك وبعده في غنى عن ذلك كله .. ولها الحق أن لا تستجيب ولا تفرض ذلك على القطاع الخاص على الأقل ، لأنها تتباهي بحرية السوق . وليست ملزمة بالتناقض مع مبادئها ومصالحها ، حتى يسحبها المزاودون المغرضون وراءهم .
وختاماَ اقترح ان نتوقف عن خلق المشاكل لأنفسنا فدرء الضرر العام أولى من جلب المنافع الشخصية للبعض ، أقول هذا كأردني يعرف مثل غيره من العارفين الحقيقيين غير المزاودين الاستعراضيين ، مصلحة الأردن دولة ونظاماَ وشعباَ .
من السهل على الكثيرين من منظّري البعد الواحد القول بضرورة رفع الحد الادنى للأجور في الأردن ، مع ان تدخل أو اقحام الحكومة أو مجلس النواب والاعيان، بهذا الأمر ، مسألة ضارة بالدولة عموماً ، على المستويين الاقتصادي والاجتماعي ، وضار بالقطاع الخاص كدور في مجال التشغيل ومواجهة البطالة ، وهو قطاع رديف للقطاع الحكومي ومكمل له ، أو نائباَ عنه في هذا المجال .
ففي مصر عندما فكروا مجرد تفكير برفع الحد الأدنى للاجور هناك الى مستوى 1200 جنيه كحد أدنى ، صعدت أسعار السلع اتوماتيكياِ الى آفاق غير مسبوقة قبل أن يصبح هذا الحد الأدنى واقعاَ ملموساَ، لقد أربك ذلك الناس ، والدولة ، وأغرقها بهموم مالية لا يدري أحد ان كان بامكانها ان تتخطاها أم لا حتى اليوم .
نحن في الأردن أفضل لنا ألف مرة أن نحدد الحد الأعلى للأجور دون المساس أبداَ أو التنطع للحديث عن الحد الأدنى للاجور الذي ينبغي أن يترك وخاصة (في القطاع الخاص) لقانون العرض والطلب والاتفاق البيني بين الناس عمالاَ وأصحاب عمل . ان صاحب العمل من الطبيعي أن يهمه مصلحة الموظف لديه واحساسه بالرضى لانعكاس ذلك ايجابياَ على الانتاجية ، والعامل يهمه ان يكون صاحب العمل راضياَ وبعيداَ عن الضغوط المالية المفروضة من الدولة عليه ، لتضعه أمام واحد من الخيارين ، اما أن يقلص موظفين ليتناسب عددهم مع امكانياته ويدفع بالاخرين ال الشارع ، واما ان يغلق منشأته أو ينقلها الى بلد آخر تحت ضغط ارتفاع الكلفة التشغيلية الناتج بالضرورة عن تدخلات الحكومة بسوق العمل الذي ينبغي ان يظل حراَ كما تزعم .
نوجز القول بأن رفع الحد الأدنى للاجور في بلد كالاردن لا يعني سوى دفع القطاع الخاص الى تقليل عدد العمالة لديه خفضاَ للنفقات التي ستزيد بمجرد اعلان الاجور الجديدة اذا ما أٌقرت . كما يعني توقف القطاع الخاص عن تعيين الفقراء والمحتاجين الذين يطالبون عادةَ بأي مرتب ولو قل عن (200) دينار وهذا أحسن من العدم بالنسبة لهم ، وهؤلاء يعينهم في العادة القطاع الخاص بهدف المساعدة دون حاجة فعلية لهم .
كما يعني مثل هذا القرار دفع القطاع الخاص الى اغلاق ابواب العمل والتشغيل أمام طالبي العمل ، والضغط على الموجودين منهم في العمل لمضاعفة جهودهم كي لا يحتاج الى تعيين موظفين جدد ، مما يدخل العلاقة بين طرفي العمل بصراع ولو خفي ، وهذا ليس من مصلحة الحكومة ولا القطاع الخاص ، ولا الدولة على العموم .
كان يمكن أن ننظّر للموضوع كما ينظّر القائلون برفع الحد الأدنى للاجور ، من باب المزاودة ، ونحن مؤهلون لذلك التنظير بحكم التخصص ، لكنني فضلت أن أطرح الامر طرحاَ واقعياَ من وجهة نظري كصاحب عمل أيضاَ . حيث بدأتُ منذ الان أعد العدة لتقليص عدد الموظفين ، عندي اذا ما تم رفع الحد الأدنى للاجور مع اننا ندفع رواتب أعلى من الحد الأدنى للاجور النافذ حالياَ ، كما اننا سنغلق باب التعيين (أمام ذوي الظروف الملحة ، ممن كنا نعينهم من باب المساعدة وليس الحاجة ) وهذا سلوك مقبول اقتصاديا َ ومبرر اخلاقياَ لتخفيض الكلفة الاجمالية للتشغيل اذا ما تجاوزت امكانياتنا ، في حالة اذا اقرار الزيادة التي ترد على لسان المتنطعين لهذا الامر من المسؤولين دون خبرة كما هو ملاحظ . وعلى طالبي العمل المحتاجين سواء المؤهلين منهم أو غير المؤهلين أن يذهبوا للحكومة لتشغيلهم ، واعتقد ان الحكومة فيها ما يكفيها ومن المصلحة أن تنأى بنفسها وغيرها من النواب والاعيان عن مثل هذه المهاترات ذات الاهداف الانتخابية والشعبوية ، وأن تترك قوى السوق تتعامل مع هذه المسألة وتنظمها بالاساليب الاتفاقية التعاقدية الرضائية بين طرفي معادلة العمل والتشغيل ، ان ذلك اجدى وانفع للاقتصاد الوطني عموماَ ومواجهة البطالة وتشغيل الناس . واغلاق باب ينوي البعض أن يفتحوه أمام غول الاسعار لتأكل ما بقي من الاخضر واليابس . دون حس بالمسؤولية الوطنية .
فالموضوع براق وخادع للعمال والموظفين ، ظاهره زيادة في دخولهم ، تُكسب المزاودين من المسؤولين شعبية زائفة . وباطنه سحب الزيادة وما تبقى من دخولهم السابقة ، من جيوبهم عبر غلاء والاسعار . و ربما ان الكثيرين من أنصار الزيادة ، تجار لديهم بضائع مكدسة باسعار قديمة ، من المؤكد سيرفعونها بعد زيادة الحد الأدنى لأجور العمال فيكونوا هم الكاسبين على المدى القصير والمتوسط أما الطويل ، فنشك بذلك ، ربما لانعدام قدرة الناس على شراء تلك البضائع ، فيخسرون كما خسر الوطن .
هذا على مستوى الناس ، اما على مستوى الدولة ، فسوف يأتي لها رفع الحد الأدنى للاجور ، بتحديات جديدة مثل ارتفاع فاتورة الأجور (المرتبات وخلافه) من جهة ، وتضخم مشكلة البطالة من جهة أخرى ، مع انها قبل ذلك وبعده في غنى عن ذلك كله .. ولها الحق أن لا تستجيب ولا تفرض ذلك على القطاع الخاص على الأقل ، لأنها تتباهي بحرية السوق . وليست ملزمة بالتناقض مع مبادئها ومصالحها ، حتى يسحبها المزاودون المغرضون وراءهم .
وختاماَ اقترح ان نتوقف عن خلق المشاكل لأنفسنا فدرء الضرر العام أولى من جلب المنافع الشخصية للبعض ، أقول هذا كأردني يعرف مثل غيره من العارفين الحقيقيين غير المزاودين الاستعراضيين ، مصلحة الأردن دولة ونظاماَ وشعباَ .