استبشري يا أردن صاروا ثلاثة
........ واليوم صاروا ثلاثة: مدير مؤسسة الغذاء والدواء هايل عبيدات ، ومدير مؤسسة المواصفات والمقاييس حيدر الزبن والتحقت بهما السيدة مها الخطيب ... الثلاثة من (أهلها) على رأي الاردنيين ويقصدون من أهل العزة والكرامة والوطنية كابراً عن كابر . يتحذلق كبار طبقة السلطة بأشياء كبيرة ويدلون بالتصريحات الكبيرة هنا وهناك بخصوص فلسطين وسوريا ومنهم من ينظـِّـر للعالم أجمع ، وكأنهم قوة عظمى وأحوالهم الخاصة في بلدهم مُزرية وصارت في مهب الريح بسبب العجز الفاضح في قدراتهم الادارية والسياسية والضعف الهائل في مناعتهم الوطنية ضد الفساد والاختراق.
إن ما نضحت به أواني طبقة السلطة وبخاصة طبقة الوارثين (وارث عن وارث) المتنطعين لعربة الاصلاح أينما اتجهت أمر فظيع. فأصحاب الأصوات الخشنة في الدفاع عن بنية الفساد التي يسمونها كذباً بـُـينة الدولة الأردنية، يُظهرون الخوف من تفكيكها والأصح خوفهم على امتيازاتهم الموروثة (وارث عن وارث) ان تطير ، وينزلون الى مكانات حيث يستحقون، بمعايير كفاءاتهم العلمية والشخصية الادارية ، وكفاءات من ورثوا عنهم تلك المناصب الرنانة، التي فاحت منها رائحة العفن لكثرة ما جلسوا عليها دون تنظيف أو غسيل .
الأردنيون فرحون اليوم وقد ظهرت الاردن بنظرهم ولّادة من جديد ، كانوا الى ماقبل بضعة سنين لا يذكرون الا واحداًظهر من مسارب السلطة؛ هو المرحوم عبد الرحيم ملحس، الذي سجّل من خلال موقعه النيابي موقفاً وطنياً وحرصاً على صحة الاردنيين، وحفر في وجدان الاردنيين حساً بالوطنية لا شك فيه ، ثم قلَّ الرجال الرجال من بعده، الى ان جاء من تصدى للفساد في مجال الغذاء والدواء ، ومن تصدى لأخطار الاستيراد المغشوش على حساب امن المواطن، ومن تصدى للفساد عبر التصدي لبيوعات الأراضي والتفريط بأملاك الدولة .
لا ضحية للفاسدين الكبار الا اثنين فقط هما الشعب الأردني والملك ، فقد أبتليا بطبقة من السلطة لا يبدو أنها كانت تقوم بدورها بأمانة بل غلبت القرابة ، والمعرفة الشخصية ، والمصاهرة ، لتكون معيار الفرز والانتداب وهذه ظاهرة قديمة اذ وجد ملوك الاردن أنفسهم وقد أحاطت بهم دائماً هذه العائلات ،وأولئك الافراد ممن لا يرعون الاً ولا ذمة .
ما قرأناه في موقف مها الخطيب مُثير للاعجاب، وما قرأناه في موقف الحكومة يُثير الخوف منها على الأردن..... فكيف يجرؤ مسؤول على التصرف بأساليب غير قانونية دفعت بهذه النشمية الاردنية الى أن تفقد منصبها وفاءً لقسمها على الاخلاص للوطن وللملك ، واحتراماً للقوانين وهيبة الدولة ومصلحة الوطن ،وتستقيل لكي لا تطأطئ رأسها وتذل وتخضع، الخاضعون لهم نفسية معروفة في الاردن (من الواضح أنها ليست منهم) وهم يرثون هذه النفسية كابراً عن كابر ، خاضعون أمام كل شيء، أمام أية جهة أجنبية كانت أو غير أجنبية ، أجهزة كانت أو أفراد ، اذا كانوا أغنى منهم طمعاً فيما لديهم، او أعلى منهم مركزاً خوفاً منهم على امتيازاتهم. هؤلاء هم من اعتادت الأجهزة المعنية ان توصلهم لجلالة الملك لا لينفذوا بأمانة سياسته داخلياً وخارجياًبل لكي يكونوا مطيعين لمسؤولي الاجهزة انفسهم، يحققون من خلالهم مصالحهم الشخصية بعضهم يبيض الوجه ، والاغلب يسودون الوجه، والشعب يعرف كل شيء، لكنها معرفة عامة ، ويترك الأمر لصاحب الأمر في الظروف الحالية، ليتلقى أمثال أولئك ما يستحقون.
صدام حسين عندما بلغه ان وزراءه يلفون ويدورون، جمعهم وبعد نقاش أطلق النار على رأس أحدهم، فتأدب الآخرون جميعهم، (وصار الذيب يرعى مع الغنم في العراق دون أن يجرؤ على افتراسها) يبدو أن مسؤولي الدول النامية مثلنا ( وجُرّ) لا ينفع معهم الا هذا الاسلوب ، أما الكلام المعسول ، والتوجيهات ، والكتب المسطرة بكلام مكرر لا ينفع . فمن سبق ان افتخر بفساد اقترفه ومن موقع كان فيه مسؤولاً، ومن مارس وكرر واعتاد ممارسة الفساد لا يصلح أن يكون مسؤولاً، ومن أوصى أو نسّب بانتداب شخص لجلالة الملك وثبت أنه فاسد أو وافق أن يمرر الفساد لا يستحق أن يكون مسؤولاً أو مؤتمناً على مثل هذه المهمة في التنسيب او التوصية بالناس رغم فساد هذا المعيار من أساسه في الأصل.
الأردن بحاجة اليوم للوطنيين الصادقين من أبنائه وهم كُثُر. فهو لن ينصلح ولا يتطور الا بأمثال أولئك الذين رفضوا وسيرفضون ادخال الغذاء الفاسد والدواء الفاسد الى الأردن وطنهم ووطن أبنائهم وأحفادهم ، كما كان من الأزل وطن أجدادهم. وبأولئك الذين رفضوا وسيرفضون ادخال اسطوانات الغاز المغشوشة لكي تنفجر وتقتل الاردنيين في بيوت أخوتهم الاردنيين وأبنائهم وأحفادهم وأخواتهم وأبناء أخواتهم ومواطنيهم الكرام ، والأردن يتطور بأولئك الذين يرفضون التوقيع أو الموافقة على عملية التفريط بأملاك الدولة ربما للمحاسيب أو الازلام، مقابل أثمان بخسة أقل مما تستحق هذه الأملاك... يقاومون حتى لو جاءتهم الأوامر من فوق..... الأردن يتطور بهؤلاء فقط من أبنائه المخلصين الوطنيين الأحرار، أما الفاسدين فلا بأس (من وجهة نظر الأردنيين) أن يعمروا سجونه ومعتقلاته اواخضاعهم لبرنامج طويل المدى لتنقية الروح اذا توافرت القابلية وتطهير الجسد اذا كان ممكناً. يعلم الاردنيون ان كثيرين ممن انتقاهم الفاسدون ، كانوا فاسدين واليوم يمارسون الفساد علناً ويدعون الى ادامة الفساد بالاصرار على ادامة البنية الادارية و السياسية للدولة كما هي. فيحاربون من أجل ذلك الاردنيون الشرفاء ، ويحاربون الاردنيات، ويدفعون باتجاه حجب حقوق المرأة في أن تعطى جنسيتها لابنها خوفاً مزعوماً منهم على الأردن.
وهم اليوم يهاجمون أية مبادرة اصلاحية لو جاءت من برلمانيين شبان لا لشيء الا خوفاً منهم على مكاناتهم وامتيازاتهم الموروثة في أصلها، لانعدام الكفاءة الشخصية القادرة على الفوز يما يتمتعون، لو خضعوا للمنافسة كباقي أبناء الناس في هذا البلد. يظهرون الخوف على الأردن ، والأردن لا خوف عليه الا منهم ومن ينتهج منهجهم في هذه اللعبة المسرحية التظاهرية التي صارت مفضوحة.
الأردن الذي نأمل هو الذي يحترم أبناءه وبناته وأبناء أبنائه ،ويحترم بناته وأبناء بناته، فالجميع مواطنون لهم حقوق متساوية . وهو الذي يشكر المبدع ، أو كل من يتقدم بمبادرة اصلاحية لاعادة النظر في عـُـش طبقة السلطة الذي طال عليه الأمد دون تغيير، والجمود تعفن وفساد. أما من يرفض كل هذا ويتناقض معه فالأولى به أن يُخشى على الأردن منه وليس من غيره .
تحية لهايل عبيدات ،تحية لحيدر الزبن ،وتحية مربعة لمها الخطيب ، ففي مثل هذه المناسبات والمواقف ينبغي أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين، لا لشيء الا لأنها قد تفوقت على كونها امرأة بكينونتها المعتادة المرسومة في عقول المتخلفين، هذه واحدة ولأنها تفوقت على الرجال وهذه اثنتين ، فتحية مربعة لمها الخطيب .