jo24_banner
jo24_banner

الرزاز بين نارين

ا.د. إدريس عزام
جو 24 :
صعبةٌ لا مستحيلة ، مهمة الدكتور الرزاز و مثلها كانت مهمة الدكتور هاني الملقي ، أعني أن يخرج بطاقم وزاري معافى خالي من مرض الحكومات الاردنيه المزمن ، فليس  هذا الأمر بالسهل  في بلادنا . 
و أقصد بالمرض عدم التجانس  في الطاقم الوزاري و عدم الانسجام ، ولهذا المرض جذوره  الراسخة في الدولة الاردنيه و المجتمع الاردني و صارت تجري فيه كما العاده او الموروث المقاوم للتغيير .
 و السبب  كما اراه ، تعدد المرجعيات التي تفرض على اي رئيس مكلف أشخاصا على مقاساتها هي ، لا مقاسات الرئيس ،ولا مناص له من القبول في حسابات تلك المرجعيات ، ولو ما كان ذلك وارداًفي حساباته، و ربما أمكن له الرفض بحالات أخرى وذلك  حسب نفوذ المرجعيه و موقعها في التراتب الطبقي الرسمي أو الشعبي  ،و مدى  سطوتها او نفوذها .
 يحسن صنعا من يكلف بمثل  هذه المهمه ان يرجو جلالة الملك بداية ، أن يسمح له بأن يمارس حريته كاملة في أختيار الاشخاص لمهام الوزراء ، و ان لا يكون هناك مانع له  لو اختار الجميع من حي واحد في عمان او اربد ، أو الكرك ، أو غيرها اذا وجد فيه الرئيس ضالته  من الاشخاص حسب معاييره الشخصيه لا معايير غيره ، و لتذهب دوافع المحتجين  على هكذا اجراء الى الجحيم .
ما يهم الوطن نجاح الرئيس بمهمته ، و كفاءة الوزراء و حصر مرجعيتهم بالرئيس نفسه لضمان التعاون كفريق ، و ليس مماحكته او الاستقواء عليه .
هناك شعور بالارتياح المخلوط بالامل و الخوف معا لدى الشارع كما المسه بأحاسيسي الخاصه ،و قد لا أكون على صواب .
 الارتياح للرزاز كشخص مثقف لا مجرد حامل لقب و شهادة ، فحاملو الشهادات فئتان – فئة متعلمة و متخصصه و تعرف جيدا ربما بمجالها ، و فئة متعلمة و متخصصة و مثقفة و لديها ( رؤية ) Vision  و هذه موهبة تؤهل صاحبها لأن يدرك ما وراء التخصص و يفكر شمولياً .
و الرزاز حسب أحاديث الناس يحسب على الفئة الثانيه .
 الفئة الاولى يصلح مفرداتها كوزراء بحكومات تكنوقراطيه ، و الفئات الثانيه يصلحون لحكومات سياسية ، أقصد وزراء سياسيون، 
لأنهم متعددوا الابعاد على مستوى الوعي و الادراك .
أما ذوي البعد الواحد في التفكير ، فيناسبهم العمل الفني و تنفيذه ، و هذه مهام تناط عادة بمن هم دون الوزير بأية وزارة .
فالوزير منصبه سياسي في الدرجة الاولى ، ولا أتفق مع القائلين تبريرا لاختيارات خاطئة بأن الحكومة الفلانيه تكنوقراطيه ،لتبرير تشكيلها من شخصيات غير سياسية ، فمهمة الوزير اي وزير  سياسية بالدرجة الاولى هي ترشيد قرارات الطواقم الفنيه بوزارته و أجراءاتهم الفنيه بحيث تخرج ولا يكون لها اثار جانبية سلبيه على جوانب من حياة الناس لم تخطر ببال التكنوقراطيين غير المسيسين من ذوي البعد الواحد احياناً هذا أولا. 
و ثانياً : أن تمكنه رؤيته و تؤهله للمبادرة بتطوير آفاق العمل لوزارته و أبتداع ألآليات التي تمكنها من تجاوز واقعها السائد الى ما هو أكثر تطوراًو حداثة ، مع عقيدة راسخه بأن التطويرعملية دائمة لا سقف لها ولا حدود.
و السؤال وهل هذا ممكن ؟ ... ربما يكون ممكناً ولكن صعب ، و البلد خالية من المدارس السياسية ، وهي الاحزاب الحقيقية فهي و ليس غيرها تفرز القيادات السياسية ، التي كان من الممكن ان يختار الرزاز من بينهم وزراءه .
ما وجد منها معروف و آفاقها و امكانياتها لأداء هذا الدور محدودة مع أنني ممن نظرو لها في بداياتها التأسيسية ، و اول من أستقال منها عندما أتضحت لي محدودية تلك الآفاق.
أذاً سيجد الرزاز نفسه و قد انفتح المجال امام اصحاب الصالونات (المسماة ) سياسية و أراها ( مجالس أستزلام ) و أمام المؤسسات الرسمية التي أعتادت ان تمارس الهيمنة والتوجيه على الرئيس المكلف لفرض أفراد عليه ، والتي                                                                                                                                                                أعتادت أن تزعم  بأنها الوحيدة تملك الحقيقه و معرفة الناس في البلد .
 و جهات أخرى أعتادت أن لا يرد لها طلب ، فتفرض عليه آخرون ، ألى جانب ظاهرة المحاصصه التي تعطي أصحاب بعض المواقع الرئيسيه في البلد السابقين و الحاليين ، حقائب وزارية ، للمحاسيب و الأصدقاء و الأقارب ، و شركاء المصالح ، ناهيك عن التجمعات العشائرية و الجهوية التي أعتادت ان يكون لها حصة ، لقد صار الامر اقرب ما يكون الى ( الشرهات ) سيئة السمعة المعروفة ، فالمقدم لها راشي و المتلقي ذليل.
أن تجاوب الرزاز أيجابياً مع الضغط التي ستمارسه هذه الجهات دون شك عليه  ، سيخرج لنا  بحكومه مريضه بمرض عدم الأنسجام في الطاقم ، فيدخل ومعه البلد ، بمتاهة التعديل كعلاج ... لا دليل على نجاعته ، أما التجاوب السلبي ، و رفض الضغوط فتعرض الرئيس المكلف الى ريح عاصفة من النقد و التجريح و أثارة الأشاعات و ألأتهامات بالشللية والطائفية و المناطقية ، أم العشائرية و غيرها من الأكاذيب التي أعتادت هذه الجهات أن تبتز بها كل رئيس مكلف ، فيركع و يخرج لنا ( بطبخة ) لا طعم لها تصبح مشكلة لنا كبلد ، وله شخصياً كرئيس عندما يجد نفسه مضطراً أن يجامل هذا الوزير المدعوم  من فلان و ذاك المدعوم من علان ، و أن يتعايش مع شعور مر سوف يشعر به ، وهو أن هؤلاء لا ينتمون لا للطاقم ، ولا له ، و أنما للجهات التي أوصلتهم الى المنصب .
أذاً الرزاز بموقف لا يحسد عليه و التحدي الرئيسي أمامه بدايةً : هو ان يحسم بنجاح و يقرر فيما أذا كان عليه أن  يتجاوب أيجابياً  مع أفراد وجماعات الضغط المصلحيه  هذه ، أم سلبياً ، بحيث يرفض الخضوع لهذه التدخلات و الجماعات التي لا تسعى ألا الى ان تكون هي مرجعية وزرائه وليس هو : ولا شأن لها بعد ذلك أن خف وزنه ليصبح شبيهاً بوزن النائب الذي يتصدى له نواب أخرون كيفما تحدث بهدف كسر الشوكه و تقليل القيمة ، أو أحتفظ بوزنه ظاهرياً وعلى مضض.
و عودة على بدء أقول إن تفاؤل الناس بالرزاز مبرراً ، لخصائصه الشخصية ، أما خوفهم  فناشيء عن الافتراض بأنه قد لا يقوى على مقاومة كل هذه الضغوط ، فلا يستطيع ان ينفذ رؤيته كرجل له رؤية و راغب بتقديم نموذج جديد للحكم و رجال الحكم .
وعلى اي حال فالرزاز لا يملك سوى المحاولة فإن نجح عمل خيراً و أن فشل ، فله ( خير ) المحاولة ، و بكل الحالات نحن معتادون حتى على الفشل ، ولن تكون بذلك مصيبة عظمى للوطن : فالاردن وجد ليكون على الدوام  أكبر من الجميع 

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير