jo24_banner
jo24_banner

يا وابور قلي رايح علي فين ؟

ا.د. إدريس عزام
جو 24 :

ليس هناك أسهل من (الخبص ) بين الناس وتربيط ذيول بعضهم ببعض، بحيث لا يجمعون على شيء إذا ما كان مخالفاً لقصد الخابص، وبخاصة في المجتمعات ذات المرجعيات العشائرية مثل مجتمعنا العزيز ودولتنا المظفرة، فلسان الواحد منا في هذه المرحلة من حياتنا يقول :إما أنا والا فلا، فما هذا الذي تفعله يا دولة الدكتور؟! اسابيع وانت تجتمع بهذه المجموعة من الاردنيين ، ثم تتركها لتجتمع بغيرها ، ولا تدري المجموعة الواحدة ماذا قلت للأخرى !وربما لا تعي أبعاد ما تقوله لها ....... لكن النتائج دالة عليه .... فهو لا يخرج كما يبدو عن كلام مثير لا ينتهي الى نتيجة مقبولة وإيحاء بالرفض واغراء بطرح النقيض ... هذا ما يبدو ؛ وإلا ما معنى هذا التناطح الدينكشوتي بين اولئك السادة الذين فُرضوا على الناس كنواب عن كل الاردنيين ؟ مع أنك تعلم والكل يعلمون ، أن العملية الانتخابية المنتجة لهم كلها قوانين واجراءات وتنفيذ ، لم تكن فوق الشبهة وثغراتها العديدة الخطيرة مكشوفة، والمحاكم أُرهقت وهي تعالج بعض ما ظهر منها على السطح مع ان المخفي كان أعظم !! ثم ما هذا الذي يُـــــقال عن برامج الاسماء التي تتداولها وسائل الاعلام كمرشحين للرئاسة ؟؟ من منهم له برنامج؟ يا جماعة احترموا عقول الاردنيين ! المعروف لكل اردني ، أن لا أحد لديه برنامج ، بل ولم يتدرب أي منهم الا على ان يطيع وينفذ ما يُحدد له من فوق !! فمن أين ستأتيه المعرفة والخبرة ليضع برنامجاً ابداعياً لإدارة الدولة؟؟ هل هو الضحك على الناس إذن ؟؟ إن ذلك اشبه ما يكون بمن يطلب من مجموعة من الشباب أن يحددوا المواصفات المثلى لأفضل سيمفونية موسيقية ولم يسبق لأي منهم أن رأى حيث ولد وعاش ولو آله عود أو ربابة !!

دعونا نتقي الله بما نقول ونفعل .. وان نكون صادقين مع انفسنا ومع شعبنا الطيب. فهو يستحق منا أن لا نكون الا صادقين معه مخلصين لآماله وتطلعاته .وإذا كانت القضية حل لمشكلة تشكيل حكومة كاستحقاق دستوري ، لماذا لا نفعل كما فعلنا عندما عملنا مجلس نواب، ووضعنا رئيساً له . ألم نفعل ذلك (باللتي او اللتيا) وصار بإمانكم ان تقولوا أن لدينا مجلس نواب (وكله ماشي) لنفعل الشيء نفسه ونعين رئيس حكومة إذ لا يوجد شخص لا يعرف كيف يجلس على الكرسي بمكتب الرئاسة وينتظر الأوامر . فهذا هو المطلوب وليس أكثر منه بشهادة تاريخنا الحديث كله . وسوف يسمى رئيساً ، وتسمى حكومته حكومة والأمور (تدحل) على المنوال المعتاد ، فتحل المشكلة ببعدها الدستوري المعتاد أيضاً .

أما إذا كان المطلوب حلاً سياسياً (مهدئاً ) اطرحوا إن استطعتم اسماء مثل أحمد عبيدات ، فهو رجل أردني نظيف بقناعة الأردنيين وابن النظام ولا يعقل أن يكون معادياً لنظام أغدق عليه الكثير ولا يعقل أن يكون غير وفي له . اطرحوا اسم عبد اللطيف عربيات ، فهو وطني اردني بمرجعية شعبية لها حضور مشهود، أو اسم اسحق الفرحان فهو القريب من النظام ومن الشعب، أو ليث شبيلات (إذا وافق) ....اطرحوا هذه الاسماء التي يتحدث بها الاردنيون (وسيبونا) من التجاهل والتعامي عن الواقع، فالناس كلهم أبناء تسعه والاردنيون كلهم مخلصون افترضوا ذلك من باب حسن النية على الأقل .

اطرحوا هذه الاسماء حتى تظهروا بانكم لا تخافون من المعارضة وتأمنون لمن هم خارج حرسكم القديم !! اطرحوا اسماءهم واتركوا النواب يقترعون ، واتركوا لمن يفوز حرية اختيار طاقمه الوزاري كما يرى ، ويعرضهم على النواب لنيل الثقة، دعوهم يديروا الدولة من الآن من هذه المرحلة، وفق رؤيتهم، فإن قبلوا كانت التهدئة دون شك ، وكانت شهادة على مصداقية دعوتكم للاصلاح دون شك . تذكروا اننا بحاجة ماسة الى التهدئة ولو الى حين.

وإن رفضوا تصبحون في حِل من ملامة الاردنيين ومن اتهاماتهم للنظام بأنه يخشى من يقولون (لا) ولا نصيب لهم عنده سوى التهميش والاهمال والاقصاء .إن من يهمشه النظام ويقصيه يحظى كما تعلمون بشعبية جارفة، كضحية ظلم تأباه ضمائر الشعوب عادة. تأكدوا ان كل من يجلس على كرسي (الدوار الرابع) من غير هؤلاء لن يكون في هذه المرحلة بأكثر من موظف عمومي بنظر الناس . عادي جيء به لتسيير الأمور كما اعتادت ان تسير ، قبل وأثناء والى أن انتهت بوطننا الى حافة التسول .

إن المسألة لا تحتاج كل هذا الجهد الذي ينقض بعضه بعضاً ! أم انكم تصدقون أن الرئيس الذي سيسمى هو رئيس برلماني أفرزه البرلمان؟ وان الحكومة التي سيشكلها هي حكومة برلمانية ؟ إن مثل هذه الحكومة يا دولة الدكتور لا يتوفر لها في بلادنا ولو شرط واحد من شروطها، فكيف نتلفظ بمصطلحات ومفاهيم لا أساس لها من الموضوعية والعلم؟! الحكومات البرلمانية تنتجها أحزاب عريقة لها برامج للحكم وادارة الدولة واضحة للناس، يختار الناس عندما يختارون للبرلمان والحكم أكثرها ملاءمة لحاجاتهم ولا يقفون عند الاسماء والاشخاص ، وهذه مسألة تفصلها عنا عشرة سنين على الاقل ، هذا إذا بدأنا من اليوم الحزبية الحقيقية والتحزب الحقيقي وقياساً على ذلك فما نقوم به اليوم هو أقرب الى التضليل لا مصلحة لأحد فيه. كان أشرف كثيراً لو بادرت دولتك بطرح الاسماء على شكل مجموعة ، لأنها قطعاً ستكون من نفس الحرس القديم كما نرجح يقوم النواب بالتصويت فينسبون للرئاسة الفائز بأصوات أكثر .... وكفى الله المؤمنين شر القتال؛ فطالما أن المسألة كلها لعبة سياسية غير مقنعة للناس بصرف النظر عن نتائجها. قد يقال : ان ما تقومون به اشبه بتدريب للناس على المشاركة في الاختيار ، ربما هذا صحيح ؛ لكن الموقف ليس هو الموقف ، والزمن ليس هو الزمن المناسب لذلك ، لأن المشاركين باللعبة منهم كثيرون غير مؤهلين حتى للمشاركة ولا للتدريب ، لأنهم ما كانوا بلاعبين سياسيين أصلاً في يوم من الأيام.

انني إذ تحدثت بما يتحدث به الاردنيون لكنني لا اتفق مع بعضة مبدأياً ، لا لسبب الا لأنني شبه متيقن بأن ما يقوم به دولة الدكتور فايز الطراونة سوف لن يزيد في محصلته النهائية عن ما عناه الفنان الاردني المرحوم توفيق النمري بأغنيته الشهيرة التي يقول فيها: بَلِفْ وبَدورْ،بَطْلَع من العارضهْ ، وَبنزل من ناعور بَلِفْ وبَدورْ. فدولته لن يخيب ظن المرحوم وسيطرح في نهاية المطاف دولة الدكتور عبد الله النسور، لا لسبب أيضاً الا لأنه متناغم مع قافية الأغنية . وسوف يعود الى القصر بها قائلاً : بَلِفْ وبَدورْ، طَلَعتْ من العارضهْ وَنَزَلتْ من ناعور، دُخَنا ودَوخناهم ومعنا داخ السرور وبالبال من أول ما كان غير النسور .... والمطلوب كان مني أن ألفْ وأدورْ ... نقطة . تماماً مثل ما كان يحدث في بعض دول العرب أيام حكم الخالدين المؤبدين في استفتائاتهم الشعبية على الرئيس ومنافس آخر له إما سيدة مغمورة أو رجل مغمور فيجد الشعب نفسه وكأنه بحالة اختيار بين ان يأكل الفليفلة الحارة جداً أو بصل ( مطنن خربان) فيضطر أن يختار أكل الفليفلة الحارة جداً والدموع على الخدين تسيل .

وكأني بدولته عندما يصل الى مكتبه في الديوان العامر سوف يتنهد بعمق قائلاً (وَلْ شو هالنّاس بِداقروا مداقرة وهمّ مشْ داريين شو السيرة ، يعني هيك أحسن هَلَكتْ سَنسفيلهمْ وبالآخر جرجرتهم على اللي بدنا اياه....آه الحمد لله .

إذا حصل هذا ، فلي رجاء من دولته :أن يجيب على سؤال المرحوم محمد عبد الوهاب اذا ما صدح من راديو مكتبه العتيق (على افتراض أن كل شيء صار عتيقاً والناس لا يدرون) ، وسال : ياوابور قلي رايح على فين. ياوابور قلي جاي منين؟ رجائي أن يجيب دولته على هذا السؤال بصوت خافت حتى لا يسمعه أحد : والله ما أنا عارف . لأنه بهذه الاجابة فقط سوف يتوحد معنا دولته.

والســـــــــــــــــــــــلام

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير