النسور والخطيئة الكبرى..

كتب : أ.د ادريس العزام 

لقد اصبت بدهشة شديدة وأنا أرى دولة الرئيس د. عبدالله النسور يتحدى أي أردني أن يمسك عليه ولو طابع بريد !! .. يا سلام .. يا سلام ... !! 
من قال لك يا دولة الرئيس أنك نهبت أو سرقت ، أو حتى استفدت من طبقة السلطة كما استفاد منها غيرك ؟؟!! ثم من وجّه لك الكلام كعبد الله النسور ؟؟؟ ! الكلام كان موجّهاً إلى الحكومة كلها ، وليس لك كشخص ... وربما لهم جميعاً باستثنائك أنت !! فلماذا هذا التنطع ؟؟ . لقد قلت كلام حق أُريد به باطل ... أنت يا دولة الرئيس بنظافتك المعروفة ، شكلت قناعاً أخفيت وراءه بلاوي يعاني منها الشعب الأردني كله .. أنت يا دولة الرئيس مُصطدم بنظافتك هذه مع كل مشاعر الأردنيين وعواطفهم . إن مثلك مثل من يدخل إلى جلسة ولا يشارك الجالسين أفعالهم المشينة ولا يفعل مثلهم .. فهل يظل بريئاً لو هبطت عليهم الشرطة وقدّموا للقضاء ؟؟! .
لقد اقترفت خطيئة ربما عندما جئت بإرادتك لتستر عيوباً لطبقة ما صدّق الشعب الأردني أن بدأ بمساءلتها ولو شعبياً عبر الحراك
جئت لتشكل غُصة في الحلق ، وأنت الرجل الذي ما كنت يوماً من طبقة السلطة .. لا لأنك لا تريد بالضرورة ، بل لأنهم لم يضموك إليهم . لقد صرت مجرد رجل خدم السلطة كل هذا العمر ولم تضمه إليها كعضو من أعضائها ، ولعل ذلك جلب انتباهك وربما أيقظ عاطفة العتب لديك في لحظة من لحظات عمرك .
نعرف أنك نظيف ، ولست غنياً ، ولست مدعوماً ، ومن الطبقة الوسطى الفقيرة وليس حتى الوسطى العليا ، وغير حكاية تعيينات التربية والتعليم القديمة إياها ، لم يضبط عليك فساداً ، وقد اعتذرت عنه ، مع أن غيرك قد أكل الأردن ولم يعتذر بعد ، ونعرف أيضاً أنك ما صدقت وقد ترقى ابنك في وزارة تعرف أنها ليست لأمثالك وأمثالنا . لكن كل هذا لا يغفر لك أبداً أنك هرولت وتحملت المسؤولية في وقت قرر الكثيرون فيه من أشراف الأردن أن لا يشاركوا في مآتم هذا الوطن بعد أن نهبه من نهبه (ولست منهم .. ونعرف ذلك ) ، إلى أن يظهر لكل هذا الفساد صاحب .
جئت أنت فوفرت للغرقى بوحل فساد الوطن فرصة ليجنبوا أنفسهم (بهادل ) قرر حتى من يأتي نائباً عن طريق الأجهزة أن يتنمر و ينهال عليهم شتائم وتحقير .
لقد حملت الأمانة ، فكنت بالضبط كالإنسان الذي حمل أمانة رفضت الجبال حملها وأشفقن من حملها ، فكان كما وصفه رب العزة ظلوماً جهولاً .
لقد ظلمت نفسك يا أبا زهير ، لقد عشت وطنياً شريفاً ، تلمست منذ نعومة اظفارك أي سبيل لعزة وطنك العربي الكبير ، و وطنك الصغير الأردن . ثم دارت بك الأيام لتستقر بخدمة طبقة ا لسلطة التي قد لا يتورع أعضاؤها عن تلويث سمعتك والحط من قدرك بأي سبيل يرونه ، ومن خلال أي شخص يكلفونه بذلك ! . لقد قبلت هذا التحدى ، ووافقت رغم كل ذلك على أن تغطى على تلك الطبقة وما فعله (المحاسيب عليها) بالوطن . جئت شاهراً سيفك على البسطاء من أهلك لتحمى سكان القصور في دابوق وعبدون . تسحب من جيوبهم (بلسان حلو وطلة تتصنع عبرها الهدوء والتفكير المعمق الذي يشي بتحذير من اخطار قد تكون وهمية ) تسحب من جيوبهم بعض ما بقي من جيوبهم وهو أقل من القليل ، لغذاء أطفالهم وكسائهم وتعليمهم ، لا لشيء إلا لكي تخرج طبقة السلطة وتريحها من دفع كلفة ما فعلته في البلد ولو معنوياً .
تحمّل يا أبا زهير تحمّل يا دولة الرئيس ... أنت اخترت مصيرك ، فجاءك أشبه ما يكون (بالجيزة على كبر) كما يقول أهلنا بأمثالهم الشعبية ، فما هي إلا فرحة يوم أو يومين ، وبعدها يكون( السخام واللطام) أبد الآبدين . لا تدعي البراءة ، فمن يغطي على غير البريء إذا كان متيقناً فمذنب . وليس اكتشافاً جديداً أن تقول أن قرار رفع الأسعار كذا وكذا قرار دولة ، عابر للحكومات ... أطفال الحارات في بلدك يعرفون من يقررون يا ابا زهير ، وعلى من يقرر أن يواجه هو ، وليس أبو زهير.
دع الفاسدين لمصيرهم ولا تستغل ذكاءك لمساعدتهم وربما للتغطية عليهم ، فالزمان يا دكتور عبدالله قد اختلف . فلا الزمان زمان وصفي وحابس ، ولا الرجال هم الرجال ، فلا تخامرك ولو فكرة شك بأن الوطن بخطر .. الوطن لم يكن في يوم من الأيام بخير كما هو اليوم .. لكن الفاسدين ليسو بخير أو هكذا أصبحوا وهم الّذين في خطر .
الوطن يحتاج الى مشاركة ووقفة الرجال إذا هُدّد من الخارج . أما إذا كان الخطر داخلياً وغير مكشوف ؛ دع الناس يكشفونه ولا تساعد في ستر عورةٍ قرر الشعبُ أن يفضحها . عندها فقط كان يمكن أن لا يرفع أردني عينه فيك . لكن أن تكون قناعاً لطبقةٍ يجاهد الشعب كله منذ سنتين وأكثر لتمزيقه وازاحته ؛ فتلك لعمري يا أبا زهير خطيئة ما بعدها خطيئة .... ولعلها خطيئتك الكبرى باطلاق .
والسلام