jo24_banner
jo24_banner

تسونامي اللاجئين.. ولا للأردن أن يستباح

ا.د. إدريس عزام
جو 24 :

تقول الحكمة الالمانية " لا أعمى من الضرير الا الخائف" فهل نحن خائفون ؟ وإلا ما معنى هذا التردد والغموض في الموقف الأردني الرسمي إزاء ما يحدث في سوريا وفي شمال الأردن؟!!! لم يعد مُقنعاً لأي أردني أي تذرع بالصبر والتظاهر بالحياد والحكمة . الامن الوطني والأردن صار مهدداً دون شك . والادعاء بأن كل الأمور تحت السيطرة غير مُجدي ... فلا شيء تحت السيطرة... هذا واضح ومن لا يرى إما أعمى أو خائف . بل لا خبرة لنا بالسيطرة على أي أمر مشابه فمنذ نشوء الدولة ونحن نتأثر بالأحداث ولا نؤثر بها. والمأساة أن البعض منا يسمي هذا سياسة تحول مصائب الغير الى فوائد لنا ... حكاية صارت سمجة وسخيفة فمثلنا مثل من يغلق على نفسه وأولاده المغارة واللصوص يحرقون في القرية ثم يخرج بعد ذهاب اللصوص يجمع من بقايا المحروقات ما يجده ثم يزعم ان ما قام به سياسة!!!!، فنار العراق رفعت تكاليف معيشة الفقراء عندنا الى عنان السماء وساهمت في تراكم المديونية على كاهلنا لمواجهة الحاجات التي تزايدت على الناس فجاة، ونار فلسطين خرجنا منها بتهمة ازلية ولعنة أبدية بأننا نحن من فرّط بها ، بل ونحن من انسحبنا من الضفة بإرادتنا وتركناها لاسرائيل ، مع اننا دولة عظمى لا تنافسنا الا الولايات المتحدة وكان سهلا علينا هزيمة اسرائيل وحماية فلسطين ! فلماذا لم نفعل؟؟!!!! وأكثر من ذلك فنحن من انسحبنا من تمثيلنا للشعب الفلسطيني (ربما بهدف التوفير ) ونحن من أجبرنا المنظمة (مع انها ليست دولة ) على أن تتحمل منفردة أمانة تمثيل الشعب الفلسطيني فقط دون سواها ، مع أننا نعلم أن اسرائيل دولة ولن تتحدث إذن الا مع دولة بشأن فلسطين،والمنظمة ليست دولة؛فنشأ الفراغ السياسي بخلفية قانونية ، الذي كان أمنية لاسرائيل .!!!!!! 
ونحن من كان يضغط دائماً على زعماء العروبة بمؤتمرات قممهم لتحميل المنظمة (همّ) فلسطين كي نستريح منه وليس قادة المنظمة ( الذين لم يجدوا من العرب من يقف بوجه جماحهم غير المدروس قانونياً آنذاك) ، وقبل ذلك وبعده، نحن من طعن الشعب الفلسطيني وضيقنا عليه معاشه بأن طمسنا هويته وما زلنا عبر ما يسمونه بالتجنيس!!!
هذا مجمل حصادنا (العبقري) من نار توأمنا فلسطين . هذا ما يقال : كثيرون في الداخل يتشدقون به ، أما في الخارج فحدث ولا حرج ..... ومع كل ذلك ما زال من يعتقد ان للأردن سياسة واستراتيجية!!!!!!!!!!!!!!!!
الأردن حتى الآن لم ينجح في التصدي لكل هذه المقولات التي أصبحت قوالب جامده.... بل إن التعاطي السياسي الأردني معها ظل خجولاً ....خجولاً....، بل هو كموقف المحتار بين امرين لا يدري الى أيهما ينحاز.... لقد سكت الناس عن ذلك الى أن تعاظم هذا الهزال السياسي مؤخراً ، وصار بادي الوضوح حتى لعامة الناس فجاء رد المقصرين على شاكلة اشاعات تروج بان الملك هو من يقود السياسة الأردنية !!!!يالله وكان الدفاع جاهز، وكأن في ذلك فخر!!!! إذن لماذا السكوت وعدم الرد ، ولماذا هناك وزارة للخارجية ، إذا كان الملك يعمل تنفيذياً كوزير للخارجية كما يزعمون؟؟ إذن: إذا كان الأداء السياسي ناجحاً فالفضل ينبغي ان ينسب للملك فما بال الرئيس المكلف ينسب ذلك لغيره ويتمسك به .... بارادته كما يزعم ؟؟؟ على أي حال لم يكن هذا غير متوقع ، فنحن معتادون عليه لكن الغريب أن لا أحد يرد على ذلك ، وكان المستهدف به موافق عليه!!!
واليوم فالأردن أمام النار السورية، وشررها امتد الى شمال الأردن ويتسع مع كل نسمة هواء ....وسياسات الاردن هي: إنتظر حتى تقع الفاس. بالراس والسؤال : لمصلحة من هذا التردد في الدفاع عن امن الوطن ؟؟ في سوريا هناك نظام أو هكذا يقول عن نفسه وهناك ثوار ، وعليهم جميعاً مسؤولية تجاه شعبهم ، بصرف النظر عمن سيكون الخاسر او الرابح من الصراع الدائر، والجميع لا يعملون من خارج سلطة العالم. إن اللاجئين مواطنون سوريون ، لم تعد بيوتهم آمنة لأساب خارجة عن ارادتهم، فلماذا لا توفر لهم أَطراف الصراع السوري( ولو عبر وسيط) مكاناً يلجأوون اليه داخل الاراضي السورية بصرف النظر عن انتمائهم وتحيزاتهم لهذا الطرف أو ذاك؟؟؟ ولتكون هذه المنطقة على شكل محافظة يتوافقون على اعتبارها ( خارج نطاق الصراع) يلجأ اليها من يرغب ؟؟؟؟!!! وحتى يشعر اللاجئون بالطمأنينة لماذا لا تكلف إحدى الدول العربية بالاشرف عليها إدارياً وعسكرياً بموافقة سورية( من طرفي النزاع) واقليمية ، ودولية إذا أمكن؟؟؟ (لماذا لا تضع روسيا الغارقة حتى آذانها بالدم العربي السوري بواخرها بخدمة اللاجئين السوريين المدنيين الخائفين مثل أمريكا التي كانت تضع البواخر للمدنيين الفيتناميين لانقاذ حياتهم ، ولو باسكانهم في ولاياتها ؟أم أن المسألة (خرط بخرط ) طالما الدم المسفوح عربياً) ؟!!!.
إن الأردن بحكم انه المتضرر الأكبر من الحدث تفرض عليه مسؤولياته الأخلاقية والقانونية أن يهتم أولاً : بأمنه الوطني، وثانياً: بالعمل الجاد على نقل هم اللجوء السوري الى الاراضي السورية، بوسيلة سياسية،عبر انتزاع موافقات اقليمية ودولية، أو احالة ذلك كأمر واقع، ولو بالوسائل العسكرية، ولم لا ؟؟؟
إن تدفق اللاجئين بهذه الأعداد، سابقة نادرة الحدوث الى دولة مجاورة، وسبب كافي لشن الحرب على البلد الطارد لهم إذا لم يراعِ منطق العقل والاخلاق والقانون وأخلاقيات الحرب . أما ان ينحط أطراف الصراع الى درجة التعامل مع مواطنيهم من البشر كما لو انهم رهائن او ادوات ضغط كل طرف ضد الآخر، فهذا مرفوض وبخاصة إذا كان الاردن هو من سيدفع فاتورة كل هذا التحلل من المسؤولية ، وان اطراف الصراع لا يخجلون ، ويستخفون بغيرهم!!!
وحتى يرتفع الأردن الى مستوى التحدي والخطر المحدق ، صار من الضروري أن يثبت الجيش بأنه سياج الوطن، فالوطن لم يعد له سياج، كان له سياج وقطعه اللاجئون وقفزوا من فوقه؛نصف مليون حتى الآن،.... فماذا سنفعل عندما يصل الى ثلاثة ملايين او أكثر؟ من يضمن ان هذا التدفق الشبيه بتسونامي هو تدفق عفوي؟ فهل جاء اللاجئون وقد نُحت على جبهة الواحد منهم انه جاء خائفاً أوطالباً للامن فقط؟؟!!! ماالدليل على ذلك؟ لماذا لا نفرض نحن الاردنيون، عبر اتفاقيات اقليمية ودولية،ان تكون محافظة (درعا) مثلاً (وهي الاقرب للاردن المستباح ) هي بيت الايواء للسورين فسوريا واسعة جداً،وبامكان المتقاتلين ان يتقاتلوا على طول البلاد وعرضها ويتركوا (درعا) منطقة آمنة، حتى يسهل على الأردن والعالم خدمة الاشقاء اللاجئين بسهولة أكبر،وعلى أرض سوريا الواسعة، وبما يقضيه الواجب الانساني ، وحق الشقيق على شقيقه، لماذا الاصرار على انهاك الاردن ؟؟؟ فلدينا من المشاكل ما يكفينا ويزيد . ما الفرق بين محافظة المفرق او اربد ومحافظة درعا؟؟!!!!

الاردنيون ما عادوا يرتاحون لرؤية الجيش الاردني الضارب وقد تحول الى مجرد قوة اسعاف ، ودفاع مدني ،أو أشبه بالموظفين لدى وكالات الاغاثة الدولية. الجيش الاردني (الذي لا يجرؤ أحد حتى أن يطالب بطرح ميزانيته للمناقشة أو الحساب مجرد طرح) ... هذه هي أيامه ، بل وبهذه الايام فقط عليه ان يثبت مصداقية القول بانه سياج الوطن وحامي الحمى ..... يا جلالة الملك ... الوطن بخطر: والتصرف المسبق له كلفته العالية ، لكنها تظل اقل بما لا يقاس من كلفة التصرف الذي سيكون اضطراراياً ولا مناص منه؛ إذا ما دفع الاشقاء السوريون بثلاثة ملايين أوأربعة أو خمسة الى الاردنن لماذا لا نفترض ذلك ؟؟؟ وما المانع من حدوثه ؟؟؟ عندها لن يكون هناك مفراً من العمل.لكن الكلفة آنذاك ستكون مرتفعة جداً ناهيك عن الفوضى التي ستحل بالداخل .
سيل اللاجئين يتدفق، والوقت ليس وقت مناقشات لتشكيل حكومة برلمانية أو غير برلمانية وليس وقت الحديث عن كتل وكانها أحزاب، وليس وقت التعامل مع برلمان وكانه يمثل الشعب كله ، الحقائق كلنا نعرفها ... وما نقوم به أقرب الى المزاح والمهزلة شبيهة بتلك التي مارسها فلاسفة روما عندما وصلت النار الى وسط المدينة وهم يناقشون مقولة أيهما أولاً الدجاجة أم البيضة!!!!!
يمكن لدولة الرئيس المكلف أن يشكل حكومته كيفما صدف، وهذا منطقي لخصوصية الظروف، ولا يغير في النتائج شيء. لأنه يعلم وإذا لا يعلم نقول له : إنه لو أدخل النواب كلهم وزراء لما رضي الناس بل والمؤكد انهم سيغضبون أكثر، ولن يرضون حتى لو شكلها من علماء العالم كله....... هناك ما هو أخطر ... والنار تزحف ولولا كرهنا الشديد وتجربتنا المرة مع الحكم العرفي لقلت ؛ ربما اننا قد تأخرنا عن اعلان حالة الطوارئ التي لا نرغب في ذكرها أو تذكرها.
وختاماً نقول : يا جلالة الملك الاردن الحبيب بخطر وليس لديك ولدينا ما نخاف عليه سواه.... أما أثرياء السياسة من طبقة السلطة فلهم الحق إذا ترددوا أو خافوا على ثرواتهم وحياتهم الراغدة وقصورهم ومصانعهم ومزارعهم الواسعة والمناصب المورّثة لأبنائهم وبناتهم ..... أما نحن الاردنيون فليس لدينا أي وقت للمزاح اذا الاردن قد استغاث و صاح . يا جلالة الملك لقد استغاث الاردن وصاح ، وأهون علينا ألف مرة ان تكون أجسادنا جيفاً للذئاب من أن نرى الاردن ارضاً وعرضاَ قد غدا لو للشقيق بغفلةٍ منا مُباح.. والسلام .

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير