2025-01-01 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ثقافة الأخذ والعطاء

صلاح ابو هنود
جو 24 : من المُناسبِ جداً في هذه الأيام وكلّ مكونات الشعب الأردني انشغلت بمسألة إعطاء الثقة لرئيس الوزراء عبد الله النسور من البرلمان الأردني المنتخب من الشعب لممارسة ولايته العامه على الشعب ، أن نتذكر معنى أن نأخذ ونعطي لهذا خطر لي أن أكتب عن ثقافة الأخذ والعطاء والتي أصابها الخلل بشكل كبير في الأردن من وجهة نظري.

أبدأ بالقول : إن الذين يحبون الأخذ يشعرون بالْتَّلَذُّذ وهذا يشْتَرك فِيْه مُعْظَم الْبشَر لَكِن الْتَّلَذُّذ بِالْعطَاء لَا يَعْرِفُه سِوَى الْعُظَمَاء وَأَصْحَاب الْأَخْلَاق الْسَّامِيَّة الْسَّامِقَة
يَقُوْل جُوَرْج بِرْنَارْد شُو :
( الْمُتْعَة الْحَقِيقِيَّة فِي الْحَياة ، تَتَأَتَّى بِأَن تصْهَر قوتِك الْذَّاتِيَّة فِي خِدْمَة الْآَخَرِيْن ، بَدَلَا مِن أَن تَتَحَوَّل إِلَى كَيْان أَنَانِي يَجْأَر بِالشَّكْوَى مِن أَن الْعَالَم لَا يُكَرِّس نَفْسَه لْإِسعادك )
وفي الأديان الذي انتظمت بها الحياة البشرية منذ آلاف السنين كان العطاء مطلبا الهيا يسبق الأخذ ولذلك يتضاعف أجر المعطي عند الله الى أضعاف مضاعفة قد تصل الى الخلود الفوري كما هو في حالة الشهداء.

ومما يحزن القلب أننا في الأردن بدأنا نلاحظ بشكل واضح أن ثقافة الأخذ سادت في معظم مكونات الدولة والمجتمع وصار التفاخر بالأخذ أعلى قيمة من التفاخر بالعطاء ، وما غضب الناس الحالي الا التعبير الأقوى عن ثقافة الأخذ بكافة اشكاله وبدون حق او قانون حتى كثر الحديث عن صور بشعة في الأخذ مورست من بعض المتنفذين ممن كان يفترض بهم حمل أمانة الناس ورعاية مصالح الوطن وصارت ثقافة العطاء السامية يوصف اصحابها بالغباء بدل الخلق السامي والسامق ، وفي استطاعتي أن أضرب أمثلة متعددة ولكني أترك للقارئ أن يتذكر بنفسه ما اختبره في حياته وبمناسبة الحديث عن البرلمان والرئيس ، سأنتقي مثلا ، ما يحدث في شوارع عمان أثناء قيادة السيارة فمنذ أعوام وأنا ألاحظ أن الغالبية لا تتقيد بالقانون ولا بالإشارات ولا المسارب ولا متطلبات السير الآمن على الطرق وتعرض حياة الآخرين للخطر وتعكير النفس البشرية ، فكل يريد الطريق لنفسه فقط وهذا نموذج في دلالته البسيطة والعميقة يعكس سيادة ثقافة الأخذ على مستوى كبير.

إن الحديث المعلن في الشارع ووسائل الإعلام والنخب عن مساومات وصفقات بين الحكومة وبعض أعضاء البرلمان إن كان صحيحا فهو مؤشر سلبي يظهر ان الذين يفترض بهم أن يكونوا أهل ثقافة العطاء قد كرسوا سيادة ثقافة الأخذ مقابل منافع ذاتية أو مناطقية أو جهوية على حساب الوطن الجامع.
إن العلاج الأمثل لما نحن فيه أن يتم العمل وبشكل عاجل على تنمية وتطوير ثقافة العطاء ضمن برامج وآليات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى تضعها وتلتزم بها كافة المؤسسات الرسمية والأهلية حتى نعبر بالوطن الى أجواء العدل والحرية والأمن المجتمعي ونشعر جميعا بالإرتقاء والتلذذ بقيمة العطاء ولنتذكر جميعا أن هذا ليس مستحيلا فشعب افتخر بفنجان قهوة السادة واكرام الضيف ومناداة عابر الطريق ليأكل من طعام البيت والفزعة والعونة الى الإستشهاد من أجل الأردن وفلسطين لدليل واضح على أن ثقافة العطاء كانت متجذرة في قيم هذا الشعب.

إِن بَهْجَة الْعَطَاء تَفُوْق لَذَّة الْأَخْذ ،
فَالْأَوْلَى رَوْحَانِيَّة خَالِصَة ، تَتَمَلَّك وِجْدَانُك وَأَحَاسِيْسُك ،
وَالْثَّانِيَة مَادّيّة بَحْتَة مَحْدُوْدَة الْشُّعُوْر
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير