قبل موت جهاز المناعة
لست طبيبا يريد شرح مسألة طبية لأحد مرضاه ولكني اخترت بدء مقالتي عن جهاز المناعة لحزني الشديد على ما يحدث في الجامعات والمجتمع من انحطاط في الوعي.
(الجهاز المناعي هو منظومة من العمليات الحيوية التي تقوم بها أعضاء وخلايا وجسيمات داخل الجسم بغرض حمايته من الأمراض والسموم والخلايا السرطانية والجسيمات الغريبة هذه المنظومة الحيوية تقوم بالتعرف على العوامل الممرضة وتحييدها أو ابادتها مميزة خلال ذلك بين هذه الممرضات وبين خلايا الجسم السليمة وأنسجته الحيوية ).
ولما كانت الدول تشبه الإنسان في دورة حياتها فتولد وتنمو وتشتد وبعد ذلك يصيبها الوهن وتشيخ حتى يأتيها الموت وما ذلك الا بسبب الخلل الذي يصيب جهاز مناعتها الذي يحميها من فتك السموم بها لأنه يستطيع التعرف على العوامل المدمرة وتحييدها أو ابادتها .
وأجهزة المناعة للدول والشعوب هي أساسا في ثقافتها وفنونها - موروثة كانت أو منتجة - ومدارسها وجامعاتها واعلامها ودور العبادة فيها ، فهذه في مجملها تشكل وعي المجتمع الصحيح وبالوعي فقط يستطيع المجتمع مواجهة التحديات ، وكلما زادت التحديات زاد ت الحاجة الى الوعي وهكذا دواليك .
بنظرة معمقة الى ما يحدث في الوطن هذه الأيام وبخاصة جامعاتنا الوطنية نجد أن الخلل سواء كان بجهالة أو تدبيرا مدروسا هو خلل في وعي مكوّن مهم من مكوّنات جهاز المناعة سيكون له أثارة التدميرية على الدولة والمجتمع إن لم نبادر لوضع حد له وايقافه ولو كان الدواء بالكيّ .
واذا ما استذكرنا ما سبق من تدمير للحياة الثقافية والفنية الجادة والملتزمة بقضايا الوطن والأمة والمؤسسات والبنى التحتية التي أنفق الأردن عشرات الملايين من الدنانير من أجلها وما حدث لمؤسسة الإذاعة والتلفزيون من تراجع بعد أن كانت الأولى في المنطقة والدور السلبي التي قامت به دور العبادة في حياة الناس وتوجيه عقولهم للانشغال بسفاسف الأمور، فإنني أستطيع أن أؤكد أن كل ما حدث كان ضربا لجهاز المناعة للوطن حتى يعجز عن حماية حياته ويصبح أسيرا لمن يمنحه الدواء أو الإبرة التي ستنقذ حياته.
ما يحدث الآن خطير وخطير جدا وعلينا أن ندرك قبل فوات الآوان اهمية اعادة مكونات جهاز المناعة الى القيام بدورها الأساسي في تشكيل الوعي السليم القادر على مواجهة التحديات الصعبة .
