2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

من د. جهاد البرغوثي الى حزب الجبهة الاردنية

د. جهاد البرغوثي
جو 24 :

نادى جون ستيورات ميل ( 1806 – 1873 ) وكان رمز الفكر السياسي في بريطانيا بالالتزام والحفاظ على حرية الفرد التي تقوم على اساسها حرية المجتمع والحكومة النيابية . وفي عام 1843 وضع نظاما سماه" نظام المنطق " ، والذي غاب او تغيَّب عندنا في سياق الاحداث والمستجدات بعيداً عن تطور مفهوم الحرية والتعددية الحزبية التي هي وحدها الكفيلة لتدفع بالحياة السياسية نحو النمو والانجاز .
فالامم تتقدم بالسعي الجماعي ولا يمكن لها ان تتقدم بقرار من السلطة السياسية. ولاسباب مختلفة ومتباينة ما خلت من الانتهازية السياسية أفرغ التواصل الشكلي والمضموني من الحكومة النيابية وهي ما زالت في الخداج .فالاجراءات ما قبل اجراء انتخابات المجلس السابع عشر واخص بالذكر تعويم القوائم لا ان تكون حكراً على الاحزاب السياسية لا يمكن اعتبارها انها تماشت او انسجمت مع قيم الديمقراطية .ومن المحبط ايضا انه ما كان هناك ارتداد شعبي لتلك العاصفة المدوية لتحجيم الاحزاب السياسية بعد ان كان لها تأثير متصاعد في الساحة السياسية واخذ اثرها الفاعل يظهر في عمليات اتخاذ القرار السياسي.
هل لنا ان نستغرب اذن ان بعض من اجتهدوا وما اصابوا مع تعويم للقوائم الوطنية والتي ما تماشت او انسجمت مع قيم الديمقراطية بل انها وأدتَ كل المتغيرات للقيم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية التي كنا نصبوا اليها .
فالمتغيرات هي دوما كمية وليست نوعية . كان من المفروض على المجتمع المدني ان يساهم ويشارك في شجب تلك الظاهرة ولكن ذلك لم يحدث .
كل هذا استحق التأمل والنظر – وما خططت له قوى الشد العكسي في ترحال الاحزاب السياسية الى مصير مجهول و ما اقترفته من اجراءات ادت الى مجتمع منقسم – وما حرارة الحدث الا وتغذي الكراهية والعنف والاضطراب السياسي .
هل لنا ان نستنبط سلاسل من الاسباب والمسببات كي لا نتعايش من حيث مبدأ القبول بالامر الواقع او المضي لما فيها من صلات واهية.
يقول ستيوارت " لا تقاس الحكومة الصالحة الا بمقدار ما تصطنعه من مواطنيها وما تصنعه بهم .
فا الانسان سيد نفسه ! فلماذا وضع ستارٌ لمخالفة ارادة الشعب وطـُبِّق ذلك بمعايير مزدوجة، ولربما احيانا بصورة انتقائية لا لغاء الحكومة النيابية .
فلا يجوز خلق قانون للأقوياء اصحاب الرساميل المالية الكبيرة والمتنفذة لتطبيقه على الضعفاء .
ان وجود التعددية الحزبية تحت القبة هو نفسه ضمانٌ للتقدم المتوازن في ممارسة الديمقراطية على النحو الامثل.
فإذا كانت الحضارات نتاج ٌ للتاريخ ، فالتاريخ هو ملك للأنسانية – فهل في تغييب الانسانية نظام يقبل بالتعددية السياسية والفكرية والتي هي دعائم الاطار القانوني ولها الدور الفاعل في احداث التغيير المنظم نحو بناء الاردن الحديث والاسراع نحو التطور والتنمية في القطاعات الشعبية العريضة ؟.
ان ترابط الاصلاح الاقتصادي يسير جنبا الى جنب مع الاصلاح السياسي , فإذا إنعدمت او وهنت الاحزاب والقوى السياسية ، يجعل من الصامت ان يتمرد على اوضاع اقتصادية مترديه .
فالخروج من حالة الاكتئاب والاحباط العام التي نجمت عن ازمة اقتصادية خانقة ومديونية تخطت كل السقوف واخفاق سياسي في التعاطي مع الاحداث والتطورات والتفاعلات والمستجدات في المجتمع ، كلها تدفع نحو كارثة قومية ،ومن احدى ظواهرها ما نراه من العنف الجامعي .
ان الابقاء على شكليات حزبية متناثرة لا وزن لها ولا قوة في مجموعات زادت عن الخمسة والعشرين حزبا فيه غموض والتباس مقصودان .
ان احد وجوه الاختلاف يتمثل في تفكك الاطر التقليدية الراسخة لتأسيس الاحزاب الوطنية .
ولا بد من القول انه يبدو من المشكوك فيه ان يكون هناك قدر كاف من الضغط العام لإحداث مثل هذا التغيير.
فإذا كانت قوى الشد العكسي قد فرضت وتعاملت مع قانون انتخاب مرفوض تكون قد اعدمت المستقبل ليصير ماضياً وتمسكت بالماضي الذي يهيمن بتاثيره على الحاضر ، بعد ان حطمّت ومزقت بعض خاصيات الحاضر اذا ما امتلك اي مؤشرات في المستقبل.
فلا يمكن استنباط الصواب الا بالحوار والمقارنة وما يحدث حاليا بعيد كل البعد عن نتاج امال شعب وطموحاته وإهتماماته رغم اختلاط الرموز والمفاهيم ، ولا يخفى بل يرسخ درجة الفساد المتغلغل والمتفشي في البلاد .
أو لسنا تحت وهم الحكومة النيابية في السنوات الخمسة او العشرة القادمة. انها اضغاث احلام!
لن نتقدم االا بحتمية توسع وانتشار حزب خرج من رحم معاناة الناس وتطلعاتهم نحو الحياة الحرة الكريمة . واذا ما نظرنا الى الخارطة السياسية فإن حزب الجبهة الاردنية الموحده الذي دخل في عملية الفوضى وخرج بكدمات دون تشوهات فلا بد ان يستعيد عافيته ويعيد بناء كوادره و متابعة المشوار مهما كان طويلا وصعبا .

تابعو الأردن 24 على google news