لنتواصل!
د. جهاد البرغوثي
جو 24 : كُتـَّابُ الاعمدة الرئيسة في الصحف اليومية وشبكات الانترنت والفضائيات المحلية قد أشبعوا مقالاتهم تمحيصا وتحليلا بالملفات الثلاث في فوهة البركان – الملف السوري الذي دخل في حيز اتفاق روسي امريكي ستظهر معالمه في مؤتمر جنيف (2) في بداية الشهر المقبل بعد ان ظهر للعالم اجمع تقاعس امريكا المهين للأمة العربية جمعاء التي تريد ان تلحق بركب الحرية والديمقراطية والحياة الافضل ، والملف العراقي الاكثر خطورة والذي سيحدد التقسيمات الجغرافية الجديدة على تركيبة مذهبية مع خروج كردستان العراق من المعادلة والذي تدعمه امريكا استمرارا لمخطط بوش الشيطاني ، والملف الفلسطيني الذي بقي مُغيـّبا في الادراج منذ ردح من الزمن لاعادة دراسته من جديد ، ومن مرتكزاته الاساسية حل قضية فلسطين دون المساس بالكيان الاسرائيلي من البحر الى النهر ، و دون اقامة دولة فلسطينية مستقلة على الارض الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية . هذا قول ما عاد في حيثيات الحل ، والدولة الثنائية بترميمات هنا وهناك ستبقى الخيار الواقعي لاصحاب القرار ، واسرائيل هي اللاعب الاكبر الذي يدير لعبة الروليت السياسية الامريكية بإتقان .
ما تداعيات الملفات الثلاث على الاردن ؟
هذا ما ساتركه لاهل الفكر والسياسة والصحافة ،اما في الداخل فهناك مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية لا تقل اهمية وخطورة عن سابقاتها .
1. فالمسار السياسي الذي يزداد غموضا كلما وضحت ظواهره بعد ان ابطل اصحاب القرار نشوء الاحزاب التي بشـّروا بها ، فأخذت بالتصاعد الى ان هوت فجأة ولو الى حين !
2. والمسار الاقتصادي يتهاوى دون ايجاد حلول بديلة لرفع الاسعار الذي يتوقعه الجميع خلال الشهر القادم ، وما نـُتف المساعدات الا لترقيع سترة بالية .
3. والمسار الاجتماعي الذي اخذ يتفرع نحو الأزقة ، وما عاد نسيجا متماسكا متينا كما خبرناه طيلة نصف قرن .
4. والمسار الديني الذي باتت تسيطر عليه السلفية المستورده بكافة تصنيفاتها الجهادية والعلمانية والحركية – فمنها ما يدفع بنا نحو الارشاد واستيعاب التقدم التقني والعلمي في اطار ديني محافظ ، ومنها ما يدعو للتكفير حسب مصطلحاتهم مع رفض الرأي الاخر ، ومنهم ما بين وبين !
لا شك ان الشعب الاردني الكبير قد تكابر على الآمه ومعاناته واحباطاته رغم اظهاره لبعض التنفسات في احتجاجات ومظاهرات – ومع ذلك فقد جمع كل مداركه وتدارس تداعيات الملفات الثلاث عليه ، والقى بها جانبا في ثورة الغضب من اجل الصالح العام.
ان تعطيل مسيرة الاصلاح من اجل "الاردن الحديث " والاكتفاء بالتحديق عبر منظار اسود يرى فيه اصحاب القرار انعدام الشفافية وضبابية السياسة – ليس في مصلحة حركة النماء لبلد يدرك مسؤولياته امام كافة مكونات شعبه ويتحمل جسامة دراسات سياسية محتملة تكاد تعصف بوجوده .
- كان لدي بعض الامل في الابقاء على الرؤيا السليمة والواقعية ودراستها بعمق وتفهم مع مواكبتها لنشوء الاحزاب الوطنية واعطائها الارضية الصلبة من اجل النمو لتأخذ مكانها في ميزان القوى السياسية .
فالانسان الاردني يتطلع الى حاضر فيه العزة والكرامة ، ومستقبل فيه الاستقرار والنماء والازدهار .
- ما بنا بالظلمة التي تغطي عقولنا ، وتملأ قلوبنا ، وتفسد نفوسنا ، فتجعلنا لا ننظر الى الوطن الا من خلال المصالح الذاتية والمنافع الشخصية دون انتماءات لخالق او لعروبة او لأرض او لشعب او لأمّة .
- فالاستطلاع مصحوبا بقراءة ما يحدث من تشنجات في مجتمعنا ومن ثم ترتيب الافكار للأكتتاب بها من اجل البحث عن مسببات التغييرات التي طرأت على مجتمعنا المحافظ !.
فالمهندس يرسم فكره في زاويا وخطوط ثم يترجم كل ذلك الى حجارة واسمنت ليقوم البناء شامخا ومتينا .
- الكل يتحدث عن تجاوزات في مجتمعنا وينسبها الى عدم وجود ضوابط قادرة على وضع الاطر السليمة في المحافظة على الاشكالية الاخلاقية والوطنية والانسانية في ممارسة "المواطنة" .
- ان كثافة الظلام الذي خيّم على بلدنا في السنوات العشر الماضية شمل كافة مناحي الحياة وانشطتها المهنية والاعلامية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والوطنية ، كل ذلك جعلنا نسير في طريق مليء بالاشواك ، فتعثرت مسيرتنا ،وضعف اداؤنا ، وكادت ان تلين ارادتنا .
- ليس هو وحده العنصر المالي او الديون المتراكمة التي ادخلتنا في قمقم مظلم وانما هو تدني القدرات ، وتذبذب القرار السياسي ما بين المدّ في القول ليتلوه الجزْر في التنفيذ ، وانكماش الاخلاص ، والانتماء الكاذب ، وغلبة الربحية والانانية على الخير والعطاء للبلد واهله – فاضمحلت الامال وسقطت الشعارات التي رفعتها ونادت بها الدولة في محاربة الفساد على اوسع نطاق، والمضي في الاصلاح بمجذافيْه ، النضوج السياسي عبر اعلام فعّال ، وتبني نشوء الاحزاب لتتقدم فيما بعد نحو الحكومة النيابية.
ما من شك ان متابعتي في الحديث علن المسارات الاربعة كشأن محلي وكيفية معالجتها وكأنني اسمع اصوات نشاز تصدر من فرقة موسيقية فقدت عوامل التنسيق والاداء والنغم واللحن والكلمة – فكل يغني على ليلاه! لا اريد ان اسمع ما صرّح به معالي وزير المالية "باوقات صعبة قادمة"، وكأن ايامنا الحالية لبن وعسل ، وكان معاليه وزيرا ومحافظا اكثر من عقد من الزمن في الوقت الضائع .
فالمواطن يرتعب خوفا من كل تصريح من هذه النوعية على امل ان يتوقف لديه الوقت حتى لا يأتي شهر تموز و تـُرفع فيه اسعار المياه والكهرباء والنفط ومشتقاته ورفع الدعم عن الطحين ....الخ .
يبتغي المواطن حلولا وبدائل وليس اياما صعبة وكأنها خاتمة الاحزان في مسرحية تراجيدية كان اسمها في الماضي "هاملت" واصبح اسمها اليوم " الكهرباء والماء والمواصلات والخبز والتعليم والمعالجة والدواء "، يُضاف عليها ايقاعات الملفات الثلاث وارتداداتها علينا .
نريد ان نرى لجانا من خبراء واكاديميين ووزراء وتربويين كل حسب اختصاصه وقدراته ليدرسوا المسارات الاربعة ويخرجوا بالتوصيات اللازمة.
لأضع خلاصة القول في اطار فلسفي ديني . فالشروق والغروب كلمتان مترادفتان ليستا متباعدتين رغم كونهما بمثابة بداية ونهاية في مفهوم ما ، وعكس ذلك في مفهوم اخر ، او انهما يسيران في اتجاه واحد، فاُدخلا في دائرة بلا بداية ولا نهاية بل فيهما التواصل التام.
ان حسن اختلافات الاراء هو في اجتماعها وليس ببعثرتها حيث ان المفهوم الجدلي يخلق التأثيرات المتبادله التي تضع الامور والصعاب في صياغة جديده قادرة على تحصيل التعاون والابتداء بما هو ضروري. فالغلبة ليس لهذا الرأي او لذاك وانما هي للبلد ، ليطمئن اهله ويستقر فكرهم وتقل مخاوفهم.
فإذا استجدت الدولة برجالاتها وعلمائها ومفكريها وخبرائها في علم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم عظم شأنها وساد استقرارها.
لنتواصل معا حكومة وشعبا.
حمى الله الاردن في عيد استقلاله السابع والستين ارضا وشعبا وكيانا.
ما تداعيات الملفات الثلاث على الاردن ؟
هذا ما ساتركه لاهل الفكر والسياسة والصحافة ،اما في الداخل فهناك مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية لا تقل اهمية وخطورة عن سابقاتها .
1. فالمسار السياسي الذي يزداد غموضا كلما وضحت ظواهره بعد ان ابطل اصحاب القرار نشوء الاحزاب التي بشـّروا بها ، فأخذت بالتصاعد الى ان هوت فجأة ولو الى حين !
2. والمسار الاقتصادي يتهاوى دون ايجاد حلول بديلة لرفع الاسعار الذي يتوقعه الجميع خلال الشهر القادم ، وما نـُتف المساعدات الا لترقيع سترة بالية .
3. والمسار الاجتماعي الذي اخذ يتفرع نحو الأزقة ، وما عاد نسيجا متماسكا متينا كما خبرناه طيلة نصف قرن .
4. والمسار الديني الذي باتت تسيطر عليه السلفية المستورده بكافة تصنيفاتها الجهادية والعلمانية والحركية – فمنها ما يدفع بنا نحو الارشاد واستيعاب التقدم التقني والعلمي في اطار ديني محافظ ، ومنها ما يدعو للتكفير حسب مصطلحاتهم مع رفض الرأي الاخر ، ومنهم ما بين وبين !
لا شك ان الشعب الاردني الكبير قد تكابر على الآمه ومعاناته واحباطاته رغم اظهاره لبعض التنفسات في احتجاجات ومظاهرات – ومع ذلك فقد جمع كل مداركه وتدارس تداعيات الملفات الثلاث عليه ، والقى بها جانبا في ثورة الغضب من اجل الصالح العام.
ان تعطيل مسيرة الاصلاح من اجل "الاردن الحديث " والاكتفاء بالتحديق عبر منظار اسود يرى فيه اصحاب القرار انعدام الشفافية وضبابية السياسة – ليس في مصلحة حركة النماء لبلد يدرك مسؤولياته امام كافة مكونات شعبه ويتحمل جسامة دراسات سياسية محتملة تكاد تعصف بوجوده .
- كان لدي بعض الامل في الابقاء على الرؤيا السليمة والواقعية ودراستها بعمق وتفهم مع مواكبتها لنشوء الاحزاب الوطنية واعطائها الارضية الصلبة من اجل النمو لتأخذ مكانها في ميزان القوى السياسية .
فالانسان الاردني يتطلع الى حاضر فيه العزة والكرامة ، ومستقبل فيه الاستقرار والنماء والازدهار .
- ما بنا بالظلمة التي تغطي عقولنا ، وتملأ قلوبنا ، وتفسد نفوسنا ، فتجعلنا لا ننظر الى الوطن الا من خلال المصالح الذاتية والمنافع الشخصية دون انتماءات لخالق او لعروبة او لأرض او لشعب او لأمّة .
- فالاستطلاع مصحوبا بقراءة ما يحدث من تشنجات في مجتمعنا ومن ثم ترتيب الافكار للأكتتاب بها من اجل البحث عن مسببات التغييرات التي طرأت على مجتمعنا المحافظ !.
فالمهندس يرسم فكره في زاويا وخطوط ثم يترجم كل ذلك الى حجارة واسمنت ليقوم البناء شامخا ومتينا .
- الكل يتحدث عن تجاوزات في مجتمعنا وينسبها الى عدم وجود ضوابط قادرة على وضع الاطر السليمة في المحافظة على الاشكالية الاخلاقية والوطنية والانسانية في ممارسة "المواطنة" .
- ان كثافة الظلام الذي خيّم على بلدنا في السنوات العشر الماضية شمل كافة مناحي الحياة وانشطتها المهنية والاعلامية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والوطنية ، كل ذلك جعلنا نسير في طريق مليء بالاشواك ، فتعثرت مسيرتنا ،وضعف اداؤنا ، وكادت ان تلين ارادتنا .
- ليس هو وحده العنصر المالي او الديون المتراكمة التي ادخلتنا في قمقم مظلم وانما هو تدني القدرات ، وتذبذب القرار السياسي ما بين المدّ في القول ليتلوه الجزْر في التنفيذ ، وانكماش الاخلاص ، والانتماء الكاذب ، وغلبة الربحية والانانية على الخير والعطاء للبلد واهله – فاضمحلت الامال وسقطت الشعارات التي رفعتها ونادت بها الدولة في محاربة الفساد على اوسع نطاق، والمضي في الاصلاح بمجذافيْه ، النضوج السياسي عبر اعلام فعّال ، وتبني نشوء الاحزاب لتتقدم فيما بعد نحو الحكومة النيابية.
ما من شك ان متابعتي في الحديث علن المسارات الاربعة كشأن محلي وكيفية معالجتها وكأنني اسمع اصوات نشاز تصدر من فرقة موسيقية فقدت عوامل التنسيق والاداء والنغم واللحن والكلمة – فكل يغني على ليلاه! لا اريد ان اسمع ما صرّح به معالي وزير المالية "باوقات صعبة قادمة"، وكأن ايامنا الحالية لبن وعسل ، وكان معاليه وزيرا ومحافظا اكثر من عقد من الزمن في الوقت الضائع .
فالمواطن يرتعب خوفا من كل تصريح من هذه النوعية على امل ان يتوقف لديه الوقت حتى لا يأتي شهر تموز و تـُرفع فيه اسعار المياه والكهرباء والنفط ومشتقاته ورفع الدعم عن الطحين ....الخ .
يبتغي المواطن حلولا وبدائل وليس اياما صعبة وكأنها خاتمة الاحزان في مسرحية تراجيدية كان اسمها في الماضي "هاملت" واصبح اسمها اليوم " الكهرباء والماء والمواصلات والخبز والتعليم والمعالجة والدواء "، يُضاف عليها ايقاعات الملفات الثلاث وارتداداتها علينا .
نريد ان نرى لجانا من خبراء واكاديميين ووزراء وتربويين كل حسب اختصاصه وقدراته ليدرسوا المسارات الاربعة ويخرجوا بالتوصيات اللازمة.
لأضع خلاصة القول في اطار فلسفي ديني . فالشروق والغروب كلمتان مترادفتان ليستا متباعدتين رغم كونهما بمثابة بداية ونهاية في مفهوم ما ، وعكس ذلك في مفهوم اخر ، او انهما يسيران في اتجاه واحد، فاُدخلا في دائرة بلا بداية ولا نهاية بل فيهما التواصل التام.
ان حسن اختلافات الاراء هو في اجتماعها وليس ببعثرتها حيث ان المفهوم الجدلي يخلق التأثيرات المتبادله التي تضع الامور والصعاب في صياغة جديده قادرة على تحصيل التعاون والابتداء بما هو ضروري. فالغلبة ليس لهذا الرأي او لذاك وانما هي للبلد ، ليطمئن اهله ويستقر فكرهم وتقل مخاوفهم.
فإذا استجدت الدولة برجالاتها وعلمائها ومفكريها وخبرائها في علم السياسة والاجتماع والاقتصاد والتعليم عظم شأنها وساد استقرارها.
لنتواصل معا حكومة وشعبا.
حمى الله الاردن في عيد استقلاله السابع والستين ارضا وشعبا وكيانا.