2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

"إيــجـــاز الإنـــــجـــاز" مشكلتنا في "الفــْــراطَـــةْ "

ا.د. إدريس عزام
جو 24 :

جرت العادة أن يفرض عليك البائع أحيانا ً"علكة ،أو كبريتة ، أو ولاعة غاز " أو ماشابه إذا زاد لك شلن عنده أو أقل من ذلك إذا لم تتوفر لديه الفراطة (قروش أو شلنات).وأنت لا خيار لك إلا أن تأخذ هذه السلع القهرية ، وتخرج لا تلوي على شيء تتقبلها مع أنك قد لا تكون بحاجة لها أبدا ً .

هكذا بالضبط تعاملت وتتعامل طبقة السلطة الأردنية مع الشعب الأردني حتى الآن خرج يطالب بالتشاركية السياسية إلى جانب طبقة السلطة .... فتجاهلته ، وفرضت عليه لجنة سمتها "لجنة الحوار الوطني " ....... مع أن الشعب لم يطلب ذلك . لم يخطر مثل هذا الاسم ولا هكذا لجنة على بال أحد ، فأدارت هذه اللجنة حوارا ً فيما بينها نيابة عن الشعب كان أقرب إلى المنولوج منه إلى الحوار الثنائي فخرج الشعب من هذه المطالبة ... لا يلوي على شيء .


ثم خرج يطالب بأن تقوم الأجهزة المعنية بواجباتها (وهي المؤهلة لذلك )بأن تلقي القبض على الفاسدين والمخربين وتحاكمهم حسب القوانين النافذة وتسترد المسروقات والمبيوعات؛ فكان من طبقة السلطة أن تجاهلت ذلك الطلب المحدد وأنشأت هيئة وطنية لمكافحة الفساد تتفرغ للتعامل مع الفساد والفاسدين ، مع أن الشعب لم يطلب ذلك ... ولم يخطر ببال أحد أن تستبدل موظفي الأجهزة المعنية بموظفي الهيئة علاوة على أنها لم تكن مطلوبة ..... فليس هناك ما يضمن أن تكون الهيئة أفضل أو أكفأ من الأجهزة ولم يظهر أي دليل يكذب هذه الفرضية حتى الآن . فخرج الشعب أيضا ً من هذا الأمر لا يلوي على شيء .

ثم خرج يطالب بإعادة النظر بالدستور وإعادة ترتيب العلاقة بين الشعب والسلطة ، فتجاهلته طبقة السلطة ، وفرضت عليه لجنة لم يطالب بها من الأصل ... كي تقوم هذه اللجنة بإعادة النظر بالدستور وتعديله ... فكان أن عدّلت موادا ً لم يخطر ببال أحد أنها المستهدفة كمطلب شعبي .... لكن السلطة فرضت كل ذلك على الشعب فخرج الشعب من هذه المطالبة لا يلوي على شيء .

ثم خرج يطالب بأن تكون الانتخابات حرّة وأن لا تتدخل طبقة السلطة فيها لكن طبقة السلطة تجاهلت ذلك وفرضت عليه هيئة حكومية لتحل محل وزارة الداخلية الحكومية في الإشراف على الانتخابات مع أن الشعب لم يقلل من كفاءة وزارة الداخلية بل طالب بعدم تدخلها تحيّزا ً لفلان وعلّان . تجاهلت ذلك وفرضت هذه الهيئة مع أن الشعب لم يطالب بها لأنه لا يحتاجها .... حاجته شفافية ونزاهة . لكن ما قدم له ، أشخاص بدل أشخاص ... ولا ضمان لأن يكون الجديد أشرف أو أكفأ من القديم وطالما أن منهجية العمل ثابتة ، فليس لتغير الأشخاص أي قيمة ....

ثم خرج لا يطالب بشيء هذه المرّة بل بالعدالة عامة ... لكن طبقة السلطة فرضت عليه محكمة دستورية لتحل محل المجلس العالي لتفسير الدستور .مع أن الشعب لم يطعن بكفاءة ذلك المجلس ، لكن طبقة السلطة سارعت وفرضت المحكمة الدستورية التي لم يطالب بها أحد ، ورافقها تطبيل وتزمير ..فخرج الشعب لا يلوي على شيء .

ثم خرج الشعب يطالب بأن يكون الحزب والحياة الحزبية آلية الوصول إلى الحكم وتداول الحكم بين الأحزاب التي تحقق غالبية برلمانية ....فتجاهلت طبقة السلطة ذلك وفرضت عليه قانون جديد للأحزاب لا علاقة له بتناوب السلطة بين الأحزاب بل وفيه قيود على ذلك، فكان ما طالب به الشعب في واد وما فُرض َ عليه في واد ٍ آخر مختلف وخرج الشعب من هذا المولد لا يلوي على شيء.
ثم خرج الشعب يطالب بإعادة النظر بتقسيم الدوائر الانتخابية ، لكن طبقة السلطة تجاهلت ذلك وقدمت له قانونا ً جديدا ًللانتخابات عابر لكل الدوائر ليكون الإنتاج هو الإنتاج إذا ما تم إقراره ، فكان أن خرج الشعب من هذا الأمر لا يلوي على شي أيضا ً .

ثم خرج الشعب يطالب بتشكيل مجلس إنقاذ وطني أو حكومة إنقاذ وطني تعمل على إعادة صياغة مجمل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الأردن. لكن طبقة السلطة تجاهلت ذلك وفرضت على الشعب حكومة جديدة برئاسة جديدة قديمة مع أن الشعب لم يطعن بكفاءة الرئيس السابق( باستثناء بعض من وظفوا للقيام بذلك كصفقات مصلحية ) فخرج الشعب لا يلوي على شيء .

نخلص إلى القول : أن السلطة قد أبدعت في تحويل مطالب الشعب ، إلى فرص عمل ومناصب بآلاف الدنانير للمحاسيب (المعارف والأصدقاء من طبقة السلطة ذاتها ) عبر توليد وتفريع لجان وهيئات جديدة لهم من مؤسسات وطنية قائمة مؤهلة لأن تقوم بكل ما تقوم به هذه الفروع الجديدة ، أو التكايا الجديدة لكنها فرصة ولاحت، فالمؤسسات العتيقة ربما رواتبها متواضعة ، لكن التكايا الجديدة ستكون بأنظمة خاصة ورواتب مختلفة وكلّه بالقانون ...ألم يطالب الشعب ؟؟ وها نحن نغتنم الفرصة ونخدم أنفسنا عبر مطالب الشعب خدمة لم نتخيلها حتى في المنام . هكذا يقول لسان حال طبقة السلطة في سرائرهم . .... طالبوا فاستجبنا .. خسروا وربحنا.

إذن : هي المماحكة ولا شيء غيرها ، كما نظن ؟؟؟!!!أو الاستغفال .. لكن الطامّة الكبرى ، إذا كان ذلك يتم عن غفلة من طبقة السلطة ...عن حقيقة أن الشعب الأردني قد نضج وبلغ سن الرشد ومن حقه أن تُرفع الوصاية عنه ، فالشعب كله يقول : طالبنا بإلقاء القبض على الفاسدين والحرامية وليس مجرد فتح ملفات من ورق فأعطونا هيئة . وطالبنا بإصلاحات دستورية وتشريعية وقضائية فأعطونا لجان ومحكمة . وطالبنا بمجلس أو هيئة إنقاذ وطني لتأهيل البلد للانتقال السلس نحو الديمقراطية التي تناسبنا على الأقل فغيروا الحكومة ، وأعطونا حكومة جديدة برئيس قديم ويتساءل الشعب طالبنا بأشياء كثيرة ..

 وقدموا لنا غيرها ... فإلى متى سيظل الإتحاد الاحتكاري لطبقة السلطة مصرا ً على أن يتجاهل مطالبنا ويقدم لنا بدلا ً منها العلكة والكبريتة وولاعة الغاز والمصاصة . لقد صار واضحا ً أن الشعب في واد ٍ ورجالات طبقة السلطة في وادٍ آخر . على أي حال، طالب الشعب بما يحتاجه ، وطبقة السلطة قدمت ما عندها . فإن قبل الشعب بذلك يكون حقه قد وصله والواجب أن يسكت . وإن رفض تكون حال طبقة السلطة كحال من حبس نفسه مع القط في غرفة وأغلق الباب وبدأ باستفزازه .

أ.د. إدريس عزام

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير