2025-01-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

النقابات المهنية بين الطموح والواقع

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : منذ التأسيس والنقابات المهنية تشكل مدرسة في التقاليد الديموقراطية والنقابية والوطنية ، فعندما كانت مصادرة الحريات العامة واقصاء الراي الاخر تجري على قدم وساق على مدار السنوات الماضية وان بحدة مختلفة ، كان النقابيون الاردنيون يمارسون ارقى اشكال التعددية والاختلاف ، ويدافعون عن نقاباتهم ويحولونها الى قوة بناءة ايجابية ، ويؤسسون لما يجب ان يكون عليه المجتمع المدني والسياسي على حد سواء .

وحيث كانت تختلط المصالح النقابية بالسياسة وبالخطاب الديماغوجي الدارج ، عرف النقابيون مبكرا كيف يذودون عن مصالحهم المباشرة ويصونونها في عمل مؤسسي وتقاليد نقابية عريقة قل نظيرها على الصعيد العربي . صحيح ان هذه التقاليد لم تكن كافية تماما للحد من تغول الحيتان لكنها وفرت حماية معقولة لصغار النقابيين والنقابيين الجدد في القطاعين العام والخاص .

وكما حرصت النقابات المهنية في ايامها المجيدة على طابعها النقابي والدفاع عن المصالح المادية لاعضائها ، كذلك نسجت علاقة صحيحة ومشروعة بين هذه المصالح وبين دور المجتمع المدني وخاصة النقابات المهنية في الانخراط الحميم في قضايا الامة والوطن والدفاع عنها جنبا الى جنب ان لم يكن على راس مختلف الفعاليات المدنية والوطنية .

والاهم من ذلك ان النقابات المهنية التي تصدت لكل هذه المهام خلال السنوات الصعبة ، لم تفصل بين العمل النقابي والاهتمام بالوطن وبين المناخ الديموقراطي القائم على الاختلاف والتباين داخل الثوابت الوطنية ، وليس على الاقصاء والتهميش تحت ذرائع مختلفة ، فالديموقراطية والاحساس العالي بالمسؤولية ازاء العمل النقابي الخاص والمصلحة النقابية العامة ، وبصرف النظر عن الاطياف الداخلية ، مناخات اساسية للانخراط في القضايا العامة للمواطن والوطن ، وهي المؤهلة ابتداء في الدفاع عن النقابيين والمهنة والارتقاء بها ...ومن المؤسف بل ومن المحزن ان تكون هذه النقابات العريقة قد فقدت بوصلتها وانتهت الى ما انتهت اليه ، حيث انقلبت المفاهيم انقلابا بائسا لا يهدد كتلة بعينها بقدر ما بات يشكل تهديدا حقيقيا لاهم قلعة من قلاع المجتمع المدني ، فتحولت المنافسة الى صراع وتحول الاختلاف الى مشاكسة وتحولت التعددية الى الوان مجردة وتحول اداء الجماعة الفائزة الى استحواذ نقابي ومالي يتعدى حقوق الهيئات العامة الى حسابات فئوية ضيقة بصرف النظر عن الموقف السياسي لها او منها .وباتت المهام الاساسية للنقابات المهنية خارج دائرة مراقبتها ومتابعتها لا بل واهتماها ايضا ، فالقطاعات الخدمية التي تمس النقابيين بشكل خاص والمواطنين بشكل عام اصبحت مسرحا للتلاعب والغش والابتزاز والهبش والمحسوبيات .

ان قطاعات الانشاءات والصحة والتعليم هي مجالات واسعة ومفتوحة ... وهي الفضاءات الحقيقية التي تمارس من خلالها النقابات المهنية دور الرقابة ودور الحماية للوطن والمواطنين ، فالتغول على جيب المواطن في الصحة والتعليم من قبل حيتان معروفين للجميع ،واخطاء في الممارسة المهنية يدفع ثمنها المواطن البريء ، وتسرب الامتحانات الذي يؤدي الى عدم تكافؤ الفرص والى جيل عابث ومستهتر، وغيرها من المظاهر والممارسات التي باتت حديث الناس ومصدر قلقهم والمهم ، كل ذلك اصبح يفرض على ادارات هذه النقابات ان تتحمل مسؤولياتها الوطنية وان تمارس دورها التاريخي بعيدا عن حسابات فئوية ضيقة ومصالح انتخابية يدفع بالنهاية ثمنها الوطن والمواطن .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير