الإخوان السوريون وجذور الأزمة
م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : بدأت جماعة الإخوان المسلمين بالإنتشار في سوريا عام 1939 م ، عندما التقي الشيخ مصطفى السباعي ( حمص ) مع المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين حسن البنا ، أثناء موسم الحج في ذلك العام ، لكن لحظة الانطلاق الرسمي للجماعة كانت عام 1945 م ، حيث أصبح الشيخ السباعي مراقبا عاما للجماعة ، بالإضافة الى الشيخين محمود الشقفة ومحمد الحامد ( حماة ) ، وعمر بهاء الأميري ( حلب ) والشيخين عصام العطار وزهير الشاويش ( دمشق ) وكان الشيخ السباعي جسرا بين إخوان سوريا ومكتب الإرشاد في القاهرة ، وقاد الجماعة في سوريا بتمايزات ملحوظة عن خط القيادة في مصر ، فكان أكثر انفتاحا على الأفكار القومية والعروبية ، وعلى المكونات الاجتماعية السورية ، لا بل فقد مثّل حالة وسطية في السياسة السورية بين يسار بعثي – شيوعي موال لموسكو ، ويمين موال لبغداد والغرب ، وبالرغم من الصراع الدامي بين جماعة الإخوان المسلمين وعبد الناصر ، الا ان السباعي كان متعاونا مع عبد الناصر ومؤيدا للوحدة ، لا بل فقد أصدر عام 1959 م ، كتابا بعنوان " اشتراكية الاسلام " دعم من خلاله مشروع الإصلاح الزراعي الذي عارضته البرجوازية التقليدية السورية .
دفعت الحالة المرضية للشيخ السباعي بالعطار مراقبا عاما للجماعة ، حيث بدأت في عهده تحولات إخوانية نحو اليمين المتشدد ، وبتأثير من مكتب الإرشاد ، قادها الشيخ محمد الحامد ( حماة ) ، الذي أسس لأفكار التشدد الإخواني ، في مواجهة اعتدال وانفتاح الشيخ السباعي ، حيث انتقل هذا التشدد الى تلامذته ، ممثلا بالشيخين مروان الحديد وسعيد حوى ( حماة ) اللذين قادا اول عصيان مدني في حماة عام 1964 م ، وأصبحت ملامح التشدد والتطرف الإخواني ذات ملامح حموية ، ممثلة بالشيخين الحديد وحوى ، لا بل فقد قاد الحديد انشقاقا كاملا عن الجماعة عام 1969 م ، وصولا لتأسيس الطليعة المقاتلة للإخوان عام 1975 م ، قبيل اعتقاله ووفاته داخل السجن عام 1976 م .
أدى انشقاق فرع حماة ، الى انشقاق اّخر بين دمشق وحلب ، حافظ من خلاله العطار ، على موقعه كمراقب عام للجماعة ، متبنيا أفكار الاعتدال والانفتاح للشيخ السباعي ، فيما تحالف عدنان سعد الدين ( حماة ) مع عبد الفتاح ابو غدة وعلي البيانوني ( حلب ) ، بالتوازي مع الثقل التنظيمي الكبير في كل من حلب وحماة وريف ادلب ، فيما حافظت حمص على علاقتها مع المراقب العام في دمشق ، وكانت الحالة الشمالية الإخوانية ( حلب ، حماة ، ريف ادلب ) أكثر قربا من أفكار سيد قطب المتشددة ، المتزاوجة مع فكر السلفية ، التي بدأت تغزو الجماعة ، لوجود أعداد كبيرة منهم في السعودية ، بعد التضييق والاعتقال والمطاردة ، التي تعرض لها أبناء الجماعة في كل من مصر وسوريا ، لكن قيادة التنظيم الأم ، مالت الى الحالة الاخوانية الشمالية ، ومنحتها اعتراف التنظيم الدولي على حساب قيادة دمشق ، لكن الجماعتين الشمالية ( حلب ، حماة ، ريف ادلب ) والوسطى والجنوبية ( دمشق ، حمص ، درعا ) لم تعترفا بالطليعة المقاتلة التي يقودها مروان الحديد ، حتى عام 1980 م .
كان المناخ العام في سوريا ، إبان انفجار المعارضة الإخوانية المسلحة ، أقرب الى تأييد السلطة السياسية ضد الحركة الإخوانية ، وكان أغلبية الكتلة الإخوانية المقاتلة ، كتلة حلبية – حموية ، مع ريف ادلب ، في حين شهدت دمشق وحمص هدوءا نسبيا تخلله بعض حالات الاغتيال والتفجير ، لكن وقوف الريف السوري ، وتحديدا أرياف دمشق ودرعا ودير الزور واللاذقية ، خلف السلطة السياسية للبلاد ، أحبط المشروع الإخواني الجماعي ، بعد توحيد الأجنحة الإخوانية الثلاث ( العطار – سعد الدين – الحديد ) في اطار واحد عام 1980 م .
عانى التنظيم من الضربة الموجعة التي تلقاها في سوريا ، ودخل مرحلة صعبة من المراجعات والاتهامات ، أدت الى انشقاق التنظيم مرة أخرى ، بين تنظيمين يدوران في فلكي الرياض وبغداد ، امتاز الدمشقي منها بالاعتدال مع ملامح سعودية ، فيما كان التظيم الحموي – الادلبي الأكثر تشددا وتأييدا للعراق ، لكن ضعف الدولة العراقية وتراجع نفوذها الإقليمي ، دفع بالتنظيمين مرة أخرى للوحدة عام 1996 م ، تحت قيادة البيانوني ، الذي فتح حوارا مع دمشق ، وصلت في العام 2009 م ، الى حد تجميد معارضة الإخوان لحكم البعث في سوريا ، بعد التقارب الإخواني العالمي مع سوريا ، إثر حرب 2006 م ، لكن انقلابا حمويا مفاجئا ، وخارج السياق ، على قيادة البيانوني ، أدى الى وصول ثلاثة حمويين متشددين الى المراكز الثلاث الرئيسية ( رياض الشقفة ، فاروق طيفور ، محمد حاتم الطبشة ) ، وهم من تيار مروان الحديد ، وهو ما أشر الى تحول مبكر في موقف الإخوان السوريين من السلطة السياسية في دمشق ، قبل عام على الأقل من انفجار الأزمة عام 2011 م .
دفعت الحالة المرضية للشيخ السباعي بالعطار مراقبا عاما للجماعة ، حيث بدأت في عهده تحولات إخوانية نحو اليمين المتشدد ، وبتأثير من مكتب الإرشاد ، قادها الشيخ محمد الحامد ( حماة ) ، الذي أسس لأفكار التشدد الإخواني ، في مواجهة اعتدال وانفتاح الشيخ السباعي ، حيث انتقل هذا التشدد الى تلامذته ، ممثلا بالشيخين مروان الحديد وسعيد حوى ( حماة ) اللذين قادا اول عصيان مدني في حماة عام 1964 م ، وأصبحت ملامح التشدد والتطرف الإخواني ذات ملامح حموية ، ممثلة بالشيخين الحديد وحوى ، لا بل فقد قاد الحديد انشقاقا كاملا عن الجماعة عام 1969 م ، وصولا لتأسيس الطليعة المقاتلة للإخوان عام 1975 م ، قبيل اعتقاله ووفاته داخل السجن عام 1976 م .
أدى انشقاق فرع حماة ، الى انشقاق اّخر بين دمشق وحلب ، حافظ من خلاله العطار ، على موقعه كمراقب عام للجماعة ، متبنيا أفكار الاعتدال والانفتاح للشيخ السباعي ، فيما تحالف عدنان سعد الدين ( حماة ) مع عبد الفتاح ابو غدة وعلي البيانوني ( حلب ) ، بالتوازي مع الثقل التنظيمي الكبير في كل من حلب وحماة وريف ادلب ، فيما حافظت حمص على علاقتها مع المراقب العام في دمشق ، وكانت الحالة الشمالية الإخوانية ( حلب ، حماة ، ريف ادلب ) أكثر قربا من أفكار سيد قطب المتشددة ، المتزاوجة مع فكر السلفية ، التي بدأت تغزو الجماعة ، لوجود أعداد كبيرة منهم في السعودية ، بعد التضييق والاعتقال والمطاردة ، التي تعرض لها أبناء الجماعة في كل من مصر وسوريا ، لكن قيادة التنظيم الأم ، مالت الى الحالة الاخوانية الشمالية ، ومنحتها اعتراف التنظيم الدولي على حساب قيادة دمشق ، لكن الجماعتين الشمالية ( حلب ، حماة ، ريف ادلب ) والوسطى والجنوبية ( دمشق ، حمص ، درعا ) لم تعترفا بالطليعة المقاتلة التي يقودها مروان الحديد ، حتى عام 1980 م .
كان المناخ العام في سوريا ، إبان انفجار المعارضة الإخوانية المسلحة ، أقرب الى تأييد السلطة السياسية ضد الحركة الإخوانية ، وكان أغلبية الكتلة الإخوانية المقاتلة ، كتلة حلبية – حموية ، مع ريف ادلب ، في حين شهدت دمشق وحمص هدوءا نسبيا تخلله بعض حالات الاغتيال والتفجير ، لكن وقوف الريف السوري ، وتحديدا أرياف دمشق ودرعا ودير الزور واللاذقية ، خلف السلطة السياسية للبلاد ، أحبط المشروع الإخواني الجماعي ، بعد توحيد الأجنحة الإخوانية الثلاث ( العطار – سعد الدين – الحديد ) في اطار واحد عام 1980 م .
عانى التنظيم من الضربة الموجعة التي تلقاها في سوريا ، ودخل مرحلة صعبة من المراجعات والاتهامات ، أدت الى انشقاق التنظيم مرة أخرى ، بين تنظيمين يدوران في فلكي الرياض وبغداد ، امتاز الدمشقي منها بالاعتدال مع ملامح سعودية ، فيما كان التظيم الحموي – الادلبي الأكثر تشددا وتأييدا للعراق ، لكن ضعف الدولة العراقية وتراجع نفوذها الإقليمي ، دفع بالتنظيمين مرة أخرى للوحدة عام 1996 م ، تحت قيادة البيانوني ، الذي فتح حوارا مع دمشق ، وصلت في العام 2009 م ، الى حد تجميد معارضة الإخوان لحكم البعث في سوريا ، بعد التقارب الإخواني العالمي مع سوريا ، إثر حرب 2006 م ، لكن انقلابا حمويا مفاجئا ، وخارج السياق ، على قيادة البيانوني ، أدى الى وصول ثلاثة حمويين متشددين الى المراكز الثلاث الرئيسية ( رياض الشقفة ، فاروق طيفور ، محمد حاتم الطبشة ) ، وهم من تيار مروان الحديد ، وهو ما أشر الى تحول مبكر في موقف الإخوان السوريين من السلطة السياسية في دمشق ، قبل عام على الأقل من انفجار الأزمة عام 2011 م .