سوريا والاسد الابن
![](https://jo24.net/assets/writers/images/9787aecb69036132aa10415660229efd.jpg)
م. احمد سمارة الزعبي
عانت سوريا كثيرا من الضغوط الامريكية ، فالاستراتيجية الأمريكية بعد انهيار حلف وارسو ، اعتمدت على استكمال السيطرة على دول الاتحاد السوفياتي السابق ، وعلى مشروع الشرق الأوسط الكبير ، من خلال العمل على تفكيك البنى السياسية التقليدية في المنطقة ، وهو ما سمي اّنذاك بالفوضى الخلاقة ، عبر مشاريع براقة ، كالثورات الملونة ، كما في أوكرانيا وجورجيا ، وكان للاحتلال الأمريكي للعراق ، وقع الصاعقة على صناع القرار في دمشق ، خاصة بعد زيارة وزير الخارجية الأمريكي اّنذاك الى دمشق وشروطه المعروفة ، وتداعيات اغتيال رئيس وزراء لبنان رفيق الحريري وخروج الجيش السوري من لبنان ، والعدوان الاسرائيلي على لبنان عام 2006 م ، واصطفاف العرب بين معسكر معتدل ... ومعسكر ممانع ، مثل مجموعة من الدول أسمتها واشنطن بالدول المارقة ، واحتضان سوريا لجماعات تتهمها واشنطن بالإرهاب ، كحزب الله وفصائل المقاومة الفلسطينية .
الأزمات الداخلية والضغوط الخارجية ، دفعت دمشق للتفكير بحلول فوق عادية ، مستفيدة من موقعها الجيواستراتيجي للربط بين القارات الثلاث ، ووجود أراض زراعية شاسعة متاحة للاستثمار المحلي والإقليمي ، وموارد بشرية مؤهلة للتعاطي مع الاستثمارات على كافة المستويات الصناعية والزراعية والخدمية .
الرؤية السورية تجسدت في مشروع " استراتيجية البحار الأربعة " ( الابيض ، الاسود ، قزوين ، الخليج العربي ) ، وتهدف هذه الاستراتيجية ، الى إقامة أفضل العلاقات السياسية والاقتصادية بين الدول المطلة على هذه البحار ، وتعزيز الروابط الثقافية والاجتماعية بينها ، وتنظيم الاستثمارات المشتركة ، وإقامة المناطق الحرة ، مما يمكنها من تحقيق أمنها واستقرارها ، وقدرتها على التصدي لأية مشاريع تستهدفها ، وتستهدف أمنها الاقليمي ، وفي مقدمتها مشروع الشرق الأوسط الكبير .
من الأخطاء التي ارتكبتها دمشق ، في العمل على تنفيذ وإدارة رؤيتها الاستراتيجية ، إعطاء البعد الاقتصادي ، أولوية كبرى ، على حساب الملفين الداخلي والسياسي ، وهو عامل لا يمكن الركون اليه ، في ظل مسلسل الاستهدافات للدولة السورية ، وفي ظل هيمنة الإدارة الأمريكية ، على القرار السياسي ، للعديد من البلدان ، التي تشكل مرتكزا أسياسيا ، في استراتيجية دمشق ، حول البحار الأربعة .