jo24_banner
jo24_banner

نحو تحالف وطني ديموقراطي في نقابة المهندسين

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : ثمة حالة مزدوجة ومركبة من " المركزة الاسرائيلية " و " التمزق والتفتيت العربي " ، تخيّم على المنطقة منذ سنين ، فحيث تسعى اسرائيل الى إعادة انتاج دورها الاقليمي على حساب الأمة العربية ، عبر العمل على تسويق مشروع " يهودية الدولة "، بالاستناد الى سياسات فاشية عدوانية تجاه أهلنا في الوطن المحتل ، وازاء المحيط العربي ككل ، تسعى بالمقابل الى إضعاف وتفتيت الوضع العربي ، وإعادة انتاجه في إطار من الممارسات الطائفية والاقليمية والجهوية المتناحرة ، التي تجعل من اسرائيل " المركز الاقليمي الوحيد " ، المتكامل مع الدور التركي في إعادة رسم المشهد الاقليمي ، على إيقاع الشرق الأوسط الكبير التي حاولت الادارة الامريكية ومن خلفها المحافظين الجدد فرضه على المنطقة .

وكما تتجلى المحاولات الاسرائلية الدائمة لتفتيت الأمة ، والاستفراد بكل دولة على حدا ، وتدمير جيوشها وبنيتها التحتية ، كما حدث في العراق ويحدث الان في سوريا ومصر ، تتجلى هذه المحاولات على الصعيد الأردني بأشكال وأساليب شتى ، بينها اضعاف المجتمع السياسي الرسمي من خلال توريطه بمعارك متواصلة مع المجتمع المدني ، عبر السياسة العدوانية الفاشية تجاه شعبنا العربي الفلسطيني ، وسياسات التدمير والتهجير والقتل والاعتداء على البيوت والمقدسات ، وعبر استثمارها في الأزمة الاقتصادية الخانقة لتعزيز علاقات التطبيع والارتهان للعدو الاسرائيلي ، بالتنسيق والتكامل مع الادارة الامريكية ، وبما يؤدي في النهاية الى تحويل التعددية المدنية في الاردن الى تعددية تفتقد لتقاليد الحوار وتقاليد الاتفاق والاختلاف ، عبر العمل على التأزيم الداخلي ، والدفع بالبلاد الى حالات من الاشتباك والتقسيم والتشظي خدمة للمشروع الصهيوني .

ومما يعزز المخاطر الاسرائيلية على المجتمع السياسي والمجتمع المدني على حد سواء ، هو تراجع الدولة عن دورها التقليدي ، بل تحييدها واضعافها ، وعدم قدرتها على توفير الحد الادنى من مصالح الطبقات الفقيرة والمهمشة والوسطى ، التي تشكل القاعدة الاساسية للمجتمعين المدني والاهلي على حد سواء ، وعدم الاتفاق على قواسم مشتركة لعملية الاصلاح السياسي ، والتلكؤ في محاربة واجتثاث اّفة الفساد .

واستشعارا بالمخاطر المحدقة التي تتداعي في الحلقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، ينبغي على القوى الديموقراطية في نقابة المهندسين ، ان تتصدى لهذه المخاطر بعيدا عن الحسابات التنظيمية والانتخابية الصغيرة والشكلية ، وهو ما يستدعي من هذه القوى تجاوز الإشكالات السابقة ، والتقاط اللحظة الراهنة ( وهي بالقطع مهمتها التاريخية ) ، والتصدي لقيادة تحالف وطني ديموقراطي عريض ، يعزز من امكانيات القوى الديموقراطية للسير قدما في برنامج وطني عام ، بمستوياته الثلاث ، الوطنية والنقابية والمهنية ، ( وهي بالقطع ايضا المؤهلة لذلك ) ، وهو ما يحتم أولا اعتبار التطبيع مع العدو الصهيوني مصدر الخطر الاساسي الذي يفسّر ويحّرك ويعيد انتاج المخاطر على الوطن ارضا وشعبا .

ان التحالف الوطني الديموقراطي المنشود يعزز روح التضامن والتكامل للمستويات الثلاث الوطنية والنقابية والمهنية ، لمواجهة محاولات التمزيق والتفتيت المكشوفة وغير المكشوفة ، باعتبار النقابات المهنية وعلى راسها نقابة المهندسين ، كبرى هذه النقابات ، تعبّر عن مصالح الطبقة الوسطى في المجتمع الاردني ، الضامنة لتعزيز وحدته الوطنية ، وتماسك نسيجه الاجتماعي ، وباعتبار مجمع النقابات المهنية القلعة الوطنية الحرة التي يلجأ اليها الناس ، عندما تشتد عليهم المحن وتتكالب عليهم الايام .

ينبغي على القوى الديموقراطية في نقابة المهندسين ، التأكيد على الديموقراطية كمناخ لبناء تعددية مدنية حقيقية في مواجهة السياسات وممارسات العزل والتحييد والاقصاء التي عانى منها قطاع واسع من المهندسين ، والاحتكام للقواعد الديموقراطية بين المجتمعين السياسي والمدني ، على قاعدة احترام التقاليد الديموقراطية للنقابات المهنية ومكانتها داخل الوطن ، وحقها في الدفاع عن مصالح قواعدها الاجتماعية التي تتعدى " شؤون المهنة الصرفة " الى ما يؤثر ويتأثر بها من تشريعات ، وخاصة ما يمس الفئات الاجتماعية الفقيرة والوسطى والمهمشة ، في خبزها ودوائها وحياتها اليومية .

قوى التغيير الديموقراطي في نقابة المهندسين مطالبة باحداث تطوير نوعي في بنيتها ، وفي اليات عملها ، والانفتاح على قطاعات مهنية ونقابية متعددة ، وبناء أوسع قاعدة ممكنة لتحالف وطني ديموقراطي عريض ، ضمن رؤيـة واضحـة ، ورسـالة واضـحة ، وأهـداف واضـحة .
تابعو الأردن 24 على google news