jo24_banner
jo24_banner

صبرا اّل غزة

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : كما مارون الراس وعلما الشعب ورميش وميس الجبل ، حين وضعت حجر الاساس لمرحلة ما بعد حيفا ، ها هي الشجاعية وبيت حانون وحي الزيتون تصبغان الارض بالدم ، بانتظار قلنديا ومخيم جنين ، لاغلاق مثلث المقاومة ، كل المقاومة ، على كيان اراد مؤسسوه ، ان يكون من النهر الى النهر ، واذا بهم بعد ان حبسوه بجدار العزل والفصل العنصري ، يجدون انفسهم في الملاجيء ، وقد حاصرتهم الصواريخ المنهمرة من السماء ، بالتوازي مع ملائكة الارض والبحر ، يهبطون في الارض التي يعشقون ، حين هشموا كل حدود الدم والنار ، ليفرضوا على الجيش الذي كان لا يقهر ، استجداء وقف النار من كل حلفاء الامس واصدقاء اليوم .

غزة المحاصرة باتت تحاصر ، غزة المجروحة صارت توجع الغاصب وتلتهم الحصار ، حين تداعى الرصاص امام الدم المسفوك مهرا للحياة ، حين صار الحلم على مقاس غزة وانتصارها ، بلون بحرها واطفالها ، برائحة بارودها ووردها ، وعطر صباياها المخضب بسنوات الحصار ، لا تهدئة على انغام سلام اقتصادي ، تطغى فيه رائحة البن والنراجيل ، على ذاكرة المكان والبارود ، حيث يصبح ثمن الدم شيكا يصرف في بنوك تحقن الدماء ، لكنها تبيع الامل في أسواق التسوية المذبوحة والدور المنشود .

انها الحرب يا غزة ، قد تثقل القلب ، حين تنهمر رصاصات الغدر في الزمن الفاصل بين غارتين ، حين تنحني ام الشهيدة لالتقاطها من بين الانقاض ، وهي تصرخ في غبار الصمت " بأي ذنب قتلت " ، وحين يرجو الفتى شربة ماء ، يبلل فيها جفاف كل سنوات العمر بعد ان انطفأت ، ولا من مجيب ، وحين وقفنا زرافات يا غزة ، كالنعام أمام حواجز الذل ، بحثا عن لقمة العيش الممزوجة بالقهر والهوان ، وحين نراقب الاسرى عن بعد ، في معارك الامعاء الخاوية ، ينتظرون لحظة الانفجار .

النصر يا غزة ، صبر الجرح تحت الانقاض ، النصر يا غزة ، صبر النزف حين الخلاص ، هو صبر على ضجيج العواصم البلهاء ، حين تتبارى بدمائنا وعلى دمائنا ، هو الصبر عندما استشهد عبد العزيز الرنتيسي ، ثم تابعنا المسير ، النصر يا غزة عندما ودعنا ابو علي مصطفى ، ولم نلق السلاح ، وهو الصبر نفسه عندما غادرنا عماد مغنية ومحمود المبحوح واحمد الجعبري ومحمد سلمان ، واستمرينا بالمسير ، حين اختلطت دماء اطفال قانا مع دماء شهداء مدرسة بحر البقر ودير ياسين ، وحين تعانقت جراح الجيش العربي في معركة الكرامة مع جراح ابناء الثورة الناشئة ، هو تاريخ طويل طويل ، لم يبدأ الان يا غزة حتى ينتهي ، ربما هي مسيرة المائة عام ، فنحن والله لا نستعجل الانكسار من اجل الصمت والهدنة العرجاء ، لكننا يا غزة ، نرنو الى نصر ، يليق بك وبالشهداء .
تابعو الأردن 24 على google news