jo24_banner
jo24_banner

عمّان وأزمة المرور

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 :

يعتبر قطاع النقل من أهم قطاعات التنمية الشاملة ، كما يعتبر تخطيط النقل داخل المدن مسألة متعددة الجوانب ، وينظر اليها باعتبارها جزءا لا يتجزأ من عملية التخطيط الحضري ككل لارتباطها الوثيق بالتكوين العمراني للمدينة واستعمالات الأراضي ، ويعتبر الإرتقاء بمستوى قطاع النقل والمواصلات أحد المعايير أو المؤشرات الدالة على مستوى التنمية العمرانية والتطور الحضري ، حيث يقاس تقدم الدول بتقدم وسائل ونظم النقل فيها وذلك بموجب العلاقة التكاملية فيما بينها وبين القطاعات التنموية الاخرى .

في الاّونة الأخيرة ، أصبحت مدينة عمان تعاني من أزمة مرورية خانقة ، ليس في أوقات الذروة فحسب بل ربما في جميع الأوقات ، وستكون الأوضاع أكثر سوءاً في المستقبل المنظور ، وذلك بسبب معدلات النمو السكانية وزيادة الهجرة إلى العاصمة سواء من باقي مناطق المملكة أو من الأقطار المجاورة التي تمر بظروف سياسية إستثنائية .
وإذا علمنا أن العناصر الرئيسية التي ترتكز عليها إستراتيجيات النقل في المدن هي شبكة الطرق ووسائط النقل العام والإدارة المرورية واستعمالات الأراضي وسياسة الحد من استعمال السيارات الخاصة ، فإننا نلمس بوضوح ان الإجراءات والحلول الجوهرية للأزمة المرورية في العاصمة تعتمد بشكل مباشر على تطوير وسائل النقل العام بكافة أنواعها وذلك ضمن خطط ودراسات اّنية ومستقبلية .

إن مشاريع النقل العام هي مشاريع خدمية بامتياز كالمستشفيات والمدارس ، ولا تحسب وتقيم بالجدوى الاقتصادية المباشرة ، فتقليل استعمال السيارات الخاصة يعود بفوائد عديدة اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية ، فهي تقلل من نسبة الحوادث وما ينتج عنها من وفيات وإصابات بشرية وإيذاء للمركبات ، وتقلل من نسب التلوث البيئي الناتج من عوادم السيارات ، كما يقلل من نسبة استهلاك الوقود الذي يعود بالنفع على المواطن والوطن على حد سواء ، وتحسن من الظروف التي تعاني منها عمليات الطواريء والإسعاف والإنقاذ ، ويقلل أيضا من الوقت المهدور على الطرق وما ينتج عنه من ضريبة اجتماعية ندفعها من وقتنا كالتأخير في المواعيد وفي النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، والإنعكاس على سلوك الفرد حيث العصبية والتوتر وما ينتج عنهما من مشاجرات أو مخالفات لقواعد السير التي تكاد تصل إلى ثقافة سائدة نحتاج لجهود مضنية لإعادتها لوضعا السليم .

على صعيد الإدارة المرورية لا بد من اتخاذ إجراءات سريعة وفورية كالطلب من الشركات الكبرى والبنوك والمستشفيات والمصانع تأمين وسائط نقل جماعية للعاملين والموظفين فيها وتعديل أوقات الدوام ليصبح بدء الدوام للقطاع العام والقطاع الخاص والمدارس في ساعات مختلفة والقيام بحملات إعلامية لحث كثير من الأسر على إرسال أبنائها إلى المدارس الخاصة عبر وسائل النقل الجماعية للمدارس لما لهذا من اّثار إيجابية على الأسر نفسها بشكل خاص وعلى الوطن بشكل عام ، ودعم أمانة عمان الكبرى وهيئة تنظيم قطاع النقل لتطوير شبكة الباصات العاملة تحت إدارتها وإشرافها بالإضافة إلى تطوير منظومة اتصال حديثة وإدارة جديدة لربط مكاتب سيارات الاجرة للحد من تجولها في الشوارع .

وهناك بعض الإجراءات التي تتعلق باستعمالات الأراضي كنقل بعض المؤسسات الخدمية التي تشهد مراجعات كبيرة من الناس إلى خارج الأماكن المكتظة ،وإقامة مواقف سيارات طابقية في مناطق الازدحام التي يؤدي وقوف السيارات على جوانب الطرق فيها إلى التقليل من القدرة الإستيعابية لهذه الطرق ، بالإضافة إلى إعادة النظر في أعداد مواقف السيارات المطلوبة عند ترخيص أبنية المكاتب و الأبنية التجارية والعامة ... وفي سياق اّخر ، يأتي مشروع اللامركزية الإدارية وإعطاء الصلاحيات إلى المحافظات المختلفة ، بالإضافة إلى اعتماد الوسائل الالكترونية في الحصول على الخدمات ودفع الرسوم والإشتراكات والضرائب شكلا من أشكال التأثير على تخفيف تنقلات المواطنين واستعمالهم للسيارات الخاصة .

أثبتت التجارب العديدة بأن المجتمعات المدنية تتقبل وسائل النقل العام تدريجيا إذا كانت هذه الوسائل على درجة عالية من التشغيل والتنظيم والجودة ، ويأتي مشروع الباص السريع الذي تنوي أمانة عمان الكبرى الشروع في تنفيذه استجابة صحيحة ومشروعة ولكنها غير كافية للحد من المشكلة ، ولا بد من خطوات عاجلة للشروع في مشاريع نقل عام جديدة على المستويين المتوسط والبعيد كالقطارات الخفيفة ومترو الانفاق .

تابعو الأردن 24 على google news