مواطن من دون وطن !!
في العاشر من حزيران لعام 1916 اطلق الشريف الحسين بن علي الرصاصة الاولى إيذانا ببدء الثورة العربية الكبرى بعد أن اصبحت البلاد العربية عام 1551 تحت السيطرة العثمانية من اجل ماذا؟ من أجل ان تعود هذه الامة الى كرامتها وعزتها ووحدتها وانجازاتها – الى ان تطوعنا بجهل وجهالة لخدمة سايكس بيكو وإرتضينا بتقسيماتها في الوقت الذي حاربت تركيا الحديثة ما فُرض عليها من تقسيمات لآرمينيا وفرنسا وبريطانيا وايطاليا وما تبقى من دائرة مغلقة حول انقرة ابقوا على تسميتها "بتركيا ".
لا اقول ذلك تنظيرا او تعليلا ، فإننا امام زمن مركب بحسب تفاعل الزمن المستعار للابِّقاء على تقسيمات الامة والهائها بالمزيد من خلافاتٍ دينية ومذهبية وايديولوجية واقليمية وعرقية.
لست هنا لاتحدث عن تجزئة المجزوء ولكني ارى واتحسس واسمع اقوالا ايديولوجية واضحة الاهداف والمعالم تدفع بمسارها نحو الصدام الفكري بين قوى تعمل على تفتيت الزمن واخرى متمسكة بايقافه ، وما بينهما الشطر الرمادي الذي لا بد ان يقول كلمته .
كلمة واضحة وصريحة على القاصي والداني ان يعرفها ان الفلسطينيين في المملكة الاردنية الهاشمية ليس في جعبتهم شيء اسمه الوطن البديل وليسوا عنصر تهديد للدولة الاردنية وليسوا مناهضي النظام بل بالعكس هم مؤيدوه ومناصروه .
ان تحقيق انتصارٍ زائف لمجموعة هنا وآراء هناك لا تسمح به معطيات الواقع الموضوعي للقوى الفاعلة .
فإذا كانت الحضارات نتاجا للتاريخ ، فالتاريخ هو ملك للأنسانية ، وها نحن نسجل للتاريخ اخفاقاتنا و احباطاتنا وهزائمنا .
أين نقف من اصطراعنا ببعضنا البعض ومداخلاتنا ومضارباتنا معا ؟ وما هي اسس التجاوب مع متطلبات المرحلة التاريخية التي يمر بها الاردن عبر مسارات سياسية واقتصادية واجتماعية . فالمسار السياسي يزداد غموضا كلما وضُحت ظواهره. وما في جعبة القوى السياسية النشطة هذه الايام الا بوضع العراقيل و الاجتماعات وراء الكواليس لاسقاط الحكومة الحالية ،ليس الاّ! والمسار الاقتصادي الذي بدأ يستيقظ من سباته ليتنفس لوحده دون اجهزة معينة الا انه باق في غرفة الانعاش. اما المسار الاجتماعي الذي اخذ يتفرع نحو الازقة وما عاد نسيجا واحدا متماسكا .
وقبل ان تتحول الكلمة الى حجر والتي لن نصلها مطلقا رغم اننا لا نرغب ان نرى بركانا نشطا تحت اقدامنا غير متيقظين حتى يداهمنا الانفجار .
لست الصوت الشرعي للذين وفدوا الى الاردن وأحْسنت ضيافتهم .ولست امتلك جمهورا صاخبا لاتحدث اليه ولكن لدي اللغة للهروب من الواقع وانا ارى وطنا يغرق .
فإذا ما تقدمت بالحل الذي يقوم على الاستغناء عن كل الحلول دون ان اورط نفسي في منهج جدلي مستحيل امام ظاهرة مسؤوله فاقع بين منهجين متناقضين إذا ما نظرت الى سيناريو طرد ثلاثة مليون ونصف ، وكأنني اقول ان الانسان المقلوب على رأسه يخسر رأسه ورجليه معا .
هل لي ان اقبل بتغييب العقل وراء صراخ هستيري يطالبني وعشيرتي بالهروب من الحقيقة التي تتمّثل في استخدام وتغيير الواقع الاجتماعي والسياسي الفاشل الذي نعيشه بلغة ناجحه.
لست خائفا او مقهورا او مهدّداً ولكنني ابقى حزينا ليقول اخي الاستاذ خالد المجالي ابن الكرك "احببتها" – " وليتذكر الجميع ان القول اليوم للآردنيين فقط .
اننا لن نشارككم القول ولكننا جاهزون لمشاركتكم في العمل لمرحلة النهوض اذا رغبتم في ذلك .
ان قرار وحدة الدولتين يا اخي ابا احمد هو ليس لي وانا من مؤيديه وليس لك وانت من معارضيه ولكنه امر فيه نظر ، يترك لأستفتاء شعبي لابناء الاردن 48 .
ولزاما على ان اختتم مقالتي بكلمات من مصادر اربعة .
1. كلمات قالها الملك عبدالله الثاني بن الحسين حفظه الله ورعاه ملك المملكة الاردنية الهاشمية – لها مردودها الايجابي والانساني وتصح في كل زمان ومكان وخاصة في مواقع الصدام الفكري:
"فأينما وُجد النزاع يمكن للحوار ان يحقق السلام
واذا ما حلّ السلام تمكن للحوار تحقيق الوئام
وحينما وُجد الوئام يمكن للحوار ان يحقق الصداقه
وعندما تنشأ الصداقه يمكن للحوار ان يحقق العمل المشترك المفيد للجميع ."
2. كلمات شجاعه تطـّل علينا بعد ان غابت او تغيَّبت عندنا في سياق الاحداث ،يقولها رئيس وزراء الاردن رجل المرحلة "الغالبية المطلقة من الاردنيين والفلسطينيين ترى البحث في الوحدة بعد إقامة الدولة الفلسطينية ولو بساعه واحده ".
3. كلمات رائده تخرج من قلب مؤمن ٍ وعقل ٍ يتسم بالعمق والنضوج والحيوية قالها الاستاذ حسين الرواشده ليعيد الوعي الى جيل غائب عن عالم الوعي ، ليستبين الحقيقة التي غابت عن الكثيرين منا (الدستور 26/2/2014) " وهذه كلها تحتاج الى مجتمع تتقدم فيه الافكار على الاشخاص، والقيم والممارسات على المصالح الذاتية والتوظيفات المسمومه، والى دولة ديمقراطية حديثة تحترم قيمة الانسان وحقوقه".
4. قالها رئيس مجلس الاعيان الاستاذ عبدالرؤوف الروابده – الطالب المبدع في الجامعة الاميركية الذي ضرب ارقاما قياسية في لائحة الشرف :- " لا يوجد مكان للوطن البديل في الخارطة الاردنية " وانا اضيف على ذلك اذا سمح لي دولته "ولا مكان للوطن البديل في الخارطة الفلسطينية ".
لقد وعدتك يا اخي ابا احمد بالتشرف بزيارتك في الكرك الحبيبة واكرمتني بالترحاب بي لنجلس معا في حوار فكري، فإذا انتصرت لي فسنمضي في طريق الخير والبناء والمحبة واذا انتصرت لك فسأضع ضيافتي بين يديك . فإذا امرتني بالرحيل فسارحل حزينا منكفئا على نفسي مواطنا من دون وطن وسيرحل الاخرون من بعدي .
حفظ الله الاردن باهله وارضه وقيادته ..