jo24_banner
jo24_banner

ميركل والعقدة الهتلرية

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : يبدو أن أكثر من خمسين عاما من الابتزاز الإسرائيلي لألمانيا، لم تعد كافية بنظر الألمان لإعادة النظر في موقفهم الداعم لدولة اسرائيل، فلا تزال تعتبر اسرائيل نقطة الارتكاز الاستراتيجية لسياساتها في الشرق الاوسط، ضاربة كل مصالحها الحيوية في الوطن العربي بعرض الحائط، ولمَ لا ما دام هذا السلوك لم يلق احتجاجا ولو يسيرا من العرب، خاصة بعد زيارة المستشارة الالمانية انجيلا ميركل الى اسرائيل، وتصريحها بأن أمن اسرائيل من أمن ألمانيا، وهي المستشارة الأولى التي تلقي خطابا في الكنيست الاسرائيلي، وتزور المتحف الذي يخلد ضحايا المحرقة النازية، التي بدت في زيارتها ملكية أكثر من الملك، متجاوزة المستشارين الالمان السابقين كافة في تأكيد قناعة الالمان في تجاوز فكرة التعويض بالمال الى مسؤولية تاريخية تجاه اسرائيل وأمنها، هذا الموقف الالماني المحمّل بعبء المسؤولية التاريخية حيال اليهود، لم يلحظ وعلى بعد مسافات قليلة من خطوات المستشارة باتجاه الكنيست، جدار الفصل العنصري الذي يمزق أوصال الأرض الفلسطينية، ويجثم على صدور الضحايا الجدد الذين تعرضوا ولا يزالون يتعرضون الى أبشع أنواع الجرائم ضد الانسانية، ولم تر المستشارة الالمانية البيوت المهدمة والاشجار المقطوعة، ولم تسمع صرخات عشرات الالاف من اليتامي والارامل والمصابين، ولم تشعر بأنين الالاف من المعتقلين في السجون الاسرائيلية، لكنها بلا شك سمعت أصوات اليمين الاسرائيلي مرددين لا نسيان ولا غفران، لا بل فان مرافقي المستشارة نقلوا لها بأن هناك من لا يستطيع سماع اللغة الالمانية داخل الكنيست. العودة الالمانية الى الشرق الاوسط، عودة غير متوازنة في كل المقاييس، بسبب انحيازها الكامل لاسرائيل، في الوقت الذي فتحت فيه للالمان الصناديق المقفلة للاجهزة الامنية العربية في ما يسمى بملف مكافحة الارهاب، في منطقة تغلي على وقع تدفق جماعات متطرفة على شرق المتوسط وشمال افريقيا، حيث المجال الحيوي لاوروبا وزعيمتها المانيا، وحيث المخابرات الالمانية تسرح وتمرح في كل الاتجاهات لتدخل في الصفقات السرية والمعقدة، كدورها في انجاز صفقات لتبادل الاسرى بين حزب الله واسرائيل، وفي العراق مع بعض فصائل المقاومة العراقية، وايضا في ملف المخطوفين اللبنانيين في اعزاز، ومتابعتها لهذه اللحظة ملف المطرانين المخطوفين في شمال سورية، وزيارة رئيس مخابراتها الى دمشق لبحث ملف التعاون الامني، كما ان العين الالمانية مسلطة على طهران والجزائر وهي تبحث عن مصادر جديدة للطاقة، والعين الأخرى على الشرق الاوسط وشمال افريقيا وهي تبحث عن حصتها من كعكة وافرة الامكانات بعد انكماش الحضور الامريكي. ميركل التي قدمت رؤية متوازنة للعلاقات الالمانية الخارجية ، وأعطت خصوصية للعلاقات الالمانية مع واشنطن، حيث تسعى المانيا لاحتلال موقع دائم في مجلس الامن، يعيد اليها وزنها المفقود منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، التي لعبت دورا استثنائيا في الملفات المتعلقة بالأمن والسلم الدوليين، كالدور المحوري في المباحثات المتعلقة بملف ايران النووي، وفي تدعيم اسس الامن والاستقرار في الجنوب اللبناني وفي وسط وغرب افريقيا، وفي ريادتها في ملفات حقوق الانسان، وحماية الاقليات، ومكافحة العنصرية ، مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى، ان تتجاوز العقدة الهتلرية، وان تولي اهتماما لمعاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال، وان لا يقتصر دورها فقط على الانزعاج من موضوع المستوطنات، بل ينبغي ان تساهم في دعم حقوق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة كاملة السيادة، وفي حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة والتعويض، وان لا تلهيها الازمة الاوكرانية عن التأسيس لعولمة جديدة تحافظ على الامن والسلم الدوليين، وتحفظ حقوق الشعوب المقهورة، في عالم يتداعى ككرة الثلج من القرم الى الشرق الاوسط، ستصيب نيرانه الجميع بما في ذلك اوروبا وزعيمتها المانيا القادمة من جديد.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير