تهافت المتهافتين
ا.د. إدريس عزام
جو 24 : تتعامل طبقة السلطة وكل من يلف لفها مع الاخوان المسلمين بطريقة غير عادلة دون شك , ليس في الأردن فقط , بل في كل الدول العربية دون استثناء , وهذا أمر متوقع وليس غير مألوف , فالذي يخشى قوة التنظيم أي تنظيم إذا كان شرعياً , يسعى الى تشوية صورته , وافتراض أسوء الاحتمالات , في حالة ما إذا وصل هذا الى السلطة .
وحق للاخوان المسلمين أن يقولوا كما يقول المثل (احترنا يا قرعة ----الخ) فعندما كانوا جماعة يعملون كجمعية , كان يحظر عليهم الحديث بالشأن العام السياسي والحجة أنهم ليسوا حزباً , والحديث بالسياسة هوعمل الاحزاب فقط .
وعندما صاروا حزباً وصاروا ينافسون مثلهم مثل غيرهم من اجل الوصول الى السلطة (وهي الوظيفة الاساسية لأي حزب) صاروا يواجهون الاتهام بأنهم أحزاب دينية ولا يجوز الجمع بين الدين والسياسة . إذن ما هو الحل ؟؟ وكيف تريدون من هذه القوى الوطنية المنظمة أن تعمل ؟ هل تريد طبقة السلطة العربية الظاهرة منها والخفية من الإخوان المسلمين أن لا يتحدثوا بالدين ؟ ولا بالسياسة ؟ إذن بماذا يشاركون الآخرين كقوى وطنية ؟ أليس من حقهم أن يشاركوا في بناء مجتمعاتهم وتطويرها وتنميتها ؟ أليس من حقهم أن يعارضوا الفساد والفاسدين مثلهم مثل باقي خلق الله ؟ أم أن هذا أيضاً محرم عليهم ؟ أفيدونا ؟؟
لقد بذلوا جهدهم أو عارضوا الفساد , وأيدهم الناس , فهل في ذلك جريمة يعاقبون عليها ؟؟ ورغم إنني لا أرى أية فرصة في عالم اليوم للدول الدينية , لكن هذا شيء , ومسألة أن يجند بناء السلطة القديم في العالم العربي لاستبعادهم وإقصائهم بظلم ؛ شيء آخر مختلف .
فالاخوان المسلمون من أوائل القوى الوطنية العربية على الساحة العربية كلها , بل هم أول تلك القوى و قادتها في التصدي للمشروعات الاستعمارية منذ ما قبل عهود الاستقلال والى اليوم , وقد ناضلوا نضالاً شديداً ضد الفساد والطغيان السياسي وغيرهم يتفرج , أو وصل الى الحكم ومارس دائماً الفساد , وهم على كل هذا صابرون , يدفعون الثمن عن طيب خاطر. وكما كان النصر هو مصير كل مجتهد وصابر ومثابر , فقد حققوا النصر في الساحة العربية , وكانوا في مقدمة القوى التي تعمل على إزاحة الظلام الذي خيّم على حياة هذه المجتمعات ببركات طبقات السلطة التي لم ترى في المجتمعات العربية إلا قطعان تعيش في مزارع كتبوا على مداخلها عبارة ( أملاك خاصة ) .
على أي حال ؛ الاخوان المسلمون , صاروا احزاباً سياسية منظمة في كل البلدان العربية والاسلامية ولعبوا لعبة السياسة بذكاء وموضوعية , و تتمثل الموضوعية في انهم عملوا في السياسة من خلال الدين .. والسياسة بالموروث العربي والاسلامي , بل وبالوجدان العربي والضمير العربي لا تكون مناسبة إذا ما نأت بعيداً عن الدين .. فالعرب لم يعرفوا الدولة الجامعة إلا على يد نبي , أو على يد من دعى بدعوة نبي كما قال ابن خلدون – حتى أن المسلمين من غير العرب, لا يتصورون عربياً يعمل بالسياسة الا أن يمثل بسياسته روح الدين الاسلامي, وإلا كان غريباً من وجهة نظرهم.
لقد ظهرت أحزاب كثيرة , وسياسيون كثيرون , وطفت على الساحة العربية من المحيط الى الخليج وكانت قد نأت بنفسها عن المنطلقات الدينية في التصورات والرؤى ؛ ماذا حدث لها ؟ لقد كان الفشل قدرها المحتوم ؛ وما قد يظنه البعض انتصاراً بدليل الوصول الى الحكم ؛ كان اغتصاباً لارادة العرب المسلمين وغير المسلمين بقوة العسكر , أو بدعم الاجنبي فظلوا غرباء عن قناعات الناس . بل واعداء لهم ولكن بصمت .. وكأنهم أعني العرب والمسلمين ينتظرون السياسي المتدين حتى يولّوه أمرهم عن قناعة , وغير هذا , لا يولى , ولكنه قد يُطاع قسراً .. وهذا ما حصل بدليل انه ما أن لاحت الفرصة للجماعات الاسلامية أن تشكل أحزاباً , حتى ألتفت حولها الجماهير العربية وأولتها الثقة كاملة … مما استنفر القوى السياسية التقليدية التي صارت باهتة ومكشوفة للتصدي , وانخرطت بالتخطيط ربما بآلية قد تعيق الاحزاب الاسلامية القوية والممثلة للشعوب العربية عن الوصول الى الحكم … لكن هيهات . فقد باء ذلك بالفشل في تونس وباء بالفشل في ليبيا وسوف يفشل حتمياً في مصر . إن ذلك قدر ارادته مصر ولن يغير هذا القدر الا القوة الغاشمة إذا ما انحرفت عن الموضوعية والحياد , مع إنني لا أشك للحظة بوصول الاسلاميين لحكم مصر حتى وإن حاولت كل القوى المضادة أن تتصدى لذلك , فجيش مصر هو من خير جيوش الأرض هكذا وصفه رب العزة , ولن يكون قوة غاشمة ظالمة .
ختاماً وإجمالاً للقول : فإن كل ما يقال أو يُخطط أو يُعمل بهدف إعاقة هذه القوى المنظمة جيداً ؛ عن الوصول الى السلطة كحق من حقوقها في المنطق الديمقراطي , ما هو الا ظلم وتناقض مع روح الديمقراطية والحرية والمساواة بل تهافت من متهافتين . وهذا ما سوف يثبته الواقع الذي هو الآن قيد التشكل.
17/6/2012
وحق للاخوان المسلمين أن يقولوا كما يقول المثل (احترنا يا قرعة ----الخ) فعندما كانوا جماعة يعملون كجمعية , كان يحظر عليهم الحديث بالشأن العام السياسي والحجة أنهم ليسوا حزباً , والحديث بالسياسة هوعمل الاحزاب فقط .
وعندما صاروا حزباً وصاروا ينافسون مثلهم مثل غيرهم من اجل الوصول الى السلطة (وهي الوظيفة الاساسية لأي حزب) صاروا يواجهون الاتهام بأنهم أحزاب دينية ولا يجوز الجمع بين الدين والسياسة . إذن ما هو الحل ؟؟ وكيف تريدون من هذه القوى الوطنية المنظمة أن تعمل ؟ هل تريد طبقة السلطة العربية الظاهرة منها والخفية من الإخوان المسلمين أن لا يتحدثوا بالدين ؟ ولا بالسياسة ؟ إذن بماذا يشاركون الآخرين كقوى وطنية ؟ أليس من حقهم أن يشاركوا في بناء مجتمعاتهم وتطويرها وتنميتها ؟ أليس من حقهم أن يعارضوا الفساد والفاسدين مثلهم مثل باقي خلق الله ؟ أم أن هذا أيضاً محرم عليهم ؟ أفيدونا ؟؟
لقد بذلوا جهدهم أو عارضوا الفساد , وأيدهم الناس , فهل في ذلك جريمة يعاقبون عليها ؟؟ ورغم إنني لا أرى أية فرصة في عالم اليوم للدول الدينية , لكن هذا شيء , ومسألة أن يجند بناء السلطة القديم في العالم العربي لاستبعادهم وإقصائهم بظلم ؛ شيء آخر مختلف .
فالاخوان المسلمون من أوائل القوى الوطنية العربية على الساحة العربية كلها , بل هم أول تلك القوى و قادتها في التصدي للمشروعات الاستعمارية منذ ما قبل عهود الاستقلال والى اليوم , وقد ناضلوا نضالاً شديداً ضد الفساد والطغيان السياسي وغيرهم يتفرج , أو وصل الى الحكم ومارس دائماً الفساد , وهم على كل هذا صابرون , يدفعون الثمن عن طيب خاطر. وكما كان النصر هو مصير كل مجتهد وصابر ومثابر , فقد حققوا النصر في الساحة العربية , وكانوا في مقدمة القوى التي تعمل على إزاحة الظلام الذي خيّم على حياة هذه المجتمعات ببركات طبقات السلطة التي لم ترى في المجتمعات العربية إلا قطعان تعيش في مزارع كتبوا على مداخلها عبارة ( أملاك خاصة ) .
على أي حال ؛ الاخوان المسلمون , صاروا احزاباً سياسية منظمة في كل البلدان العربية والاسلامية ولعبوا لعبة السياسة بذكاء وموضوعية , و تتمثل الموضوعية في انهم عملوا في السياسة من خلال الدين .. والسياسة بالموروث العربي والاسلامي , بل وبالوجدان العربي والضمير العربي لا تكون مناسبة إذا ما نأت بعيداً عن الدين .. فالعرب لم يعرفوا الدولة الجامعة إلا على يد نبي , أو على يد من دعى بدعوة نبي كما قال ابن خلدون – حتى أن المسلمين من غير العرب, لا يتصورون عربياً يعمل بالسياسة الا أن يمثل بسياسته روح الدين الاسلامي, وإلا كان غريباً من وجهة نظرهم.
لقد ظهرت أحزاب كثيرة , وسياسيون كثيرون , وطفت على الساحة العربية من المحيط الى الخليج وكانت قد نأت بنفسها عن المنطلقات الدينية في التصورات والرؤى ؛ ماذا حدث لها ؟ لقد كان الفشل قدرها المحتوم ؛ وما قد يظنه البعض انتصاراً بدليل الوصول الى الحكم ؛ كان اغتصاباً لارادة العرب المسلمين وغير المسلمين بقوة العسكر , أو بدعم الاجنبي فظلوا غرباء عن قناعات الناس . بل واعداء لهم ولكن بصمت .. وكأنهم أعني العرب والمسلمين ينتظرون السياسي المتدين حتى يولّوه أمرهم عن قناعة , وغير هذا , لا يولى , ولكنه قد يُطاع قسراً .. وهذا ما حصل بدليل انه ما أن لاحت الفرصة للجماعات الاسلامية أن تشكل أحزاباً , حتى ألتفت حولها الجماهير العربية وأولتها الثقة كاملة … مما استنفر القوى السياسية التقليدية التي صارت باهتة ومكشوفة للتصدي , وانخرطت بالتخطيط ربما بآلية قد تعيق الاحزاب الاسلامية القوية والممثلة للشعوب العربية عن الوصول الى الحكم … لكن هيهات . فقد باء ذلك بالفشل في تونس وباء بالفشل في ليبيا وسوف يفشل حتمياً في مصر . إن ذلك قدر ارادته مصر ولن يغير هذا القدر الا القوة الغاشمة إذا ما انحرفت عن الموضوعية والحياد , مع إنني لا أشك للحظة بوصول الاسلاميين لحكم مصر حتى وإن حاولت كل القوى المضادة أن تتصدى لذلك , فجيش مصر هو من خير جيوش الأرض هكذا وصفه رب العزة , ولن يكون قوة غاشمة ظالمة .
ختاماً وإجمالاً للقول : فإن كل ما يقال أو يُخطط أو يُعمل بهدف إعاقة هذه القوى المنظمة جيداً ؛ عن الوصول الى السلطة كحق من حقوقها في المنطق الديمقراطي , ما هو الا ظلم وتناقض مع روح الديمقراطية والحرية والمساواة بل تهافت من متهافتين . وهذا ما سوف يثبته الواقع الذي هو الآن قيد التشكل.
17/6/2012