روسيا ومضيق البسفور
م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : منذ حروب طروادة عام 1193 ق م ، ومضيق البوسفور يتمتع بأهمية استراتيجية بالغة ، فقد ارتبط هذا المضيق بالكثير من الأحداث الأسطورية والملاحم اليونانية ، وازرادت أهميته الاستراتيجية بازدهار مدينة بيزنطة ، ثم القسطنطينية ثم استنبول ، حيث يربط هذا المضيق بين البحر الاسود وبحر مرمره ، وهو الحدود الجنوبية بين قارتي اّسيا وأوروبا ، وتعتبر حركة السفن فيه من أهم الممرات للملاحة البحرية في العالم ، وقد شكّل هذا المضيق قلقا دائما للروس عبر العصور ، حيث لم يكن لهم طريقا للمياه الدافئة إلا عبر المضائق التركية ، وظل حلم السيطرة عليها يراود الروس أزمانا طويلة ، وقبل اشتعال الحرب العالمية الأولى ، حاول الروس احتلال البوسفور والدردنيل ، لكن بريطانيا تصدت لهم ومنعتهم من الوصول الى المضائق ، لكنها عادت إبان بدء الحرب ، ووعدت الروس في حال سيطرتها على منطقة المضائق ، بانها ستهدي اليهم مدينة استنبول ، لحث الروس على الثبات والصمود ، ولم تكن هناك هدية أعظم من أن تكون المدينة التاريخية بين أنياب الدب الروسي ، وهو الذي دام عقودا طويلة يحلم بعروس البوسفور ، ولطالما شكل مضيق البوسفور هاجسا لموسكو ، فعندما أغلقت بريطانيا مضائق الدنمارك في وجه الأسطول الروسي ، وقام الأتراك بإغلاق المعبر نحو المتوسط ، كانت السياسة القومية للروس تركز باستمرار على السيطرة على مضيق البوسفور لتجنب إغلاقه ، ولإيجاد موطيء قدم لقواتها في البحر المتوسط ، وبالنسبة للاتراك ، فلم يكن لديهم الكثير من الخيارات ، فقد خرج السوفيات من الحرب العالمية الثانية وهم أقوى بكثير ، وكانت أوروبا أرضا للخراب ، والقوات السوفياتية رغم الأضرار التي لحقت بها جراء الحرب ، لا تمكّن الأتراك من مواجهتها ، فسارع الاتراك الى حلف وثيق مع الولايات المتحدة ، وأصبحت تركيا خلال الحرب الباردة ضرورة استراتيجية للأمريكان ، حيث كانت تجابه السوفيات في الشمال ، وحلفاءهم سوريا والعراق في الجنوب ، لكن هذا الدور أصابه الوهن بعد انهيار الاتحاد السوفياتي ، وانحسار نفوذهم .
ثمة تداعيات جديدة تفرض حضورها على المشهد من جديد ، فالأزمة السورية ، ساهمت في زيادة مساحات القلق التي تكتنف العلاقات الروسية التركية ، وتداعيات الأزمة الأوكرانية ، وما تبعها من ضم جزيرة القرم الى الدولة الروسية ، وزيادة مساحات الشواطيء التي سيطر عليها الروس على البحر الاسود ، دفعت الاتراك باتجاه لفت انتباه العالم الغربي الى المخاطر التي تحدق بها ، عبر تجديد دورها التاريخي كوكيل للغرب وكأداة في يد حلف الناتو ، فاندفعت بطريقة أكثر وضوحا في الأزمة السورية عبر معركة الساحل ، وبدأت بإعادة التواصل مع اسرائيل ، وانتظار الزيارة المتوقعة لأردوغان الى تل ابيب ، ترافق ذلك مع تهديد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ، بالحد من المرور البحري لناقلات النفط عبر مضيق البوسفور ، متناغما مع تصريحات عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي تشارلز تانوك ، بأنه يتعين على تركيا أن تغلق مضيق الدردنيل أمام الشحن البحري الروسي ، كما فعلت بعد الحرب الروسية على جورجيا عام 2008م ، كما دخلت تركيا في معركة دولية لتضييق استخدام مضيق البوسفور ، الذي يعد من أكبر الممرات المائية ازدحاما في العالم ، حيث اعتادت تركيا على إثارة موضوع المخاطر البيئية التي تحدق بالمنطقة وتأثيرها على سكان استنبول .
تخشى تركيا وادارة حزب العدالة والتنمية من النفوذ الروسي المتصاعد في أوراسيا والشرق الأوسط ، وحاجة الروس الاستراتيجية ، الى بسط نفوذهم على مضيقي البوسفور والدردنيل ، خاصة بعد تصريحات القائد العام للقوات البحرية الروسية ، بأن القيادة باشرت في تشكيل مكتب دائم لتشكيلات السفن الحربية ، للعمل في البحر الابيض المتوسط ، للدفاع عن المصالح الروسية في المنطقة ، لا بل فان روسيا تسعى الى إقامة ثلاثة نقاط ارتكاز لاسطولها البحري في البحر المتوسط ، فبالإضافة الى وجودها على السواحل السورية والتعزيزات الدائمة لهذا الوجود ، عادت البحرية الروسية الى مضيق جبل طارق في اقصى غرب المتوسط ، وتفكر باقامة دائمة بالقرب من السواحل الايطالية ، وما وصول البوارج الحربية المحملة برؤوس نووية الى المتوسط ، إلا إيذانا بانعطافة استراتيجية كبرى في السياسة الروسية ، وهذا سيضاعف التحدي امام أنقره ، التي طالما حلمت باستمرار تدفق الغاز الروسي المسال عبر الأنابيب ، وربما بموجات متتالية من غزو النساء الروسيات الشقراوات الى شواطئهم السياحية ، لكنها قطعا تحلم كثيرا بأن لا ترى رجال القوقاز والدبابات الروسية فوق مضيق البوسفور .
ثمة تداعيات جديدة تفرض حضورها على المشهد من جديد ، فالأزمة السورية ، ساهمت في زيادة مساحات القلق التي تكتنف العلاقات الروسية التركية ، وتداعيات الأزمة الأوكرانية ، وما تبعها من ضم جزيرة القرم الى الدولة الروسية ، وزيادة مساحات الشواطيء التي سيطر عليها الروس على البحر الاسود ، دفعت الاتراك باتجاه لفت انتباه العالم الغربي الى المخاطر التي تحدق بها ، عبر تجديد دورها التاريخي كوكيل للغرب وكأداة في يد حلف الناتو ، فاندفعت بطريقة أكثر وضوحا في الأزمة السورية عبر معركة الساحل ، وبدأت بإعادة التواصل مع اسرائيل ، وانتظار الزيارة المتوقعة لأردوغان الى تل ابيب ، ترافق ذلك مع تهديد وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ، بالحد من المرور البحري لناقلات النفط عبر مضيق البوسفور ، متناغما مع تصريحات عضو لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الاوروبي تشارلز تانوك ، بأنه يتعين على تركيا أن تغلق مضيق الدردنيل أمام الشحن البحري الروسي ، كما فعلت بعد الحرب الروسية على جورجيا عام 2008م ، كما دخلت تركيا في معركة دولية لتضييق استخدام مضيق البوسفور ، الذي يعد من أكبر الممرات المائية ازدحاما في العالم ، حيث اعتادت تركيا على إثارة موضوع المخاطر البيئية التي تحدق بالمنطقة وتأثيرها على سكان استنبول .
تخشى تركيا وادارة حزب العدالة والتنمية من النفوذ الروسي المتصاعد في أوراسيا والشرق الأوسط ، وحاجة الروس الاستراتيجية ، الى بسط نفوذهم على مضيقي البوسفور والدردنيل ، خاصة بعد تصريحات القائد العام للقوات البحرية الروسية ، بأن القيادة باشرت في تشكيل مكتب دائم لتشكيلات السفن الحربية ، للعمل في البحر الابيض المتوسط ، للدفاع عن المصالح الروسية في المنطقة ، لا بل فان روسيا تسعى الى إقامة ثلاثة نقاط ارتكاز لاسطولها البحري في البحر المتوسط ، فبالإضافة الى وجودها على السواحل السورية والتعزيزات الدائمة لهذا الوجود ، عادت البحرية الروسية الى مضيق جبل طارق في اقصى غرب المتوسط ، وتفكر باقامة دائمة بالقرب من السواحل الايطالية ، وما وصول البوارج الحربية المحملة برؤوس نووية الى المتوسط ، إلا إيذانا بانعطافة استراتيجية كبرى في السياسة الروسية ، وهذا سيضاعف التحدي امام أنقره ، التي طالما حلمت باستمرار تدفق الغاز الروسي المسال عبر الأنابيب ، وربما بموجات متتالية من غزو النساء الروسيات الشقراوات الى شواطئهم السياحية ، لكنها قطعا تحلم كثيرا بأن لا ترى رجال القوقاز والدبابات الروسية فوق مضيق البوسفور .