2025-01-13 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأزرق... المدينة المنسية

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : عندما كانت الاستعدادات جارية على عجل في مخيم الزعتري ، لاستقبال الموجات الاولى من اللاجئين السوريين ، لم يكن يخطر ببال أحد، ان تصل ارقام اللاجئين الى هذا المستوى ، لا بل فان استعدادات اخرى كانت تجري لاستيعاب الاعداد ، التي ربما كانت اكبر من كل التوقعات ، فها هو مدير التعاون والعلاقات الدولية في المفوضية السامية للامم المتحدة لشؤون اللاجئين في الاردن ، يعلن افتتاح مخيم الازرق نهاية هذا الشهر ، في الوقت الذي أفاد فيه ديبلوماسيون امريكيون رفيعو المستوى بان هذا اللجوء سيمتد الى سنوات طويلة قادمة .

تكتسب الأزرق أهميتها بسبب موقعها الجغرافي ، فهي تقع في مركز شبكة اتصالات تربط الجزيرة العربية ببلاد الشام والعراق ، كما تربط العراق بميناء العقبة الاستراتيجي ، والذي شكّل ويشكّل الرئة الاقتصادية التي تتنفس من خلالها بلاد الرافدين ، ونظرا لموقعها الاستراتيجي ووفرة المياه فيها ، فقد كانت مركزا للاستيطان منذ العصور الحجرية القديمة ، كما شيد الرومان فيها سلسلة من الحصون والقلاع لمراقبة شبكة الطرق المؤدية منها واليها ، وكانت أيضا معبرا للقوافل التجارية منذ فترة الأنباط والرومان وقوافل العرب حيث رحلة الشتاء والصيف .

وكمحطة للطيور المهاجرة تغفو مدينة الازرق بين أحجارها البازلتية تحتضن الطيور القادمة من بلاد البرد والصقيع في رحلتها الطويلة باتجاه الشرق البعيد او إفريقيا الدافئة ، وكما الطيور الباحثة عن الدفء والأمان في بلاد الله الواسعة ، انحدر اليها دروز الجبل تاركين خلفهم سنوات طويلة من القمع والاضطهاد حاملين حنينهم الى حيث سكنت أرواحهم في جبل العرب ، كما حطّ فيها رحال المهاجرين الشيشان بعد ان ضاقت بهم بلادهم متوجهين حيث بلاد امنة تحويهم وأعناقهم مشرئبة نحو بلاد الحجاز حيث أم القرى مهوى أفئدتهم وقبلة الخلاص التي دفعتهم خارج بلاد لا زالت تشكل جوهر هويتهم وجرحهم الغائر منذ عشرات السنين ، قبل ان تجبرهم وعورة الطريق وأسباب أخرى على الاستقرار في وطن بديل لحنينهم وأحلامهم .

في محاولة البحث عن إحداثيات قديمة ، وفي لحظة التشققات التي أوهنت جسد المحيط الاقليمي ، فإن حساسية المكان في هذه الواحة الهادئة ، تستشعر رماد الحروب في أنبارها المجاور ، وربما موجات جديدة من الباحثين عن الأمن والأمان ، في الوقت الذي بدأت فيه تجهز أمكنتها للقادمين من أرض الشام تاركين خلفهم كل سنين العمر بعد أن أطفأت كل الدروب مصابيح الحل ... والقادم أعظم .

منذ زمن ليس ببعيد ، قدمت المملكة العربية السعودية منحة مالية للأردن لإعادة تأهيل طريق العمري - الأزرق ، كما قامت الإمارات العربية المتحدة ببناء مخيم الازرق لإيواء اللاجئين السوريين المنوي افتتاحه ، ليشكل نموذجا لمجتمع صغير متكامل ، مع طريق يربطها مع الحدود العراقية شرقا ..... وما بين عودتها لفتح ذراعيها لمهاجرين جدد قادمين من الجوار الشمالي الدامي حيث جبهات حوران الملتهبة ، وانتظارها ربما طيور مهاجرة من الشرق حيث تختلط الخرائط بالثكنات والحسابات المؤجلة ..... وعلى وقع زيارات كيري وقلقها .... تزداد الشكوك في قدرة هذه المدينة المنسية على استيعاب كل المخرجات ، لإقليم لم تعد حسابات الحقل فيه تتطابق مع حسابات البيدر .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير