2024-12-23 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الصين والتعددية القطبية

م. احمد سمارة الزعبي
جو 24 : طريق الحرير التجاري الجديد ، واذا ما تم تتويجه بنظام نقدي ، خارج النقد الامريكي والدولار ، فانه سيؤسس لنظام عالمي جديد ، متعدد الاقطاب ، يتسبب بضعف كبير للاقتصاد الامريكي وصناعته الحربية ، ويضعف اّلته العسكرية المتمثلة بحلف الناتو ، كما ان انهيار منظومة العقوبات الامريكية ، وتدهور مكانة الدولار ، ستجبر واشنطن على الاعتراف بعالم متعدد الاقطاب ، واذا ما انسحبت الادارة الامريكية من المنطقة ، كما يرى المراقبون ، فان منطقة الشرق ستكون امام خيارات عدة ، فإما ان تتوافق الدول الاقليمية على تسوية النزاعات ، او ان تدخل المنطقة في حروب طائفية واقليمية لسنوات طويلة ، الا اذا سارعت روسيا والصين لملء الفراغ ، وبمشاركة الاتحاد الاوروبي وعلى راسه المانيا ، لعدم قدرتهما معا على الاحلال محل الادارة الامريكية في المنطقة .

من هنا تأتي اهمية برلين والتي تشكل رابع الاقتصاديات العالمية ، واكبر محرك للاقتصاد في الاتحاد الاوروبي ، واذا ما جرى الارتباط الصيني الروسي معها ، فستفقد الولايات المتحدة جزءا كبيرا من قيمتها الاقتصادية ، ودورها الرئيس والموجه للاقتصاد العالمي . ونظرا لقوة ومتانة النظام الاقتصادي ، الذي تؤسس له الصين وروسيا ودول البريكس ، فان ذلك سيدفع دولا كثيرة الى الاعتماد عليه ، لتحسين اقتصادها ، والابتعاد عن الهيمنة الامريكية ، وثمة دولا مثل ايران وسوريا وكوريا الشمالية وباكستان ، ستجد نفسها ، خارج كل العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن .
الهجوم السياسي الصيني المفاجيء ، تجلى في استخدام الفيتو المزدوج مع روسيا ، اكثر من مرة في مجلس الامن ، كما يتجلى في العبقرية الصينية بانشاء منظمة شنغهاي للتعاون ، وهي تحالف يهدف الى مكافحة الارهاب ، ومواجهة التطرف والحركات الانفصالية ، والتصدي لتجارة الاسلحة والمخدرات ، إلا ان الكثير من المحللين السياسيين ، يراها كحلف عسكري في مواجهة الناتو ، وتضم في عضويتها الصين وروسيا وقرغيزيا وكازاخستان واوزبكستان وطاجيكستان ،وقد توسعت أهداف هذه المنظمة لتشمل العمل على تطوير وتقديم الأفكار ، للوصول الى نظام سياسي واقتصادي عالمي ، ديموقراطي وعادل ومتوازن ، وللمنظمة شركاء كبيلاروسيا وسيريلانكا ، وضيوف كافغانستان ودول الاسيان وكومنولث الدول المستقلة عن الاتحاد السوفياتي السابق ، ومن المتوقع انضمام كل من ايران وباكستان والهند ومنغوليا وتركيا الى هذه المنظمة ، وعملت مع موسكو على انشاء مجموعة البريكس ، والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا .

شهدت الصين أيضا ، تحولا استراتيجيا جذريا في عقيدتها العسكرية ، عبر بناء قاعدة بحرية للغواصات في جزيرة هاينان ، مما سيتعين عاجلا ام اجلا ، على كل البواخر والبوارج وحاملات الطائرات والغواصات ، التي ترفع اعلام دول اخرى ، اطلاع القيادة البحرية الصينية مسبقا على تحركاتها في المنطقة ، اخذين بعين الاعتبار ان بكين تملك ثاني اقوى قوة بحرية في العالم ، بعد الولايات المتحدة الامريكية ، كما أقامت مرافيء بحرية في بلاد عديدة ، أهمها باكستان وبنغلادش وسيريلانكا ، تقول الصين عنها ، انها محطات تموين لاسطولها البحري ، ومخازن لبضائعها المتوجه للشرق الاوسط ، وترفض الاتهامات الغربية لها باقامة قواعد عسكرية في هذه البلاد .

الانطلاقة الصينية الجديدة ، وتعبيراتها السياسية والاقتصادية والعسكرية ، من خلال مبادرة مشروع طريق الحرير الجديد ، تتكامل مع الاستيقاظ الروسي ، وطروحات الأوراسية الجديدة ، كما تتكامل أيضا ، مع أحلام المارد الهندي القادم ، والباحث عن خرائط جديدة ، بعيدا عن حساباته الإقليمية ، ومن هنا أصبحت التشكيلات والتكتلات الجديدة ، كمنظمة شنغهاي للتعاون ، وتجمع دول البريكس ، استجابة موضوعية وضرورية ، لإعادة إنتاج عالم جديد ، متعدد الأقطاب ، يؤمن للمجتمع البشري خروجا اّمنا ، نحو اّفاق التعاون والتكامل ، والخروج من أزماته ، التي يدفع ثمنها في النهاية ، الشعوب الفقيرة والمقهورة ، في قارات العالم أجمع .
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير