أزمات متنامية تحيط بالأردن.. حاجة ملحة لجبهة داخلية تدعم قواعد الاشتباك الدفاعي
راكان السعايدة
جو 24 : تشتد وطأة الأحداث في الجوار الأردني، وفيها مروحة من المخاطر العابرة للحدود، التي لابد وان تثير قلق مختلف مستويات القرار السياسي، بعدما لحق العراق بسوريا وبات خطرا مهددا لجواره أكثر من ذي قبل.
وما سحب الحكومة العراقية لجيشها من الحدود الأردنية والسورية، إلاّ مظهر من مظاهر الأزمة المتفاقمة، وتجلي من تجليات مخاطرها، هكذا قرأ وفهم سياسيون هذا التطور في البعد والدلالة. ويرون ان الدولة الأردنية لا بد وانها تحسبت، أو هكذا يفترض، لمثل هذه المنحى وطورت مقاربتها الخاصة والمناسبة للتعامل مع الاستحقاق الأمني الضاغط، ليس على الحدود فقط، وإنما لكل احتمالاته، داخليا وخارجيا.
الحكومة العراقية مأزومة على اخرها، وتدرك انها في مواجهة خطر شديد متساو بشأن أمنها والجغرافيا السياسية، إذا ما بات خيار التقسيم مخرجا حتميا لفك الاشتباك الطائفي.
وفي السياق أعلاه يفهم ان هدف سحب الحكومة العراقية جنودها من الحدود، كما تلميحاتها إلى تورط أطراف إقليمية بتأجيج الداخل العراقي ضمن صراع إقليمي مفتوح، وكأن بالحكومة تريد أن يشترك الإقليم، حبا أو كرها، في نصرتها لمواجهة الحالة وتطويق أحداثها وتصفيتها بما يخدمها.
إن الأردن المجاور لأزمتين متنامتين (في العراق وسوريا)، وما أفرزته الأزمة السورية، إلى الآن على الأقل، من أعباء أمنية وسياسية واقتصادية نتيجة اللجوء الكبير، قد يجد نفسه، أيضا، في مواجهة أزمة لجوء أخرى من العراق هذه المرة، وهو ما سيفقام الأخطار والتبعات المرتبطة بها.
لذلك يشدد مراقبون على ضرورة أن تتوافر الدولة الأردنية على خطط وخطط بديلة، لديها مرونة وقدرة الاستجابة للتحديات المحسوبة وغير المحسوبة، بالنظر لقناعة من يراقبون المشهد وإدراكهم ان الحالة ذاهبة إلى مدايات أصعب بالنظر إلى مضمونها الطائفي شديد الحساسية والخطورة.
وبقدر ما تحتاج الدولة إلى مقاربة إبداعية، سياسية وأمنية داخلية وعسكرية حدودية، فان المكونات الوطنية كلها مطالبة بنظرة موضوعية إلى المخاطر القادمة من الحدود، مع ما تتطلبه هذه النظرة من قراءات وتقييمات موضوعية تعيد ترتيب الأولويات للافلات من الاستحقاقات وتداعياتها.
وأول الأولويات، كما يراها مراقبون، أن تدعم المكونات الوطنية قواعد الاشتباك الدفاعي لحماية الحدود ومنع التسلل منها أو توظيفها (...) بوصف ذلك ضرورة حتمية لحماية الداخل الاردني، وتحصينه ليواجه التحديات المفروضة بحكم حالة الإقليم المتدحرجة ككرة لهب من دون التورط بها، قدر الإمكان.
ذلك يستدعي تأجيل أو «تبريد» كل ملف أو خلاف أو تجاذب سياسي وإعلامي من شأنه صرف النظر ويعطل الاهتمام والتركيز عن مخاطر ذات تهديد وجودي، بما فيها احتمالات إعادة رسم خارطة المنطقة- (سايكس بيكو 2)- واضعة كل الجغرافيا والحدود في مرمى التعديل والتبديل.
يبرز ذلك، وبوضوح، في القراءات الغربية لمآلات الواقع العربي الراهن، وهي قراءات ترى في إعادة رسم المنطقة مخرجا وحيدا لتلافي تمدد وتوسع وتفاقم الصراع المهدد لمصالح ذلك الغرب، سوءا المصالحة المرتبطة بالطاقة أو الممررات الآمنة أو تلك المرتبطة بأمن إسرائيل.
مثل هذه القراءات التي تحللها وسائل إعلام ومراكز دراسات عريقة لها وزنها وتأثيرها في صناعة القرار الغربي، وتنخرط مع مسؤولين في وضع سيناريوهات لها، جديرة بالتوقف عندها وتفحصها، لمعرفة مضمونها وآلياتها وتوقيتاتها، فذلك يساعد في استيعابها ومن ثم معرفة كيفية التصدي لها، إن كان بالإمكان، أصلا، التصدي لها ومقاومتها وحرف مسارها أو تخفيفها لتجنب الكلف الكبيرة.
وأي تحصين داخلي، كما يفهمه سياسي بارز، يتطلب التأكد من أن «الجبهة الداخلية» لديها الاستيعاب الكافي للمخاطر، ومداياتها، والأهم معرفة أطرافها واجنداتهم، سواء أكانت هذه الأطراف دول يعنيها توسيع حالة الفوضى خارج حدودها، أو جماعات تجد بيئتها في إنفاذ تصوراتها لفرض دورها وتأثيرها وحتى حكمها، أو حتى دول غربية نافذة ما عادت تطيق شكل الجغرافيا السياسية للمنطقة وتريد إحداث إزاحات جوهرية.
ويعتقد السياسي ان المكاشفة مسألة ضرورية في مثل ظروف بالغة التعقيد، وهي غير متوفرة الآن، إما لعدم نضوج تصورات مآلات الأحداث، أو لرغبة في عدم تناولها، وحتى إعلاميا لم يحدث النجاح الكافي في بناء رأي عام يستوعب بالعمق تلك الأحداث ومآلاتها، وهو ما لا يراه ذات السياسي أمرا صحيا. إن المخاطر ليست تخيلات، ولا وهما، بل حقيقة ماثلة، تحتاج إلى فهم عميق وتقييمات ذكية، تنتهي إلى خلاصات واستنتاجات تشترك في صياغتها كل المكونات الوطنية، الرسمية والأهلية، ليتحمل فيها كل طرف مسؤوليته في الدفاع وحماية الوطن والمرور به مرورا امنا من براثن الفوضى.
(الرأي)
وما سحب الحكومة العراقية لجيشها من الحدود الأردنية والسورية، إلاّ مظهر من مظاهر الأزمة المتفاقمة، وتجلي من تجليات مخاطرها، هكذا قرأ وفهم سياسيون هذا التطور في البعد والدلالة. ويرون ان الدولة الأردنية لا بد وانها تحسبت، أو هكذا يفترض، لمثل هذه المنحى وطورت مقاربتها الخاصة والمناسبة للتعامل مع الاستحقاق الأمني الضاغط، ليس على الحدود فقط، وإنما لكل احتمالاته، داخليا وخارجيا.
الحكومة العراقية مأزومة على اخرها، وتدرك انها في مواجهة خطر شديد متساو بشأن أمنها والجغرافيا السياسية، إذا ما بات خيار التقسيم مخرجا حتميا لفك الاشتباك الطائفي.
وفي السياق أعلاه يفهم ان هدف سحب الحكومة العراقية جنودها من الحدود، كما تلميحاتها إلى تورط أطراف إقليمية بتأجيج الداخل العراقي ضمن صراع إقليمي مفتوح، وكأن بالحكومة تريد أن يشترك الإقليم، حبا أو كرها، في نصرتها لمواجهة الحالة وتطويق أحداثها وتصفيتها بما يخدمها.
إن الأردن المجاور لأزمتين متنامتين (في العراق وسوريا)، وما أفرزته الأزمة السورية، إلى الآن على الأقل، من أعباء أمنية وسياسية واقتصادية نتيجة اللجوء الكبير، قد يجد نفسه، أيضا، في مواجهة أزمة لجوء أخرى من العراق هذه المرة، وهو ما سيفقام الأخطار والتبعات المرتبطة بها.
لذلك يشدد مراقبون على ضرورة أن تتوافر الدولة الأردنية على خطط وخطط بديلة، لديها مرونة وقدرة الاستجابة للتحديات المحسوبة وغير المحسوبة، بالنظر لقناعة من يراقبون المشهد وإدراكهم ان الحالة ذاهبة إلى مدايات أصعب بالنظر إلى مضمونها الطائفي شديد الحساسية والخطورة.
وبقدر ما تحتاج الدولة إلى مقاربة إبداعية، سياسية وأمنية داخلية وعسكرية حدودية، فان المكونات الوطنية كلها مطالبة بنظرة موضوعية إلى المخاطر القادمة من الحدود، مع ما تتطلبه هذه النظرة من قراءات وتقييمات موضوعية تعيد ترتيب الأولويات للافلات من الاستحقاقات وتداعياتها.
وأول الأولويات، كما يراها مراقبون، أن تدعم المكونات الوطنية قواعد الاشتباك الدفاعي لحماية الحدود ومنع التسلل منها أو توظيفها (...) بوصف ذلك ضرورة حتمية لحماية الداخل الاردني، وتحصينه ليواجه التحديات المفروضة بحكم حالة الإقليم المتدحرجة ككرة لهب من دون التورط بها، قدر الإمكان.
ذلك يستدعي تأجيل أو «تبريد» كل ملف أو خلاف أو تجاذب سياسي وإعلامي من شأنه صرف النظر ويعطل الاهتمام والتركيز عن مخاطر ذات تهديد وجودي، بما فيها احتمالات إعادة رسم خارطة المنطقة- (سايكس بيكو 2)- واضعة كل الجغرافيا والحدود في مرمى التعديل والتبديل.
يبرز ذلك، وبوضوح، في القراءات الغربية لمآلات الواقع العربي الراهن، وهي قراءات ترى في إعادة رسم المنطقة مخرجا وحيدا لتلافي تمدد وتوسع وتفاقم الصراع المهدد لمصالح ذلك الغرب، سوءا المصالحة المرتبطة بالطاقة أو الممررات الآمنة أو تلك المرتبطة بأمن إسرائيل.
مثل هذه القراءات التي تحللها وسائل إعلام ومراكز دراسات عريقة لها وزنها وتأثيرها في صناعة القرار الغربي، وتنخرط مع مسؤولين في وضع سيناريوهات لها، جديرة بالتوقف عندها وتفحصها، لمعرفة مضمونها وآلياتها وتوقيتاتها، فذلك يساعد في استيعابها ومن ثم معرفة كيفية التصدي لها، إن كان بالإمكان، أصلا، التصدي لها ومقاومتها وحرف مسارها أو تخفيفها لتجنب الكلف الكبيرة.
وأي تحصين داخلي، كما يفهمه سياسي بارز، يتطلب التأكد من أن «الجبهة الداخلية» لديها الاستيعاب الكافي للمخاطر، ومداياتها، والأهم معرفة أطرافها واجنداتهم، سواء أكانت هذه الأطراف دول يعنيها توسيع حالة الفوضى خارج حدودها، أو جماعات تجد بيئتها في إنفاذ تصوراتها لفرض دورها وتأثيرها وحتى حكمها، أو حتى دول غربية نافذة ما عادت تطيق شكل الجغرافيا السياسية للمنطقة وتريد إحداث إزاحات جوهرية.
ويعتقد السياسي ان المكاشفة مسألة ضرورية في مثل ظروف بالغة التعقيد، وهي غير متوفرة الآن، إما لعدم نضوج تصورات مآلات الأحداث، أو لرغبة في عدم تناولها، وحتى إعلاميا لم يحدث النجاح الكافي في بناء رأي عام يستوعب بالعمق تلك الأحداث ومآلاتها، وهو ما لا يراه ذات السياسي أمرا صحيا. إن المخاطر ليست تخيلات، ولا وهما، بل حقيقة ماثلة، تحتاج إلى فهم عميق وتقييمات ذكية، تنتهي إلى خلاصات واستنتاجات تشترك في صياغتها كل المكونات الوطنية، الرسمية والأهلية، ليتحمل فيها كل طرف مسؤوليته في الدفاع وحماية الوطن والمرور به مرورا امنا من براثن الفوضى.
(الرأي)