2024-12-25 - الأربعاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تحذير أميركا من توسع "داعش" إلى الاردن.. هل من سيناريو "توريطي" ؟!

راكان السعايدة
جو 24 :

من الخطأ عدم تفكيك تصريحات الرئيس الأميركي "باراك أوباما" بشأن إمكانية توسع الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) نحو الأردن.. كما من الخطأ عدم تفكيك تقرير مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي عن ذات الشأن.

إن في الأمرين دلالات سياسية وأمنية وعسكرية مقلقة، وتثير تساؤلات عدة عن سبب دفع الأميركيين والإسرائيليين لوضع الأردن في قلب أزمتي العراق وسوريا، وكأن هذا الدفع يريد تسريع وتوسيع دور أردني ما على نطاق عسكري أمني.

دراسة مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي خلصت في تقييمها للمخاطر المحيطة بالأردن إلى نتيجة منسقة وهي أن "عمّان تحتاج إلى حليف استراتيجي لحمايته من خطر (داعش)".

و"الأمن القومي الإسرائيلي" لا يرى أن واشنطن الحليف المناسب لعمّان، بل يرى أن تل أبيب هي "الحليف الذي بمقدوره دعم استقرار الأردن ومواجهة التنظيمات المتطرفة"، وتبرر الدراسة حاجة الأردن لإسرائيل بأن "أميركا فشلت في سوريا كما تفشل الآن في العراق".

الاستنتاج الموضوعي لمسار الأحداث في العراق يشي أن التصادم بين الأردن وتنظيم (داعش) مؤجل، ولا يتوقع أن يتقدم التنظيم خطوة واحدة باتجاه الأردن، أبعد من "الطريبيل"، على الأقل في المدى المنظور، مالم تحدث تطورات تعيد تركيب المعادلة الجغرافية.

كلا الموقفين الأميركي والإسرائيلي يحتاجان إلى فهم أعمق من مجرد فهم أن الأمر ليس أكثر من خشية على الأردن وأمنه واستقراره، فهو وإن كان منطلقا من قراءة واشنطن وتل أبيب لمصالحهما، إلاّ انه قد يدفع الأردن، وفقا لتطورات المشهد العراقي، إلى دور خارج حدوده.

والأردن، في مرة أو مرتين، أسس للتصادم مع تنظيم القاعدة خارج الحدود، ضمن تغييره لقواعد الاشتباك ورؤيته أن الأفضلية بالنسبة له أن يواجه التنظيم في معاقلة خارج الجغرافيا الأردنية.

الآن، تنظيما القاعدة و(داعش) فاعلان أساسيان في الجوار، ولهما بكل تأكيد امتدادات داخل الأردن، ولهذا كله مخاطره واستحقاقاته، ولأن الأردن ليس بمقدوره وحده مجابهة هذه المخاطر والاستحقاقات، كما لا يمكن لأميركا أن تقبل بتنامي (داعش) في العراق، لكنها ليست بوارد النزول إلى الميدان للمواجهة المباشرة، فهي قد تكون بصدد خيارات من بينها:

أولا: الاكتفاء باستخدام طائرات بدون طيار، وإرسال قوات محدودة تحت صفة "مستشار" تدعم التخطيط العسكري والعمليات الاستخبارية لـ"الجيش" العراقي.
ثانيا: التفاهم مع إيران على تدخل عسكري تقبل به السعودية، بحيث يكون التدخل خفي عبر "الحرس الثوري" وفيلق "القدس" التابع له، وبزي "الجيش" العراقي، وسبق أن زار "قاسم سليماني" قائد قوات القدس الإيرانية العراق للاستكشاف وترتيب الخطوات اللاحقة.
ثالثا: وهو الأخطر هنا، أن تطلب أميركا من الأردن أحد أمرين، وهما:
(1) التدخل العسكري المباشر في غرب العراق، بذريعة تطور تهديد (داعش) للأردن، وأن عمّان مضطرة لهذا التدخل لحماية ذاتها من التهديد الوجودي.
(2) أو الطلب من الأردن الذي بنى صلة قوية مع العشائر العراقية السنية التدخل لدى هذه العشائر لإعادة بث الروح في "الصحوات" وتحفيزها للتصدي للدولة الإسلامية (داعش).

بمعنى أن ما يدور في ذهن أميركا وإسرائيل، فرضيا على الأقل، ربما ينحصر في تقييم طبيعة الدور الاردني في مجابهة (داعش) بالخصوص على أرض العراق، وهو يتطلب من الأردن أن يكون لديه "تقدير موقف" دقيق عن طبيعة الدور الذي قد يطلب منه أو يفرض عليه.

وأي تقييم أردني لماهية التفكير الحاصل في دوائر قرار واشنطن وتل أبيب بشان دوره ومهمته، لابد وأن يتحسب للمخاطر ونطاق هذه المخاطر سواء تلك التي قد يفجرها أي تدخل خارجي محتمل على الصعيد الداخلي، أو تلك المخاطر التي نستجلبها من الخارج.

إن أفضل ما يمكن أن يفعله الأردن لتخفيف وتقليل المخاطر، ولو مؤقتا، الانخراط في تسويات داخلية لتفكيك كل أو أغلب مشاكله الداخلية على الأقل لتمتين جبهته الداخلية، والتحوط أمنيا وعسكريا للمخاطر الوافدة، وهي مخاطر حقيقة لكنها مؤجلة إلى الآن.

ومن المهم أن يوضح لأميركا أن دورها لا ينحصر في إدارة أزمات المنطقة من بعيد، وأن يقال لها بوضوح انها سبب هذه الأزمات وأن دورها يجب أن يكون عميقا ليس بالتدخل العسكري في المنطقة وإنما بمعالجة الأخطاء التي ارتكبتها في العراق.

ليس أقل هذه الأخطاء حل الجيش العراقي، وإعادة تقسيم السلطة في العراق على أساس طائفي وعرقي ومذهبي، ما سلم العراق على طبق من ذهب إلى إيران، وأدى في هذه اللحظة إلى "ثورة عشائرية" عراقية لا يمكن اختزالها بـ(داعش) فقط.
باختصار، ليس من مصلحة الأردن لعب دور الوكيل الأميركي، وليس من مصلحته أن يجر إلى أدوار ترسمها واشنطن وإسرائيل وبأجندة قد تتصادم كلها أو بعضها مع مصالحه..

تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير