أي إسناد أميركي "إسرائيلي" للأردن.. حماية لدور ووظيفة عمّان !!
لا يكاد يمر يوم إلاّ ويصدّر الإعلام الأميركي والإسرائيلي مخاوف عن مستقبل الأردن، واستهدافه المحتمل من تنظيم دولة الإسلام في العراق والشام "داعش".
إلى جانب تصدير المخاوف والقلق، يستمر ذلك الإعلام في تأكيد أن أميركا و"إسرائيل" الطرف الحليف الذي بمقدوره مد العون للأردن لضمان أمنه واستقراره وصد مخاطر "داعش" عنه.
وينظر الأميركيون والإسرائيليون إلى الأردن بوصفه قضية أمن قومي، وبالدرجة الاولى أمن قومي لـ"إسرائيل".
ليس فقط لأن الأردن يشكل "حائط الصد" للمخاطر القادمة من العراق وإيران، بل كذلك لأن للأردن في الذهنية الاستراتيجية الإسرائيلية والأميركية، له دور وظيفي في تصفية القضية الفلسطينية، كما ان أي مس بالأردن يشكل خطرا على منطقة الخليج "خزان النفط" الذي تحتاجه أميركا، كما ان الأردن، بالنسبة لإسرائيل محطة إنذار مبكر لأي خطر قد يأتي "إسرائيل" من الشرق.
إن "إسرائيل" تعتبر الأردن عمقا استراتيجيا لها، والجغرافيا التي ستصدر إليها أزمتها الكبرى عندما يصبح الحل النهائي للقضية الفلسطينية مستحق.
ذلك كله تم تفصيله في كم كبير من الدراسات الإسرائيلية والأميركية الاستراتيجية والتي تناولت شؤون الأردن من كل زواياها وابعادها من منظور المصلحة الأميركية والإسرائيلية.
وبعض التقييمات الإسرائيلية والأميركية عن وظيفة ودور الأردن تظهر بجلاء واضح في تصريحات مسؤولين أميركيين وإسرائيليين على مستوى الكونغرس والكنيست ذات صلة بالقضية الفلسطينية، وتحديدا بخصوص قضية اللاجئين.
لذلك، فان اهتمام أميركا و"إسرائيل" بالأردن مرتبط عضويا بدوره الحالي وبتطورات هذا الدور مستقبلا، وهذا الاهتمام يعني إبقاء عمّان بصورة دائمة في حاجة إلى تعميق تحالفها مع أميركا و"إسرائيل" بوصفهما الأقدر على حمايته من المخاطر.
والأردن، راكم في يقينه، ألّا دولة عربية -لا السعودية ولا مصر- لديهما قدرة حقيقية على التدخل لمساندته عند المفاصل الحساسة، فهما مشغولتان بأزماتهما والمخاطر التي تحيط بهما، لذا فالأردن مقتنع أن التعويل عليهما ضرب من المغامرة والحسابات الخاسرة.
يزيد في هذا اليقين عند الأردن الرسمي، أن السعودية تبدو وكأنها تبني "تحالفا" في المنطقة، منها ومن مصر والإمارات، ولا يظهر الدور الأردني في هذا التحالف أو المحور إلاّ ثانويا، لا أصيلا أو عميقا أو رئيسيا.
والاردن، وإن كان يملك تقييماته الخاصة حيال قضايا المنطقة، والمخاطر التي تحيطه وتهدده، فهو قد لا يقوى على مواجهتها كلها لوحده، وفقا لواقعه الحالي، وربما يشعر في لحظة حاسمة انه مضطر إلى طلب دعم حلفاء، وطالما انه لا يراهن كثيرا على السعودية ومصر، فهو سيجد نفسه يطرق باب أميركا و"إسرائيل" المستعدتان لـ"الفزعة".
ذلك بالتأكيد ليس حلا مقبولا شعبيا، وتحت أي مسمى أو مبرر، وهو يضع الأردن الرسمي في مواجهة رفض داخلي حاسم، خصوصا إذا كان التدخل الأميركي والإسرائيلي جليا واضحا وفاضحا، لكن بالتجربة فان التدخلات المواربة يمكنها أن تحدث دون أن تستفز "كتلة حرجة" تقاومها.
صحيح، أن "داعش" و"القاعدة" تمثلان مخاطر حقيقية على الأردن، والمواجهة بينهما مؤجلة بحكم أن "داعش" لا تريد توسيع نطاق عملياتها بما يضعف قدراتها، لكنها قد تلجأ إلى عمليات استهداف محددة ومنتقاة من "بنك أهداف" يتعلق بالأردن.
وظروف الإقليم تتطلب من الأردن أن يضع مقاربة قائمة على عدوين رئيسيين هما: "إسرائيل" و"داعش"؛ إسرائيل تريد تثبيت إلحاق أمن الأردن بأمنها، و"داعش" تريد الأردن كجغرافيا استرايتيجية وجزء من "دولة الخلافة".
حماية الأردن وحفظه لا يكون إلاّ بأيدي ابنائه، وبخلاف ذلك فان تدخل أميركا و"إسرائيل" قد يحفظه من مخاطر لكنه يضعه في مواجهة مخاطر أخرى ربما تكون أشد تهديدا وتعقيدا.
باختصار، دفاع أميركا و"إسرائيل" عن الأردن هو دفاع عن الدور والوظيفة.. ما تحافظان عليه اليوم قد تتفككانه لاحقا لإعادة تركيبه بما يخدم مصالحهما.