jo24_banner
jo24_banner

مجلس النواب.. بين خلل الأداء وسبل العلاج

راكان السعايدة
جو 24 : لم يصمد طويلا قرار مجلس النواب إخضاع الاطفال في سن السبع سنوات للملاحقة الجزائية، إذ عاد المجلس ليصوت بعد أيام، مرة أخرى، ملغيا هذا الأخضاع، وعلى نحو يكشف الحاجة إلى أعراف وتقاليد برلمانية وازنة.

القانون لم يأت إلى مجلس النواب صدفة أو انها «طبخ» على عجل، فهو محل نقاش منذ سنوات، وتوافقت على نصوصه، الأطراف ذات العلاقة (الحكومة، والبرلمان، ومؤسسات مجتمع مدني).

وفي ظل التوافق الشامل، وليس الإجماع الكلي، لم يتوقع أي طرف أن تحدث مفاجآت في طريق القانون، إلى أن حدثت بالفعل بتخفيض سن الملاحقة القانونية الجزائية للطفل من سن 12 سنة إلى 7 سنوات.

هذه المفاجأة، المستدركة، كشفت عن عدة أمور بينها أمران مهمان، هما: (1) أن التوافقات السابقة بين الأطراف ذات الصلة لم تصمد. و(2) أن النواب لم يلقوا بالا إلى التزمات الأردن الدولية وخصوصا معاهدة حقوق الطفل. فسن 12 سنة للطفل تكاد تكون «استاندرد» عالمي للملاحقة الجزائية، وعلى ما جاء فيه قرار «النواب» الأول ليشكل ما يشبه السابقة، عندما هبط من سن 12 إلى سن 7 سنوات كسنة أساس للملاحقة الجزائية.

لم يكن نواب وسياسيون يتوقعون أن يمر قرار مجلس النواب إلى النهاية (...) فالترجيحات كلها انصبت على أن مجلس الأعيان سيصحح الخطأ، حتى لو «علق» القانون بين المجلسين لسنوات، وهو المجلس الذي طالما صوب اختلالات تشريعية عديدة في هذا المجلس وفي مجالس سابقة.

إن تصويب الخلل التشريعي بشأن سن الملاحقة الجزائية، اقتضته أمور من بينها: (1) المحافظة على صورة الأردن الخارجية واحترامه لالتزماته وتعهداته الدوليةو(2) وهو الأهم، أن الطفل في سن 7 سنوات إذا ما ارتكب فعلا يعاقب عليه يحتاج إلى معالجة نفسية واجتماعية لتعديل سلوكه.

إذ من الخطورة بمكان إخضاع طفل، أي طفل، بهذا السن لإجراءات شرطية وقضائية من شأنها زيادة احتمال تكريس النزعة الإجرامية والعدوانية لديه، وحرمانه من فرصة تصويب سلوكه وإحالته مجددا إلى انسان بسلوك قويم.

هل من فائدة لقرار «النواب» من ثم مراجعتهم لقرارهم؟ حتما، كما يقول مختص في الجانب السلوكي والاجتماعي، هناك فائدة حدثت، وأخرى يجب أن تحدث مستقبلا. الفائدة المتحققة هي أن «النواب» صوب الخطأ، وأعاد الأمور إلى نصابها الصحيح، وجنب نفسه والدولة الحرج على المستويين الداخلي والخارجي.

والفائدة المفترض تحقيقها، هي أن قرارات «النواب» التشريعية، وحتى الرقابية والسياسية، يجب أن تخضع لتقييمات ودراسات مسبقة، بحيث يكون هامش الخطأ أو الخلل التشريعي، خصوصا التشريعي، في أدنى مستوياته.

بمعنى أن أي تشريع لابد وان يدرس أثره، أكان هذا الأثر سلبيا أم إيجابيا، وتحديد الجهات المستهدفة منه، وتقدير ردود الفعل بشأنه سواء محليا أو دوليا، مع ما يعنيه ذلك من أخذ الالتزمات الدولية بالاعتبار إذا كان لهذا التشريع صلة بشأن دولي أممي.

ذلك يتطلب من مجلس النواب أن يكون لديه فريقه القانوني الاستشاري وتكون مهمته إعداد تقييمات ودراسات وافية لكل تشريع يناقشه المجلس ليوفر للنواب قراءة دقيقة وشاملة تمنحهم فرصة النظر بشمولية لكل تشريع يمر من خلالهم.

ومثل هذا الفريق المؤسسي والمؤطر سواء في مركز اسناد أو مديرية من شأن دوره ووظيفته أن يقلل الأخطاء التشريعية والتشوهات التي يمكن أن تصيب القوانين وتحدث إشكالية في التطبيق أو في الحد الأدنى تخلق إشكاليات بين مجلسي التشريع (النواب والأعيان).

برغم عودة الحياة النيابة منذ أكثر من 24 عاما إلاّ أن مجلس الأمة بشقيه لم يراكم بعد أي من الأعراف والتقاليد البرلمانية، وهو لا يزال يجتهد في قضايا بسيطة ويختلف حولها وبشأنها في كل مرة.

من شأن ذلك أن يبقي السؤال قائما، لماذا لا يطور مجلس الأمة تقاليده وأعرافه الخاصة، ويصنع نسقا أدائيا عميقا وناضجا ويكرسه على نحو يمنع التشوه في الأداء ومخرجاته، سياسيا ورقابيا وتشريعيا.


(الرأي)
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير