2024-10-07 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

الأردن وقطاع غزة.. الدور المفقود !!

راكان السعايدة
جو 24 : شيء من الفارق في الموقف السياسي والدبلوماسي الأردني حيال الاعتداء الراهن على قطاع غزة وتلك الاعتداءات في عامي 2008 و2012.

ظهر الفارق، جليا واضحا، في تدني قوة ومستوى الموقف، خصوصا في الأيام العشرة الأولى، وهو إن زاد قليلا من قوته مؤخرا، إلاّ أن الزيادة تبقى متواضعة بالقياس والمقارنة مع مواقف سابقة على نسبيتها.

ولا يعرف على وجه الدقة، إن كان لدى الأردن خطته التي يتحرك على أساسها، أو خطته البديلة التي يلجأ إليها حال لم تنفع خطته الأصلية، وما إذا كان يطل على تفاصيل المشهد وأبعاده ويعرف مآلاته.

تلك التساؤلات، لا ننفي فيها وجود الخطة من عدمها، لكنها أسئلة مشروعة تحتاج إلى إجابات لا يوفرها الأداء السياسي والدبلوماسي الحالي، مع الإبقاء على أمل أن تدفع تطورات محتملة مستويات القرار إلى أداء من نمط مختلف.

والحال الراهن، بكل تساؤلاته وإجاباته الغامضة أحيانا، والمنعدمة أحيانا أخرى، يمكن من خلالها قراءة خلفيات الموقف الأردني الملتبس، والذي، إن استمر، سيوسع الفجوة بين الحكم والمكونات الاجتماعية والسياسية.

ففي خلفية الموقف الرسمي، المتمايز عن الشعبي، يقف سببان محتملان ليحولا دون بروز الموقف السياسي والدبلوماسي المفترض ان يرتقي إلى مستوى الأزمة، وهما:
(1) أن الأردن مرتبط، بصيغة ما، بمحور سعودي - إماراتي- مصري مناوئ بشدة لجماعة الإخوان المسلمين، وبوصف حركة حماس فرع إخواني في الجماعة فهي مستهدفة كما كل فروع الإخوان من ذلك المحور الذي يرى الأردن أن له مع هذا المحور مصالح، وإن لم يكن جزءا أصيلا في تكوينه.

(2) ربما يلتقط الأردن أن لدى إسرائيل وأميركا، بدعم عربي من ذلك المحور، خطة لإضعاف حماس وتقليص قوتها ونفوذها في قطاع غزة تمهيدا لتسلميها إلى رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية بدون صفقات وترتيبات وتفاهمات مع حماس، وما استهداف بنية حماس في الضفة الغربية إلاّ جزءا من هذه الخطة.

السببان أعلاه ربما لعبا دورا مثبطا للانخراط الأردني في أحداث قطاع غزة، وهما عمليا ليسا مقنعين سياسيا، ولا يبرران ضعف الموقف، فالأردن جغرافيا وسياسيا واجتماعيا ومصلحيا مرتبط ارتباطا عضويا بالقضية الفلسطينية وكل تفاصيلها، والاشتباك معها تقتضيه المصلحة المباشرة.

إذا ما كانت تلك هي القراءة الأردنية لاحتمالات العدوان على قطاع غزة وأبعاده، فهي، بنسبة معقولة، قراءة دقيقة، لكنها غير مكتملة وغير ناضجة، إذ كان يفترض أن تقوم على احتمالات وفرضيات أوسع نطاقا من أن خطة المحور المناوئ لـ"الإخوان" وإسرائيل واميركا ستنجح.

حقائق الأرض أعطت نتائج معاكسة، لما أرادته خطة إضعاف "حماس"، بالنظر إلى التغيير الجذري في أداء كتائب عز الدين القسام والذي جاء مفاجئا ليس للقوى الشعبية، بل وللأنظمة العربية، بقدر ما شكل مفاجأة لـ"إسرائيل" والغرب عموما.

تمثل عنصر المفاجأة في مبادرة كتائب عز الدين القسام للاشتباك مع العدو، وتحقيق اختراقات لافتة أوقعت قتلى في صفوفه، حتى ان القدرات الصاروخية طالت معظم الأجزاء الفلسطينية المحتلة، فضلا عن ماكينة إعلامية مثلت رأس رمح في الحرب الدعائية والنفسية.

بمعنى أن أي خطة إسرائيلية- أميركية - "عربية" لإضعاف حماس، وتسليم القطاع للرئيس الفلسطيني قد "أعطبت"، فلا إسرائيل قادرة على تحقيق أهدافها، ولا الدول العربية المناوئة لـ"الإخوان" تحقق لها ولو ربع ما أرادت.

أمام ذلك كله، فالمفترض بالأردن أن يعيد تقييم موقفه في شكل ومضمون انخراطه بملف غزة، وهو الذي كان لديه فرصة معقولة ليملأ الفراغ الذي أحدثه تراجع الدور المصري.

وهو تراجع عائد إلى رغبة حماس في حرمان القاهرة من هذه الدور بوصفها شريكا في العدوان على غزة منذ إطاحة حكم الإخوان، وكون "القيادة" المصرية تعاني من أزمة داخلية كبرى ذات تركيب وتعقيد شديدين.

كان بمقدورالأردن أن يستثمر "علاقته الجيدة" مع "إسرائيل" وأميركا وعموم أوروبا، وكذلك علاقته الجيدة مع السلطة الوطنية الفلسطينية وعلاقته المعقولة مع حماس، إذ انها لم تصل بعد إلى حد القطيعة، فضلا عن سلسلة أوراق ضغط متاحة له "لعبة السفراء".

أي أن الأردن توفرت له فرصة الانخراط، ولعب دور محوري في إنهاء العدوان على غزة، بدل الدور التقليدي القائم على الشجب والإدانة والترقب لنتائج مسار الأزمة ولاحقا التعامل مع نتائجها.

إجمالا، وللإنصاف، فان معظم الدول العربية والخليجية عموما، باستثناء قطر، جاء موقفها ضعيفا وهزيلا مما يجري لقطاع غزة، باستثناء دول في المغرب الغربي، وبدا وكأن من بينها، وهو كذلك فعلا، تريد سحق حماس كفرع إخواني، لكن من المؤكد أن ما حققته حماس وجناحها العسكري صدمها، وسيكون له ما بعده على صعيد الإخوان.

لكن، كون للأردن خصوصية ذات صلة بالقضية الفلسطينية، فالمطلوب منه مختلف كليا عن بقية الدول، والفرصة ما تزال مواتية للعب دور ما يحفظ الحضور والمصالح، وعدم الاتكاء على سيناريوهات توضع بعيدا عنا ولا تقيم لمصالحنا وزنا حقيقيا، بل علينا اكتشاف دورنا الوظيفي الذي قد يفرض علينا في مرحلة ما.

ما يحدث في غزة سيحدث فرقا في مسار المنطقة.. !!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير