الأردن والعراق.. السياسة المضطربة !!
راكان السعايدة
جو 24 : خارج حسابات الأردن، ذلك المأزق الذي دخلته عمّان في علاقتها مع بغداد، وهو خارج الحسابات لأن الأردن لم يكن يملك "تقدير موقف" دقيقا حيال ما يمكن أن تحدثه دولة الإسلام (داعش سابقا) من هزة سياسية وجغرافية مفاجئة.
برز المأزق الأردني شديد الوضوح باستضافته مؤتمرا لقوى وشخصيات عراقية ناقشت وضع العراق وخلصت إلى رفضها تولي "نوري المالكي" رئاسة حكومة ثالثة، ورأى "المالكي" في المؤتمر مؤامرة عليه تدعم "الدولة الإسلامية".
رد الفعل العراقي، ترواح بين استدعاء سفيره للتشاور، وطلب توضيحات رسمية، تريد منها بغداد التأكد من ضلوع عمّان على المستوى الرسمي في عقد ذلك المؤتمر، وإن كانت عمّان إلى الآن تتنصل من مثل هذا الضلوع.
ثمة حلقة مفقودة في عقد مؤتمر عراقي مناوئ للسلطة القائمة بعمّان، هل كان خطأ سياسيا أم أن لدى الأردن حسابات دعته إلى القبول بعقد المؤتمر على أراضيه؟، وهل يملك الأردن معرفة أكيدة عن مسار الأزمة العراقية أم "لا" وبالتالي خطواته محسوبة؟.
تلك أسئلة بلا إجابات حاسمة إلى الآن، ويبرز في ثنايا بحثها سؤالان مهمان: هل عقد المؤتمر على الأرض الأردنية تم بضغط خارجي لم تستطع عمّان مقاومته، ولماذا لم يعقد في بلد آخر مثلا؟.
أيا تكن إجابات الأسئلة والتساؤلات أعلاه، حال الوصول إلى إجابات، لا تمنع من ضرورة تقييم المأزق الأردني، والذي يتلخص في جانبين أساسيين، هما:
(1): حاولت عمّان طيلة السنوات الماضية بناء صلات قوية مع حكومة "المالكي" التي حكمت العراق منذ ثماني سنوات وإلى الآن، ومن نتاج المحاولات أن رأت حكومة "المالكي" مصلحة استراتيجية في تقوية علاقاتها بعمّان، فقررت أن تمد خطا للنفط من جنوبها إلى العقبة جنوبا.
صحيح أن مد خط النفط العراقي نحو الأردن، في التفكير العراقي سببه تنويع خيارات التصدير بسبب العلاقات غير السوية بين العراق وتركيا، إلاّ أن السبب الذي يهم الأردن كان رغبة العراق في ربط مصالح عمّان الاقتصادية (الطاقة تحديدا) ببغداد، وهو بلا شك أمر تقبله إيران ذات النفوذ المؤكد على حكومة يرأسها المكون الشيعي.
(2): الجانب الآخر في المأزق الأردني، أن بناء صلات قوية مع حكومة "المالكي" الغارقة في الطائفية، يسبب لعمّان حرجا شديدا مع المكون السني الشاكي من الإقصاء والتهميش، وهو مكون يملك الأردن علاقات قوية معه خصوصا ذلك المكون السني الموجود في غرب العراق.
والمكون السني العراق تماهى مع الأردن في سنوات سابقة عندما انخرط مع الإدارة الأميركية في تشكيل ما سمى "الصحوات" لمجابهة تنظيم القاعدة، لكن الأمر تغير الآن، ولو نسبيا، عندما وقفت الدول السنية "متفرجة" بإزاء ما فعله "المالكي" بسنة بلاده.
إذا، الأردن بين نارين، نار "المالكي" وما يمثله من مكون شيعي، ونار السنة وما يمكن اعتبارهم عمقا استراتيجيا لعمّان، وفي سياق نار السنة تظهر الدولة الإسلامية "داعش" وهي خطر مستقبلي حقيقي على الأردن، مهما حاول البعض التقليل من ذلك.
إن هاتين النارين مربكتان تماما للأردن، واتجاهاته السياسية، وما يزيد من الإرباك أن أميركا الحليف المفترض للأردن لا تملك خيارات محددة بعد تجاه الحالة العراقية، وربما تقف أمامها حائرة كما حاله في سوريا.
ومن المفترض أن يدرك الأردن جيدا، وأظنه كذلك، أن العداء الشديد مع "المالكي"، حتى لو غادر حكم العراق، لن يكون عداء محدودا، فالرجل وإن قبل التخلي عن الحكم إلاّ ان شرطا من شروطه تولي حزب "الدعوة" الحكومة، بمعنى أن "المالكي" سيحكم من "خلف جدر" ولن ينسى الدور الأردني في إطاحته.
وشيعة العراق هم ظهير لإيران، وبما أن تقاسم السلطة في العراق يمنحهم رئاسة الحكومة ذات الصلاحيات الأوسع من صلاحيات رئاسة الجمهورية، ونسبيا البرلمان، فالأردن سيعود بعلاقته مع الحكومة العراقية إلى ما قبل لحظات الانفراج التي كان أهم تعبيراتها "خط النفط".
يظهر الأردن، أو هكذا على السطح في أقله، على هامش الأشياء والتفاعلات السياسية في المنطقة، وتبدو مساراته وكأنها مسارات وظيفية، لا شريكة أساسية في صناعة سياسات المنطقة، ومثل هكذا حال فالمخاطر تكون عليه أشد تعقيدا.
إن حفظ المصالح الوطنية الأردنية يتطلب من مستويات القرار السياسي، كرها لا حبا، أن تكون عمّان شريكا أصيلا، ولها دور حيوي في تحديد مسارات الإقليم من العراق إلى سوريا فقطاع غزة.
ولا ينفع، أبدا، انتظار مآلات الأحداث والاكتفاء بالتعامل مع نتائجها، كما لا ينفع أيضا التعويل على دعم دول خليجية أشعلت المزيد من الحرائق دون أن يكون عندها القدرة على إطفائها..
أن نكون شركاء في صياغة معادلات المنطقة، لا متلقين لها، وحده الذي يحفظ المصالح ومن قبل الوجود، وهذا يتطلب تقييما مختلفا يفضي إلى فهم مختلف، وتاليا إلى سياسات وسلوكيات مختلفة.
برز المأزق الأردني شديد الوضوح باستضافته مؤتمرا لقوى وشخصيات عراقية ناقشت وضع العراق وخلصت إلى رفضها تولي "نوري المالكي" رئاسة حكومة ثالثة، ورأى "المالكي" في المؤتمر مؤامرة عليه تدعم "الدولة الإسلامية".
رد الفعل العراقي، ترواح بين استدعاء سفيره للتشاور، وطلب توضيحات رسمية، تريد منها بغداد التأكد من ضلوع عمّان على المستوى الرسمي في عقد ذلك المؤتمر، وإن كانت عمّان إلى الآن تتنصل من مثل هذا الضلوع.
ثمة حلقة مفقودة في عقد مؤتمر عراقي مناوئ للسلطة القائمة بعمّان، هل كان خطأ سياسيا أم أن لدى الأردن حسابات دعته إلى القبول بعقد المؤتمر على أراضيه؟، وهل يملك الأردن معرفة أكيدة عن مسار الأزمة العراقية أم "لا" وبالتالي خطواته محسوبة؟.
تلك أسئلة بلا إجابات حاسمة إلى الآن، ويبرز في ثنايا بحثها سؤالان مهمان: هل عقد المؤتمر على الأرض الأردنية تم بضغط خارجي لم تستطع عمّان مقاومته، ولماذا لم يعقد في بلد آخر مثلا؟.
أيا تكن إجابات الأسئلة والتساؤلات أعلاه، حال الوصول إلى إجابات، لا تمنع من ضرورة تقييم المأزق الأردني، والذي يتلخص في جانبين أساسيين، هما:
(1): حاولت عمّان طيلة السنوات الماضية بناء صلات قوية مع حكومة "المالكي" التي حكمت العراق منذ ثماني سنوات وإلى الآن، ومن نتاج المحاولات أن رأت حكومة "المالكي" مصلحة استراتيجية في تقوية علاقاتها بعمّان، فقررت أن تمد خطا للنفط من جنوبها إلى العقبة جنوبا.
صحيح أن مد خط النفط العراقي نحو الأردن، في التفكير العراقي سببه تنويع خيارات التصدير بسبب العلاقات غير السوية بين العراق وتركيا، إلاّ أن السبب الذي يهم الأردن كان رغبة العراق في ربط مصالح عمّان الاقتصادية (الطاقة تحديدا) ببغداد، وهو بلا شك أمر تقبله إيران ذات النفوذ المؤكد على حكومة يرأسها المكون الشيعي.
(2): الجانب الآخر في المأزق الأردني، أن بناء صلات قوية مع حكومة "المالكي" الغارقة في الطائفية، يسبب لعمّان حرجا شديدا مع المكون السني الشاكي من الإقصاء والتهميش، وهو مكون يملك الأردن علاقات قوية معه خصوصا ذلك المكون السني الموجود في غرب العراق.
والمكون السني العراق تماهى مع الأردن في سنوات سابقة عندما انخرط مع الإدارة الأميركية في تشكيل ما سمى "الصحوات" لمجابهة تنظيم القاعدة، لكن الأمر تغير الآن، ولو نسبيا، عندما وقفت الدول السنية "متفرجة" بإزاء ما فعله "المالكي" بسنة بلاده.
إذا، الأردن بين نارين، نار "المالكي" وما يمثله من مكون شيعي، ونار السنة وما يمكن اعتبارهم عمقا استراتيجيا لعمّان، وفي سياق نار السنة تظهر الدولة الإسلامية "داعش" وهي خطر مستقبلي حقيقي على الأردن، مهما حاول البعض التقليل من ذلك.
إن هاتين النارين مربكتان تماما للأردن، واتجاهاته السياسية، وما يزيد من الإرباك أن أميركا الحليف المفترض للأردن لا تملك خيارات محددة بعد تجاه الحالة العراقية، وربما تقف أمامها حائرة كما حاله في سوريا.
ومن المفترض أن يدرك الأردن جيدا، وأظنه كذلك، أن العداء الشديد مع "المالكي"، حتى لو غادر حكم العراق، لن يكون عداء محدودا، فالرجل وإن قبل التخلي عن الحكم إلاّ ان شرطا من شروطه تولي حزب "الدعوة" الحكومة، بمعنى أن "المالكي" سيحكم من "خلف جدر" ولن ينسى الدور الأردني في إطاحته.
وشيعة العراق هم ظهير لإيران، وبما أن تقاسم السلطة في العراق يمنحهم رئاسة الحكومة ذات الصلاحيات الأوسع من صلاحيات رئاسة الجمهورية، ونسبيا البرلمان، فالأردن سيعود بعلاقته مع الحكومة العراقية إلى ما قبل لحظات الانفراج التي كان أهم تعبيراتها "خط النفط".
يظهر الأردن، أو هكذا على السطح في أقله، على هامش الأشياء والتفاعلات السياسية في المنطقة، وتبدو مساراته وكأنها مسارات وظيفية، لا شريكة أساسية في صناعة سياسات المنطقة، ومثل هكذا حال فالمخاطر تكون عليه أشد تعقيدا.
إن حفظ المصالح الوطنية الأردنية يتطلب من مستويات القرار السياسي، كرها لا حبا، أن تكون عمّان شريكا أصيلا، ولها دور حيوي في تحديد مسارات الإقليم من العراق إلى سوريا فقطاع غزة.
ولا ينفع، أبدا، انتظار مآلات الأحداث والاكتفاء بالتعامل مع نتائجها، كما لا ينفع أيضا التعويل على دعم دول خليجية أشعلت المزيد من الحرائق دون أن يكون عندها القدرة على إطفائها..
أن نكون شركاء في صياغة معادلات المنطقة، لا متلقين لها، وحده الذي يحفظ المصالح ومن قبل الوجود، وهذا يتطلب تقييما مختلفا يفضي إلى فهم مختلف، وتاليا إلى سياسات وسلوكيات مختلفة.