jo24_banner
jo24_banner

التهدئة بين إسرائيل" وحماس..المسار الغامض والشرك المحتمل

راكان السعايدة
جو 24 : الغموض الذي يحيط مسار "التهدئة" بين "إسرائيل" والمقاومة الفلسطينية في غزة، وعصبها "كتائب القسام".. مرده حالة الإرباك الشديد الذي تعانيه المستويات السياسية العربية ذات الصلة، والمستويات السياسية الإسرائيلية جراء فشل عملية "الجرف الصامد".

"تقدير الموقف" العربي، السعودي - الإماراتي- المصري، وبمستوى ما السلطة الوطنية الفلسطينية والأردن، ضُرب في الصميم، وعلى نحو صادم، فالتوقعات أن "إسرائيل" ستكون قادرة على سحق المقاومة، وفي أقله، إضعافها إلى أقصى حد، لكن النتائج جاءت معاكسة ومفاجئة.

"إسرائيل" ذاتها صدمت، وتقديراتها جاءت معاكسة لحقائق الأرض، وذلك يظهر جليا في الاتهامات المتبادلة بين المستويات السياسية والعسكرية من جهة، وداخل المستوى السياسي من جهة ثانية، وإذا ما شكلت لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لجنة تحقيق، فهي حتما ستكون بداية نهاية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

عربيا و"إسرائيليا"، بُنيت التقديرات على أساس أن حماس في أضعف حالاتها بعد حصارها الطويل، وبات اليقين عميقا لدى الجانبين إزاء ذلك بعدما وافقت حماس على تسليم السلطة في غزة للرئيس محمود عباس، فاعتبرت الخطوة مؤشرا حاسما على أن حماس تتآكل وأن التوقيت بات مناسبا للانقضاض عليها.

تذرعت "إسرائيل" بخطف ثلاثة مستوطنين لتبدأ عملية تصفية حماس، لكنها وجدت نفسها دفعة واحدة أمام جيش مقاوم صغير وذكي ومرن ومبادر ويملك قدرات سيطرة وتحكم أصاب التقديرات العربية والإسرائيلية في مقتل، وثبت أن "إسرائيل" فاقدة للتقديرات الاستخبارية اللازمة، لذلك اتهم الجيش جهاز "الشاباك" بالفشل.

الاعتراف بفشل "الجرف الصامد" له أدلته الكثير والمتنوعة وعلى لسان مسؤولين سابقين ومحليين إسرائيليين وتزخر وسائل الإعلام الإسرائيلية بعشرات التحليلات التي تؤكد الفشل، وتلقي به على مسؤولية جهات سياسية وعسكرية وأمنية عدة.

المهم أن العلمية فشلت، والمحور (العربي – الإسرائيلي) المتآمر على قطاع غزة يضغط لإيجاد سلم مناسب يمكن إسرائيل من النزول عن الشجرة وبوابة ذلك مفاوضات ومباحثات القاهرة حول التهدئة، والتي لا تريدها مصر، بشكل أساسي، في صالح حماس.

لا يوجد مسار واضح للمفاوضات، ولا يوجد تقدير دقيق لمآلاتها، فالوفد الفلسطيني وضع شروطه، وليس بمقدوره أن يتنازل عنها، لكن يمكن إحداث شرخ، عبر التفاوض، بين ممثلي حركة فتح وممثلي حماس وبقية الفصائل على تفاصيل في الشروط وهو أمر لا يمكن أن تقبله حماس خصوصا المتعلقة برفع الحصار لأن أي تنازل أو اتفاق غامض سيكون بمثابة انتحار لحماس.

إسرائيل التي لم ترسل وفدا سياسيا إلى القاهرة، تفاوض عبر مصر وفريق استخباري موجود في القاهرة منذ أيام، وهي تلقت الشروط الفلسطينية وتدرسها، والمؤكد أن تل أبيب لن تقبل بكل الشروط، خصوصا مسألة الميناء البحري والمطار، كما لن تقبل بتنفيذ الشروط الممكن القبول بها دفعة واحدة بل عبر برنامج طويل.

لذلك، لابد وأن حماس تتحوط، فاتفاقية التهدئة في العام 2012 لم ينتج عنها إلاّ وقف إطلاق النار، ولم تلتزم إسرائيل ببقية شروط الاتفاقية، وربما إصرار إسرائيل على صيغة مماثلة هدفة تمكينها من التنصل من الالتزامات.

منذ عرض مصر لمبادرتها، كان التباين واضحا بين "إسرائيل" وحماس، فالأولى أصرت على وقف إطلاق النار ومن ثم التفاوض على رفع الحصار، فيما حماس تصر على وقف إطلاق النار ورفع الحصار أي ان الخلاف كان على تلازم وعدم تلازم وقف إطلاق النار ورفع الحصار.

من الخطورة بمكان تصوير ان اتفاق التهدئة المحتمل، وكأنه نهاية الصراع، فلا إسرائيل ولا المحور العربي سيقبل بحماس قوية في قطاع غزة وأقوى من السلطة الوطنية الفلسطينية التي تحالفت مع إسرائيل في البداية وثم ركبت الموجة على وقع ما حققته المقاومة.

المؤكد أن إسرائيل والمحور الداعم لها، والذي سيدفع الثمن بشكل أو بآخر، سيعيد تقييم ما حدث في غزة والفشل في كسر حماس، وتصفية قدرات المقاومة، وهنا فالمرجح خيار من اثنين:

(أولا): إما إعادة بناء تقدير استخباري عن إمكانية حماس وقدراتها العسكرية، واستنزافها على المدى الطويل بالاغتيالات والحصار والتلاعب باستقرارها الداخلي، وعمليات عسكرية مثل الحالية بين فترة وأخرى، ضمن تكتيك فصلها عن حاضنتها الشعبية.
(ثانيا): تغيير التكتيك كله، بإحداث طفرة اقتصادية في القطاع، تنعش الواقع المعيشي لسكانه، وربطهم بمصالح ومنافع يصعب عليهم الاستغناء عنها، تماما كما حدث في الضفة الغربية عندما ربطت فتح وكوادرها بمصالح اقتصادية رهنتهم لسياسات السلطة المرتبطة بإسرائيل وأميركا.. وهذا يعني أن القطاع المنتعش اقتصاديا لن يقبل خسارة هذا الانتعاش على يد حماس.

المحصلة، أن حماس، في الوقت الراهن، أمام لحظة تاريخية فارقة، لأن أي تهدئة لا ترفع الحصار عن القطاع ستنهيها سياسيا ومقاومة، لأن سكان القطاع لن يقبلوا بعد كل هذه التضيحات بتهدئة شبيهة بالتهدئة السابقة، التي أوقفت إطلاق النار ولم ترفع الحصار، وهو ما حسمه بوضوح قائد "القسام" محمد الضيف عندما ربط ربطا عضويا بين وقف إطلاق النار ورفع الحصار كمنجز للمقاومة يوسع الحاضنة الشعبية للحركة ومقاومتها.

وعلى حماس أن تكون على قناعة بان المحور المناوئ لها لن يقبل أن تخرج منتصرة من هذه المعركة، وإن قبل سيكون قبولا تكتيكيا مرحليا، وسيكون له ما بعده.. أي على حماس أن تحذر من الشرك الذي من المؤكد ينصب لها لتقع فيه في وقت ما.
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير