أيّ مصلحة في إقصاء "الإخوان"..؟!
راكان السعايدة
جو 24 : الإخوان المسلمين- فرع الأردن، مكون أساسي من المكونات السياسية والاجتماعية الوطنية، وفعل صانع القرار فعلا سياسيا صحيحا وسليما عندما تجاهل ضغوطا مارستها دولا عربية لحظرهم والتعامل معهم بقسوة أمنيا وسياسيا.
هذا التجاهل الواعي للضغوط التي تمارس على صانع القرار السياسي تبدو السبب وراء برودة قنوات الاتصال السياسي والدبلوماسي بين الأردن، والسعودية والإمارات، وفي سياقهم مصر، حيث تخوض الدول الثلاث مواجهة مفتوحة مع الإسلام السياسي منذ تولي الإخوان حكم مصر وإلى الآن.
يدرك النظام السياسي الأردني أن الفكر الاستئصالي الإقصائي الذي يمارس في مصر بدفع من المحور المناوئ لـ"الإخوان" لا يمكنه أن ينهي التنظيم الإخواني، فالإخوان في الادراك الاردني "فكرة" لا يمكن سحقها، كما أن الإخوان على ما في بعض تياراتهم من تشدد لا يمكن أن يبلغوا حدود التطرف العنيف.
بمعنى أن الأردن، ونظامه السياسي - باستثناء بعض المراكز التي تدفع للتصادم مع الإخوان- يقبل بفكرة التعايش مع "الإخوان"، بسقف أعلى مرسوم ومحدد للمناكفة والتصادم السياسي، وهو أمر يمكن الاستدلال عليه بسهولة من أي مراجعة بسيطة لتاريخ العلاقة بين النظام والإخوان.
لذلك يعي الإخوان أن نقدهم والقسوة عليهم من الإعلام المحسوب على الخط الرسمي يستهدف أمرين أساسيين من بين أمور عدة، منها:
(1): محاولة تخفيف ضغط المحور العربي المناوئ لـ"الإخوان" والإبقاء على صلة بهذا المحور ولو بالحد الأدنى.
و(2): الإبقاء على سقف "الإخوان" ضمن المعقول، وإشعارهم بألا مصلحة لهم بتصعيد موقفهم من النظام.
إن العلاقة بين الأردن الرسمي و"الإخوان" مرت بموجات، صعود وهبوط، وتسخين وتبريد، لكنها لم تصل أبدا حدود القطيعة، وحتى لو رغب الأردن الرسمي بحدوث هذا القطيعة والتصادم الإقصائي الاستئصالي، فهو ينتهي كمحصلة لتحليله السياسي والتقييم إلى نتيجة ألا مصلحة له بحدوث هذا التصادم الذي يجر البلاد إلى حالة فوضى وعنف لا تصب في صالح أي طرف إلاّ خصوم وأعداء الداخل والخارج.
فالحالة المصرية الماثلة للعيان خير دليل على أن التفكير في إنهاء "الإخوان" عبث وخيال، رغم أن المحور الذي خطط للانقلاب على "الإخوان" في مصر أقنع الإدارة الأميركية قبل التنفيذ أن ردود الفعل على إطاحة حكم "محمد مرسي" لن تأخذ أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويستقر الأمر، وهو ما تبين لاحقا انه تقييم ساذج للغاية، إذ مر أكثر من عام ومصر بلا استقرار وبلا أفق.
ولا يستبعد في مرحلة ما أن يسعى الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" إلى تسويات مع "الإخوان" ليضمن إدامة حكمه، وإنهاء الفوضى التي ضربت الاقتصاد المصري في مقتل، لا سبيل إلى نهوضه بغير تسويات داخلية تنهي الحالة الراهنة.
"الإخوان"، بكل تأكيد لا يخلوا طرفهم من ملاحظات ومآخذ وأخطاء، لكن في المقابل الحكومات لا تخلوا من العيوب والمآخذ والأخطاء المكلفة، إذ أن الديمقراطية عندما تكون حقيقية تستوعب جميع القوى والأفكار والتيارات السياسية، وتعدل الأخطاء وتصوب السلوكات ضمن مفهوم التطور المتدرج الطبيعي.
فمن يراجع مستوى الشعارات وسقوفها منذ أن أخذ "الربيع العربي" مساره أردنيا يدرك أن موقف الإخوان استقر في محصلته النهائية عند إصلاح النظام، وحتى الإصلاح بات يطرح في سياق يمكن التفاهم على جوهره وحدوده.
مناسبة ما سبق أعلاه تصريحات وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة التي أكد فيها أن فكرة حظر "الإخوان" ليست إلاّ "إشاعة"، وهو تصريح ينم عن وعي وفهم سياسي وتقدير سليم للدولة الرسمية.
ويكشف، أيضا، عن أن الأردن الرسمي أكثر ذكاء من أن يجره المحور العربي المناوئ لـ" الإخوان" إلى مواجهة، في غير صالحه على الإطلاق، وهو أمر أيضا يتطلب من الإخوان أن يتحسسوا بعض المفاصل الصعبة والحساسة، لسد الذرائع ومنع التصادم.
نعم، "الإخوان" مكون وطني أصيل، لا منبت، وسياقهم الوطني التاريخي، لا يمكن إغفاله وتجاهله، والتلاعب بهذه الملف، أي ملف الإخوان، تلاعب مكلف للجميع، وأي تصادم فيه سيكون لحساب الغير وفي مصلحته وليس في مصلحة الوطن.
وأي خلاف أو اختلاف بين الدولة الرسمية و"الإخوان" يمكن تسويته وتنسيقه عبر قنوات لطالما كانت موجودة بين الطرفين، وهي متوفرة وقادرة يمكن اللجوء إليها عند الحاجة للتفاهم وبناء التفهم، الذي يقدر فيه كل طرف ظروف الآخر.
الأخطار تحيطنا من كل حدب وصوب، والروح الوطنية تقتضي من الجميع تبريد ملفات الداخل لمجابهة أخطار الخارج، غير ذلك كأننا نستدعي النار.
هذا التجاهل الواعي للضغوط التي تمارس على صانع القرار السياسي تبدو السبب وراء برودة قنوات الاتصال السياسي والدبلوماسي بين الأردن، والسعودية والإمارات، وفي سياقهم مصر، حيث تخوض الدول الثلاث مواجهة مفتوحة مع الإسلام السياسي منذ تولي الإخوان حكم مصر وإلى الآن.
يدرك النظام السياسي الأردني أن الفكر الاستئصالي الإقصائي الذي يمارس في مصر بدفع من المحور المناوئ لـ"الإخوان" لا يمكنه أن ينهي التنظيم الإخواني، فالإخوان في الادراك الاردني "فكرة" لا يمكن سحقها، كما أن الإخوان على ما في بعض تياراتهم من تشدد لا يمكن أن يبلغوا حدود التطرف العنيف.
بمعنى أن الأردن، ونظامه السياسي - باستثناء بعض المراكز التي تدفع للتصادم مع الإخوان- يقبل بفكرة التعايش مع "الإخوان"، بسقف أعلى مرسوم ومحدد للمناكفة والتصادم السياسي، وهو أمر يمكن الاستدلال عليه بسهولة من أي مراجعة بسيطة لتاريخ العلاقة بين النظام والإخوان.
لذلك يعي الإخوان أن نقدهم والقسوة عليهم من الإعلام المحسوب على الخط الرسمي يستهدف أمرين أساسيين من بين أمور عدة، منها:
(1): محاولة تخفيف ضغط المحور العربي المناوئ لـ"الإخوان" والإبقاء على صلة بهذا المحور ولو بالحد الأدنى.
و(2): الإبقاء على سقف "الإخوان" ضمن المعقول، وإشعارهم بألا مصلحة لهم بتصعيد موقفهم من النظام.
إن العلاقة بين الأردن الرسمي و"الإخوان" مرت بموجات، صعود وهبوط، وتسخين وتبريد، لكنها لم تصل أبدا حدود القطيعة، وحتى لو رغب الأردن الرسمي بحدوث هذا القطيعة والتصادم الإقصائي الاستئصالي، فهو ينتهي كمحصلة لتحليله السياسي والتقييم إلى نتيجة ألا مصلحة له بحدوث هذا التصادم الذي يجر البلاد إلى حالة فوضى وعنف لا تصب في صالح أي طرف إلاّ خصوم وأعداء الداخل والخارج.
فالحالة المصرية الماثلة للعيان خير دليل على أن التفكير في إنهاء "الإخوان" عبث وخيال، رغم أن المحور الذي خطط للانقلاب على "الإخوان" في مصر أقنع الإدارة الأميركية قبل التنفيذ أن ردود الفعل على إطاحة حكم "محمد مرسي" لن تأخذ أكثر من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع ويستقر الأمر، وهو ما تبين لاحقا انه تقييم ساذج للغاية، إذ مر أكثر من عام ومصر بلا استقرار وبلا أفق.
ولا يستبعد في مرحلة ما أن يسعى الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" إلى تسويات مع "الإخوان" ليضمن إدامة حكمه، وإنهاء الفوضى التي ضربت الاقتصاد المصري في مقتل، لا سبيل إلى نهوضه بغير تسويات داخلية تنهي الحالة الراهنة.
"الإخوان"، بكل تأكيد لا يخلوا طرفهم من ملاحظات ومآخذ وأخطاء، لكن في المقابل الحكومات لا تخلوا من العيوب والمآخذ والأخطاء المكلفة، إذ أن الديمقراطية عندما تكون حقيقية تستوعب جميع القوى والأفكار والتيارات السياسية، وتعدل الأخطاء وتصوب السلوكات ضمن مفهوم التطور المتدرج الطبيعي.
فمن يراجع مستوى الشعارات وسقوفها منذ أن أخذ "الربيع العربي" مساره أردنيا يدرك أن موقف الإخوان استقر في محصلته النهائية عند إصلاح النظام، وحتى الإصلاح بات يطرح في سياق يمكن التفاهم على جوهره وحدوده.
مناسبة ما سبق أعلاه تصريحات وزير التنمية السياسية خالد الكلالدة التي أكد فيها أن فكرة حظر "الإخوان" ليست إلاّ "إشاعة"، وهو تصريح ينم عن وعي وفهم سياسي وتقدير سليم للدولة الرسمية.
ويكشف، أيضا، عن أن الأردن الرسمي أكثر ذكاء من أن يجره المحور العربي المناوئ لـ" الإخوان" إلى مواجهة، في غير صالحه على الإطلاق، وهو أمر أيضا يتطلب من الإخوان أن يتحسسوا بعض المفاصل الصعبة والحساسة، لسد الذرائع ومنع التصادم.
نعم، "الإخوان" مكون وطني أصيل، لا منبت، وسياقهم الوطني التاريخي، لا يمكن إغفاله وتجاهله، والتلاعب بهذه الملف، أي ملف الإخوان، تلاعب مكلف للجميع، وأي تصادم فيه سيكون لحساب الغير وفي مصلحته وليس في مصلحة الوطن.
وأي خلاف أو اختلاف بين الدولة الرسمية و"الإخوان" يمكن تسويته وتنسيقه عبر قنوات لطالما كانت موجودة بين الطرفين، وهي متوفرة وقادرة يمكن اللجوء إليها عند الحاجة للتفاهم وبناء التفهم، الذي يقدر فيه كل طرف ظروف الآخر.
الأخطار تحيطنا من كل حدب وصوب، والروح الوطنية تقتضي من الجميع تبريد ملفات الداخل لمجابهة أخطار الخارج، غير ذلك كأننا نستدعي النار.