التعديلات الدستورية والمغزى السياسي الغامض
راكان السعايدة
جو 24 : استغرق فقهاء في الدستور، وقتا في تحليل وتفسير الشرعية الدستورية للتعديل الذي يمنح الملك صلاحية تعيين رئيس أركان الجيش ومدير المخابرات العامة دون الحاجة إلى تنسيب مجلس الوزراء.
وعلى وضوح اعتلال هذا الشأن، وعدم تطابقه مع الدستور، لا من حيث النص ولا من حيث الروح، ولا حتى مع الأعراف التشريعية في الدول الديمقراطية، إلا إن بعدا سياسيا خفيا يحيط الأمر برمته، يلازمه الغموض.
إذ لم تُقدم التعديلات الدستورية بموجب مبررات ترقى إلى مستوى المسألة، بل على العكس باتت التبريرات أشبه بتكهنات وردت على لسان رسميين، بينهم رئيس الوزراء الذي لم يجد غطاء يسوق من خلاله الخطوة إلاّ التلميح إلى الحكومات البرلمانية وإبعاد المنصبين عن التجاذبات السياسية.
إن غياب التبرير السياسي والتشريعي المقنع الذي يتعامل، أو بلغة أخرى يحترم العقل والمنطق، ترك الباب مفتوحا على مروحة من التحليلات والتنبوءات من غير أن تسندها وقائع وحقائق على الأرض أو أسس سياسية سليمة.
وهذا يعني أن القرار تمحور في أساسه على إدخال التعديلات على الدستور لمعالجة شأن ما، من ثم يتم البحث عن مبررات تسوقه على النخب والعامة، وهي تبريرات لا تشي بالهدف المحدد للتعديلات بقدر خلق البيئة الموضوعية لتمريرها.
كان يمكن تفهم التعديلات الدستورية ذات الصلة بتعيين رئيس أركان الجيش ومدير المخابرات العامة، لو أن الخطوة أتت في سياق خطوة سياسية كبرى يعتزم الأردن الإقدام عليها بهدف إحداث فرق جوهري وحقيقي في المسار السياسي الإصلاحي الوطني.
ولغياب المبررات والخطوة السياسية الكبرى المفترضة، فشلت المؤسسة الرسمية وأذرعها الإعلامية في تسويق التعديلات بشكل مقنع وحقيقي، مع الأخذ بالاعتبار أن الفشل لا يعني أن التعديلات لن تمر.
فالصمت شبه المطبق، شعبيا وحزبيا ونخبويا، حيالها يكفي للتأكد من أن التعديلات ستمر، حبا أو كرها، في كل حلقاتها التشريعية دون عوائق تذكر وسيبقى الاعتراض في جله صامتا، ويجري همسا في أغلبه.
سيبقى سؤال الأسباب الكامنة وراء التعديل الدستوري الخاص بالتعيينات يلح لاستكشاف حقائق الخطوة ومبرراته والمغزى منها مضمونا وزمانا.
إذن سيبقى الأمر يدور في فلك الفرضيات والاحتمالات، وبإزاء ذلك يوجد فرضيتين أو احتمالين، هما:
(1): أن الأردن الرسمي مقبل فعلا على خطوة سياسية كبرى للولوج إلى حكومات برلمانية حقيقية، وليست صورية كما في الفترة الأخيرة.
وأن تحصين الموقعين (رئاسة أركان الجيش، وإدارة المخابرات العامة) تقتضيه مبررات تحصين الدولة من تسييس مؤسساتها العسكرية والأمنية لحين استتباب الحكومات البرلمانية وتمييز طريقة التعامل والفوارق بين المؤسسات السياسية والأمنية.
لكن هذه الفرضية أو الاحتمال، يمكن تفهمه لو أن المؤشرات في الدولة عن نيتها الانخراط في حكومات برلمانية جادة وحقيقية، كما كان يفترض بالمستويات السياسية أن تقول أن خطوة تعديل الدستور مؤقتة وهدفها حماية مؤسسات ذات حساسية عالية لحين تثبيت مرحلة الحكومات البرلمانية ومن ثم يعود الأصل الدستوري إلى ما كان عليه، بحكم أن ذلك هو الصحيح.
(2): إن العقل الذي أبدع مقاربة التعديلات الدستورية، لا هدف له إلاّ تحصين مؤسسة الحكم، وأن يوفر للنظام أسباب الحماية الكافية، والتي تتمثل، فعليا لا نظريا، في مؤسستي الجيش والمخابرات، بحيث يبقى للنظام ضمانات إدامته واستقراره في حال أي تقلبات إقليمية أو داخلية.
وبالتالي الخطوة برمتها ليست أكثر من حاجة الحكم إلى تأمين نفسه في حال أي تغييرات إضطرارية، تنتجها الحقائق الداخلية أو تفرض من الخارج ضمن مسار سياسي في طياته تهديد وجودي، وهو يجعل مستويات مختلفة تشعر بالقلق، رغم يقينها أن الواقع غير ملتبس حيال ألا جهة في الأردن لديها صلاحية اختيار وتعيين رئيس الأركان ومدير المخابرات إلاّ الملك، والباقي تفاصيل بروتوكولية لا أكثر.
إجمالا، المعطيات الراهنة والمبررات الواهية التي سيقت لجعل كل الأطراف تستوعب التعديلات وتتقبلها، دون نقاش حقيقي، تشي أن في الأمر ردة عن المسار الإصلاحي، وردة عميقة وذات دلالة أن الحكم تجاوز أزمة الربيع، وقادر على إدارة اللعبة السياسية بأدواته وبالمضامين التي يحددها.
ما يعني أن النظام السياسي بات على ثقة من قدرته على إدارة الأمور الداخلية، بغطاء خارجي، عززته ظروف الإقليم، دون القلق من التبعات.. وتعديلات دستورية بهذا الوزن وبهذا القدر من الأهمية لا بد وأن رتبت مسبقا ونسقت مع أطراف ذات صلة !!.
الأمر كله يحتاج من الرسميين إلى شرح، لا متذاكي، لخلق بيئة الفهم والتفهم.. أو على الأقل يفتح باب النقاش للدعم أو الاستدراك فالشأن الوطني يهم كل مكونات الوطن، لا احتكار فيه لهذا الطرف أو ذاك.
وعلى وضوح اعتلال هذا الشأن، وعدم تطابقه مع الدستور، لا من حيث النص ولا من حيث الروح، ولا حتى مع الأعراف التشريعية في الدول الديمقراطية، إلا إن بعدا سياسيا خفيا يحيط الأمر برمته، يلازمه الغموض.
إذ لم تُقدم التعديلات الدستورية بموجب مبررات ترقى إلى مستوى المسألة، بل على العكس باتت التبريرات أشبه بتكهنات وردت على لسان رسميين، بينهم رئيس الوزراء الذي لم يجد غطاء يسوق من خلاله الخطوة إلاّ التلميح إلى الحكومات البرلمانية وإبعاد المنصبين عن التجاذبات السياسية.
إن غياب التبرير السياسي والتشريعي المقنع الذي يتعامل، أو بلغة أخرى يحترم العقل والمنطق، ترك الباب مفتوحا على مروحة من التحليلات والتنبوءات من غير أن تسندها وقائع وحقائق على الأرض أو أسس سياسية سليمة.
وهذا يعني أن القرار تمحور في أساسه على إدخال التعديلات على الدستور لمعالجة شأن ما، من ثم يتم البحث عن مبررات تسوقه على النخب والعامة، وهي تبريرات لا تشي بالهدف المحدد للتعديلات بقدر خلق البيئة الموضوعية لتمريرها.
كان يمكن تفهم التعديلات الدستورية ذات الصلة بتعيين رئيس أركان الجيش ومدير المخابرات العامة، لو أن الخطوة أتت في سياق خطوة سياسية كبرى يعتزم الأردن الإقدام عليها بهدف إحداث فرق جوهري وحقيقي في المسار السياسي الإصلاحي الوطني.
ولغياب المبررات والخطوة السياسية الكبرى المفترضة، فشلت المؤسسة الرسمية وأذرعها الإعلامية في تسويق التعديلات بشكل مقنع وحقيقي، مع الأخذ بالاعتبار أن الفشل لا يعني أن التعديلات لن تمر.
فالصمت شبه المطبق، شعبيا وحزبيا ونخبويا، حيالها يكفي للتأكد من أن التعديلات ستمر، حبا أو كرها، في كل حلقاتها التشريعية دون عوائق تذكر وسيبقى الاعتراض في جله صامتا، ويجري همسا في أغلبه.
سيبقى سؤال الأسباب الكامنة وراء التعديل الدستوري الخاص بالتعيينات يلح لاستكشاف حقائق الخطوة ومبرراته والمغزى منها مضمونا وزمانا.
إذن سيبقى الأمر يدور في فلك الفرضيات والاحتمالات، وبإزاء ذلك يوجد فرضيتين أو احتمالين، هما:
(1): أن الأردن الرسمي مقبل فعلا على خطوة سياسية كبرى للولوج إلى حكومات برلمانية حقيقية، وليست صورية كما في الفترة الأخيرة.
وأن تحصين الموقعين (رئاسة أركان الجيش، وإدارة المخابرات العامة) تقتضيه مبررات تحصين الدولة من تسييس مؤسساتها العسكرية والأمنية لحين استتباب الحكومات البرلمانية وتمييز طريقة التعامل والفوارق بين المؤسسات السياسية والأمنية.
لكن هذه الفرضية أو الاحتمال، يمكن تفهمه لو أن المؤشرات في الدولة عن نيتها الانخراط في حكومات برلمانية جادة وحقيقية، كما كان يفترض بالمستويات السياسية أن تقول أن خطوة تعديل الدستور مؤقتة وهدفها حماية مؤسسات ذات حساسية عالية لحين تثبيت مرحلة الحكومات البرلمانية ومن ثم يعود الأصل الدستوري إلى ما كان عليه، بحكم أن ذلك هو الصحيح.
(2): إن العقل الذي أبدع مقاربة التعديلات الدستورية، لا هدف له إلاّ تحصين مؤسسة الحكم، وأن يوفر للنظام أسباب الحماية الكافية، والتي تتمثل، فعليا لا نظريا، في مؤسستي الجيش والمخابرات، بحيث يبقى للنظام ضمانات إدامته واستقراره في حال أي تقلبات إقليمية أو داخلية.
وبالتالي الخطوة برمتها ليست أكثر من حاجة الحكم إلى تأمين نفسه في حال أي تغييرات إضطرارية، تنتجها الحقائق الداخلية أو تفرض من الخارج ضمن مسار سياسي في طياته تهديد وجودي، وهو يجعل مستويات مختلفة تشعر بالقلق، رغم يقينها أن الواقع غير ملتبس حيال ألا جهة في الأردن لديها صلاحية اختيار وتعيين رئيس الأركان ومدير المخابرات إلاّ الملك، والباقي تفاصيل بروتوكولية لا أكثر.
إجمالا، المعطيات الراهنة والمبررات الواهية التي سيقت لجعل كل الأطراف تستوعب التعديلات وتتقبلها، دون نقاش حقيقي، تشي أن في الأمر ردة عن المسار الإصلاحي، وردة عميقة وذات دلالة أن الحكم تجاوز أزمة الربيع، وقادر على إدارة اللعبة السياسية بأدواته وبالمضامين التي يحددها.
ما يعني أن النظام السياسي بات على ثقة من قدرته على إدارة الأمور الداخلية، بغطاء خارجي، عززته ظروف الإقليم، دون القلق من التبعات.. وتعديلات دستورية بهذا الوزن وبهذا القدر من الأهمية لا بد وأن رتبت مسبقا ونسقت مع أطراف ذات صلة !!.
الأمر كله يحتاج من الرسميين إلى شرح، لا متذاكي، لخلق بيئة الفهم والتفهم.. أو على الأقل يفتح باب النقاش للدعم أو الاستدراك فالشأن الوطني يهم كل مكونات الوطن، لا احتكار فيه لهذا الطرف أو ذاك.