jo24_banner
jo24_banner

الأردن يتورط في سوريا.. الدور الاستخباري والعسكري يجلب المخاطر !

راكان السعايدة
جو 24 : انضم الأردن إلى التحالف الدولي لمواجهة الدولة الإسلامية، عسكريا لا استخباريا فقط، ودشن ذلك بقصف مواقع داخل سوريا ولاحقا داخل العراق.

ذلك كان متوقعا لا متخيلا، بالنظر إلى ماهو متوفر للأردن من إمكانات عسكرية واستخبارية "لا مالية"، وبالنظر إلى الدور الذي رسمته أميركا للأردن؛ المستعد للتماهي مع الرغبات الأميركية بغض النظر عن المحاذير والمخاطر.

أفاق الأردنيون على بيانات وتصريحات رسمية، صداحة تزف لهم أن بلدهم شارك بأول العمليات العسكرية بقصف تجمعات للدولة الإسلامية في سوريا.

ذلك يعني، ان الاردن انخرط في العمليات الميدانية، وينتقل من مستوى تدخل إلى مستوى تدخل آخر تدريجيا، وبمضامين وأشكال مختلفة تبعا لأمر العمليات الذي تحدده وزارة الدفاع وقيادة المنطقة الوسطى الأمريكيتين.

هذا التدخل؛ لم يكن خارج التوقعات والحسابات، وإن مارس الأردن إنكارا لبعض تفاصيله، وأحاط بعضها بالغموض، وأكثر ما كان يروج له أن تدخله ضمن النطاق الاستخباري وتجفيف مصادر التمويل ومنع انتقال الجهادين، غير أن السياق ذهب إلى أبعد من ذلك.

بلغة واضحة، الأردن تدخل عبر سلاح الجو، لكن ذلك شكلا من أشكال التدخل الذي نسق مع أميركا، والمرجح، وبقوة، أن نطاق التدخل الأردني سيتوسع من المجال الاستخباري وسلاح الجو إلى التدخل على الأرض في العراق وسوريا، إما بقوات برية أو قوات خاصة، والأخير أكثر ترجيحا.

أما وأن التدخل حدث ودشن علنا وبإعلان رسمي، ووفقا لما توقعناه في سلسلة من المقالات السابقة، سنعيد طرح السؤال المركزي: هل لدى الأردن "تقدير موقف" لمحاذير ومخاطر تدخله؟!

ذلك السؤال إجابته ضرورة وطنية لا تحتمل التأويل والمراوغة لأن تدخلنا على هذا النحو المتصاعد والعلني يجلب لنا مروحة من المخاطر يفترض توقعها ويفترض أن لدينا استراتيجية مجابهة محكمة إلاّ إذا كان التدخل قائما على تقدير خارجي لا يرتبط بأشكال المخاطر المحتملة داخليا.

إن التدخل في سوريا يعني أن الأردن في مواجهة شلكين محتملين من ردود الفعل هما:

(1) رد فعل من النظام السوري الذي انتهكت أرضه من طرف الأردن، وهو لن يلقي بالا للمبررات التي التي ساقتها عمّان لهذا التدخل.. بل أن بيانات وتصريحات عمّان، حملت تهديدا واضحا للنظام السوري بمزيد من العمليات إذا لم يضبط حدوده، وهو ضبط لا يمكن تحقيقه بالنظر المواجهة المفتوحة بين النظام وقوى المعارضة العسكرية.
وحتى بيان الخارجية السورية الذي أكد عقب قصف أراضيه دعم جهود محاربة الإرهاب والتطرف، بخلاف تهديده سابقا بالرد على استهداف أرضيه دون التنسيق معه، لا يعني رضاه عن الدور الأردني الذي طالما تحدث عن الحل السياسي كمخرج للأزمة السورية.. سوريا لن تنسى هذا الدور التدخلي الأردني.
(2) رد فعل من تنظيم الدولة الإسلامية، وهو رد فعل انتقامي بالأساس، وهو يتوافر على خيارين: إما بإرسال من ينفذ عمليات داخل الأردن، وإما – ثانيا-خلايا موجودة أساسا داخل الأردن وتنتظر أمر عمليات، مع الأخذ بالاعتبار أن للتنظيم أنصاره ومنضوين في إطاره.
فتهديدات الدولة الإسلامية بالانتقام يجب أخذها على محمل الجد، طالما تورطنا على النحو الذي تورطنا به.

تلك مخاطر، خصوصا انتقام الدولة الإسلامية المحتمل، ليست هينة ولا يجب الاستخفاف بها، ولا يجب الاتكاء على نظرية القدرات والأمكانات وحدها، فتفجيرات فنادق عمّان تمت في أوج الانخراط في المواجهة مع تنظيم القاعدة.

سؤال آخر أكان على الأردن بدء عملياته من الأرض السورية؟

حتما لا، كان على الأردن، المجبر على التدخل العملياتي، لمنفعة ما، أن يتدخل في العراق، فعلى الأقل في العراق توفر حكومته غطاء تدخل، بمعنى أن التدخل لا يتصادم مع السلطة القائمة هناك.

لكن التدخل في سوريا فيه تصادم مع النظام القائم، وفيه تصادم مع روسيا التي تريد تدخلا عبر قرارات دولية (مجلس الأمن) ويتصادم مع إيران أيضا المتحالفة مع النظام السوري.

أما وأن التدخل تم وعلى نحو علني، لا موارب ولا خفي، فان القلق على الأمن والاستقرار الداخلي ليس ترفا، ولا يجب التعامل مع التدخل في سوريا بصيغة احتفالية وكأن فتحا عظيما حققنا.

أمن الأردن واستقراره أهم من مشاريع أميركا في المنطقة، وأهم من أموال الخليج الذي يريده حطبا لمعارك نخوض حروبها بالوكالة عنه.

تدخل الأردن في سوريا والعراق يجلب المخاطر.. فهل تحسب للمخاطر أم أن حساباته كلها حسابات أميركية صرفة دون اعتبار للثمن الذي قد يدفعه.. ؟!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير