الهبرة والمنساس
من يطالبون بالعدل والانصاف ليس في المناصب ورئاسة الجامعات فحسب , بل بكل شيء , معهم حق . ومنطقهم مفهوم , ولكن غير المفهوم هو التصرف وكأن الطريق الى المناصب غير معروف في المجالس الخاصة كلنا يعرف الطريق , فلماذا نتجاهل كل ذلك بالمطالبات العلنية . وللتذكير يمكن القول , ألم نتفق كثيراً على حقيقة : أن العرب في بلادنا صاروا عربين واضيف من عندي فأقول : ليس صاروا , بل كانوا وما زالوا , وسيظلون .. نعم عربين .
عرب الطبلة المخرومة ؛ أقصد طبلة الأُذن وهم (طبقة السلطة ومن لف لفهم) وعرب الهبرة الرقاصة , وهم (باقي فئات الشعب و قواه المنظمة وغير المنظمة التي لا تملك سوى "هبرة اللسان" ) وللإختصار سوف نسمي الأولى (طبقة الطبلة) والعرب الثانية (طبقة الهبرة) – والأولى في موقف (المستفيد) من الواقع القائم بكل ماله علاقة بالعدل والعدالة , والحقوق والواجبات والامتيازات والمناصب و(النغنغة) بكل أنماطها .
والثانية : في موقف المتضرر من الواقع القائم , لأنه يميل لصالح الأولى في كل ما ذكر . بين الطبقتين يا سادة ----برزخ حفرته عميقاً طبقة الطبلة (المتسلطة) , وزاد عمقه بشكل واضح ..منذ الثمانينات .. أم انكم تنسون ؟؟ لقد صار ما صار آنذاك .
اليوم طورت طبقة الطبلة منهجها في العمل , وما يحدث ينبئ وكأنها قررت أن تعزل نفسها عن طبقة الهبرة كلياً , وتجلس في سفينة ترسو قريبة من الشاطئ , فتصير لا في البر قريبة من مخاليق الله , ولا في البحر , لكنها جاهزة للابحار بعيداً , إذا اقتضى الأمر , لأن بقاء أي حال من المحال ... هكذا قال تاريخ البشرية –
طبقة الطبلة المخرومة لا تسمع .. كيف تسمع وطبلة اذنها مخرومة ؟ إذن هي فاقدة لآلة السمع .. لكن بصرها حديد تباهي به الصقور , أما حاسة الشم فحَوَلها شك ! فرضت هذه القسمة (الضيزى) على فئات الشعب التي لا تملك سوى (هبرة اللسان) أن تتجه نحو الشاطئ وتشغّل هبرة اللسان مطالبة بحقوق ومساواة وديمقراطية إلى آخر هذه السلع الكمالية الغريبة , فلا ترى فيهم طبقة الطبلة سوى اشباح أو اشباه اشباح كل واحد منهم له ثغرة أو فتحة بمقدمة رأسه داخلها هبرة تتراقص بحركة ميكانيكية مرئية وليست مسموعة فلا تثير فيهم سوى الرغبة الشديدة في الضحك . ويستمر المشهد المسرحي إلا ما يشاء الله له أن يستمر فإذا ما تعبت الهبرات من (اللقلقة) الميكانيكية (الصامتة) وتعبت (الاشداق) لدى أصحاب السفينة (طبقة الطبلة) من شدة الضحك ؛ عاد كل فريق الى مهجعه لتسير عجلة الحياة كالمعتاد . ويسود الهدوء ما شاء الله له أن يسود , إلى أن تشتاق طبقة الطبلة الى التسلية والضحك من جديد فتقوم بوخز (طبقة الهبرة) برمح مدبب أو (منساس) على الخاصرة أو تحت الإبط أو بأي جزء حسّاس من الجسم , حتى تهب وتتحرك نحو الشاطئ . وتقول الأساطير إن هذا المنساس هو من صناعات الجن فهو يتكون كل مرة بشكل مختلف , مرة يأخذ شكل قانون انتخاب مليء بالعيوب المقصودة , ومرة على شكل قانون احزاب استفزازي , ومرة تشريعات اخرى فيها عيوب لهذا الأمر أو ذاك , ومرة انتخابات بلدية , ومرة انتخابات برلمانية , ومرة سكن كريم لفاسد كريم , وهناك نية كما تقول ضاربات الودع في أن تطور طبقة الطبلة وخَزَاتها المستقبلية لتأخذ اشكالاً تُوقِف اللقمة في الزور , لكن (المنساس) آنذاك ستصاحبه سيارة اسعاف للعناية (بالهبرات) التي قد تتوقف عن التراقص من شدة التعب فلا يعود هناك ضحك ولا انبساط لطبقة الطبلة المخرومة , ولابد من تجنب ذلك .
ويقال أن تشكل (المنساس الشيطاني) سيكون حينها على عدة أشكال منها : هيئة التأسيس لإعادة بناء الدولة, ومشروع الوفاق الوطني , وتداخل السلطات , ومهام الجيش , والحقوق المدنية للإناث , وحقوق الأطفال والمحرومين , وحقوق الأقليات (لأن جهات دولية قد تطالب بذلك) , والتعليم العالي الذي نريد , وجرائم الشرف ومنعها منعاً بالقانون , أما أكثر الأشكال إثارة للقلقلة (الهبرة) فستكون ذات حساسية خاصة , ( ووخزة قوية تحت الإبط مباشرة) ؛ مثل مسألة قانونية فك الإرتباط , وقوانين المملكة ما قبل فك الارتباط وهل التجميد يلغي الأثر إذا لم يكن هناك تعديل أو الغاء . الخ وشوف ياطويل العمر , كم من الوقت سيمر دون نتيجة , والطبقتان على الشاطئ في مواجهة بعضهما البعض لا تواصل بينهما إلا بالعيون , أما السمع فآليته معطلة , والزمن يمضي وهذا بذاته ما تسعى اليه طبقة الطبلة (كهدف) .
وبالاحالة الى ما يدور حول التعليم العالي والجامعات وتحديداً بآلية الانتداب لرئاسة الجامعات فآخر ما يمكن أن يتوقعه المرء , أن يعرض اساتذة الجامعات أنفسهم (للوخز بالمنساس) حيث لا ينبغي أن تكون آليتهم للمطالبة هي الآلة المعطوبة أياها (الهبرة) فيصيروا مضحكين فتلك لباقي الشعب ممن لا يملكون سواها مع انها معطوبة ؛ فطبقة السلطة لا تسمع (لقلقة الهبرة) بل تراها فقط وتضحك من أصحابها , إذن لا فائدة منها ... ومن الضروري أن تكون لدى الاساتذة آلية أخرى فعالة مفيدة لايصال المطلوب مرئية فقط وليست مسموعة ... أما ما هي وكيف فهذا ما ستوضحه في الحدوتة القادمة ..الجادة جداً .... وكعجالة أقول : الحل في الانتخابات لرئاسة الجامعات .. والمطالبة ينبغي أن تنحصر في المرحلة الحالية بالعمل على ايجاد التشريع الذي يسمح ذلك . هذا بعد أن دارت الشكوك حول مصداقية الانتداب على أساس البرامج والرؤى والتصورات الفردية , وآلية الانتخابات هذه طالبنا بها قبل خمسة عشر عاماً , ولكن الظروف حينها لم تكن لتسمح بذلك .. فهل من مجال لذلك اليوم ؟؟ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* المنساس : رمح خشبي برأسه مسمار يستعمله الحرّاث بوخز الفدّان إذا تباطأ الثور في المشي أثناء جر المحراث البلدي . والفدّان مصطلح يعني به زوج الثيران المستخدمان في الحراثة .