jo24_banner
jo24_banner

الغاز الإسرائيلي.. أداة للهيمنة على الأردن

راكان السعايدة
جو 24 : الأصل أن الأردن لم يعد، بعد، تعريف "إسرائيل" كـ"دولة صديقة"، بالمعنى السياسي، ولم يعد، أو هكذا يفترض، تعريف العقيدة العسكرية لجيشه على أن "إسرائيل" "دولة صديقة" أو "دولة حليفة".

فالغاز الإسرائيلي.. أداة للهيمنة على الأردن ، وتملك لذلك أجندة بخيارات عديدة، وتراقب الظروف الذاتية والموضوعية لها وللمنطقة والإقليم لإنفاذ أجندتها.

وهي أجندة مُعبر عنها في دراسات استراتيجية، ومقاربات بحثية، وتقييمات أمنية، جرى تناولها، تصريحا وتلميحا، في مؤتمرات العديد من مراكز الدراسات والمناسبات السنوية التي تبحث في مستقبل إسرائيل وخياراتها، كمعهد أبحاث الأمن القومي، كذلك المؤتمر السنوي في هرتسيليا.

وتعكس تلك الأبحاث والتقييمات أن الأردن في التفكير الإسرائيلي الاستراتيجي، كيانا، لم يحسم الموقف النهائي منه، وهو ما ظهر جليا واضحا في دراسة لمركز "جافي"، قبل تغيير اسمه، أشرف عليها شخصية أميركية صهيونية مشهورة (مارتن أندك) حملت تلك الدراسة عنوان "خيارات إسرائيل للسلام".

في تلك الدراسة، بقي مستقبل الأردن معلقا في الهواء، فلم تحسم الدراسة، التي أعدت عام (1988)، ما إذا كان لإسرائيل مصلحة في المحافظة على الكيان الأردني بشكله الحالي أم تحويله إلى وطن بديل، والدراسة ذاتها وضعت تقييمات عميقة لكل خيار وتصورات لما قد يثيره من ردود فعل.

إن "إسرائيل" تمارس سياسة، تستهدف إحالة مسألة إقامة الدولة الفلسطينية إلى خانة المستحيل، وترفع إلى منزلة الممكن الحل من خلال الأردن عبر تصعيده كخيار يراوح بين الفدرالية والكونفدرالية والتوطين والوطن البديل.

بالتالي، فان إسرائيل تخلق في الضفة الغربية والقدس أمرا واقعا يدفع الخيار الأردني كمخرج يمكن استنتاجه من قانون يهودية الدولة، والتلاعب بالمقدسات، ببدعة التقسيم المكاني والزماني، وسعي أعضاء كينست لرفع الوصاية الأردنية عنها، فضلا عن الجدار العازل وتوسيع الاستيطان في الضفة وتقطيع أوصالها.

مناسبة التكثيف أعلاه، استدعته النقاشات الراهنة وحال الجدل المتفاقمة حيال اتفاقية الغاز التي ينوي الأردن إتمام إجراءاتها مع الجانب الإسرائيلي، ومدتها خمسة عشر عاما، وهي اتفاقية كيفما فسرتها وبررتها وزينت أعوجاجها لا يمكنها أن تصب في صالح الأردن، سياسيا وأمنيا.

والدولة، أي دولة، لا توازن بين حاجاتها الاقتصادية، وتبعات ذلك سياسيا وأمنيا، تخطىء، إذا ما حاولت أن تقارب بين الحاجة والتبعات دون وضع اعتبار للأخيرة، حتى لو كان ذلك مع دولة صديقة، فكيف الحال مع دولة عدو تمثل تهديدا وجوديا واقعيا لا متخيلا..؟!

فمن شأن اتفاقية الغاز، أن ترهن الأردن للهيمنة الإسرائيلية، وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها ومُداراتها، خصوصا عندما تتعامل مع كيان يفترض انك خبرت خبثه السياسي، فهو يريد وضع اقتصاد الأردن وحاجته للطاقة تحت رحمته، وبالتالي وضع سياقه السياسي تحت تأثيره.

والأردن الذي تعايش، مع أزمة الطاقة، وحمّل الأعباء المتأتية عنها، أو أكبرها، إلى المواطن بعمليات تسعير غامضة، ليس مضطرا أن يربط حاجته للطاقة بإسرائيل، وبشكل استراتيجي.

مصلحته، أي الأردن، أن ينوع خياراته ومصادر طاقته، كي لا يكون عرضة لابتزاز سياسي وعرضة لقطع شريان الطاقة عنه لأي سبب، لأن إسرائيل، ببساطة شديدة، لا يعنيها استقرار الأردن وازدهاره، إلاّ بالقدر الذي تستفيد منه ويخدم مصالحها.

لذلك، مهما كانت الحاجة للطاقة، فمصادرها ليست منعدمة، وكأنه لا سبيل إلاّ إسرائيل، والتصادم مع رغبة الشارع الرافض للتطبيع وغير المتقبل لأي تعاون مع الكيان ليست حنكة سياسية، لأن أصل الأشياء أن مستويات القرار، قبل الشعب، تدرك مخاطر اتفاقية بهذا الوزن مع دولة معادية.

هذه الاتفاقية يرفضها المنطق وترفضها الحسابات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية العميقة والوازنة، وترفضها الناس الكارهة لإسرائيل، والإصرار عليها يمثل مكابرة ومعاندة غير مفهومة..

باختصار.. لا يعقل أن تُحمل الشعب كل ما حمّلته إياه جراء قصة الطاقة وكلفِها الغامضة منذ سنوات، وتعود به إلى عدوه لتضعه تحت رحمته وبلا رغبة أو موافقة منه.. !!
تابعو الأردن 24 على google news
 
ميثاق الشرف المهني     سياستنا التحريرية    Privacy Policy     سياسة الخصوصية

صحيفة الكترونية مستقلة يرأس تحريرها
باسل العكور
Email : info@jo24.net
Phone : +962795505016
تصميم و تطوير